التحالف الوطني يعزز شراكاته مع الأمم المتحدة    «عبدالعاطي» يبدي استعداد مصر لإعادة إعمار اليمن    تحديد موعد مبدئي لكأس السوبر المصري    أخبار الأهلي: ثنائي الأهلي يطير إلى السعودية    جالانت: لدينا خطط جاهزة لشن مزيد من الضربات على «حزب الله»    شركة المطورون العرب القابضة تشارك في سيتي سكيب 2024.. وتطرح مرحلة MUSE بنيووم مستقبل سيتي    بالأسماء| 364 مستشارًا في الحركة القضائية ل المحكمة الإدارية    رياضة البحيرة تواصل مشروع اللقاءات الرياضية للفتيات بمراكز الشباب (صور)    ضبط عنصرين إجراميين هاربين من أحكام بالسجن 140 عامًا بالدقهلية    «الأرصاد» تكشف حالة الطقس غدا.. احترس من الشبورة المائية في الساعات الأولى    العثور على جثة متعفنة لسيدة متوفاة منذ 3 أيام في بورسعيد    وزير الثقافة يستقبل سفير قطر بالقاهرة ويبحثان سبل تعزيز التعاون الثقافي    صحة الشرقية تعلن تنفيذ المبادرات ورش اليرقات بإدارة فاقوس الصحية    عوض تاج الدين: الذباب يمكنه نقل الأمراض وإصابة المواطنين بالنزلات المعوية    متحدث الإسكان: قرار إلغاء 70% من غرامات تأخير الشقق والمحال لدعم المواطن    «الصحفيين» تحتفي ب"150 عاما على مجلة روضة المدارس".. وتسأل: لماذا اختفت الصحافة المدرسية؟    وفد من الاتحاد الأوروبي يزور الأديرة والمعالم السياحية في وادي النطرون - صور    تحديد موعد أول كلاسيكو فى الموسم بين ريال مدريد ضد برشلونة    5 توصيات لندوة مجلة الأزهر الشهرية حول المرأة    حقوق الإنسان التى تستهدفها مصر    الكشف والعلاج المجانى ل378 حالة ضمن قافلة "بداية" بجراجوس فى قنا    التحضيرات الأولى للعرض الخاص لفيلم "عنب"    خالد الجندي يوجه رسالة للمتشككين: "لا تَقْفُ ما ليس لكم به علم"    أمين عام هيئة كبار العلماء: تناول اللحوم المستنبتة من الحيوان لا يجوز إلا بهذه الشروط    روسيا: العالم الحديث يواجه تحديات غير مسبوقة ووحدة الدول ضد النازية دفعت لإنشاء الأمم المتحدة    فنانو مصر يدعمون لبنان    صندوق أسرار مريم الجندي.. والدها من أشهر الفنانين وأخوها مخرج معروف    محافظ الدقهلية يشهد نموذج محاكاة للتأكد من استعداد الوحدات المحلية لمواجهة سقوط السيول والأمطار    البنك المركزي المصري يقبل ودائع بقيمة 848.4 مليار جنيه    تأكيد مشاركة 45 وزيرًا و70 رئيس مدينة حتى الآن.. تفاعل دولي ومحلي واسع لاستضافة مصر المنتدى الحضري العالمي 4 فبراير المقبل لتدشين حقبة جديدة للتنمية العمرانية    بمجموعة من الإعفاءات.. «الضرائب»: النظام المتكامل للممولين يتميز بالتعامل مع كافة الأوعية    ترتيب الفرق في بطولة PUBG Mobile Super League (EMEA) بعد الأسبوع الأول    اتحاد الكرة يعلن عن تشكيل الجهاز الفني لمنتخب الشباب بقيادة روجيرو ميكالي    وزير العمل: مصر تدعم كل عمل عربي مشترك يؤدي إلى التنمية وتوفير فرص العمل للشباب    رئيس جامعة القاهرة: لدينا علاقات قوية مع الجامعات الصينية ونبحث تبادل الزيارات والبرامج المزدوجة    وزيرة التضامن تتوجه إلى جنيف للمشاركة في فعاليات الدورة ال 57 لمجلس حقوق الإنسان    بلال ل أحد منتقديه: نصحناك من 20 سنة..«تمارس مهنة مش مهنتك»    زيلينسكي يسعى لحشد الدعم للبنية التحتية للطاقة في أوكرانيا    اختلال عجلة القيادة.. تفاصيل إصابة 4 أشخاص إثر تصادم سيارتين بمنشأة القناطر    الجيزة تزيل 13 كشك و"فاترينة" مقامة بالمخالفة بالطريق العام في المنيب    الشلماني يثير حفيظة القطبين قبل موقعة السوبر    جامعة الأزهر: إدراج 43 عالمًا بقائمة ستانفورد تكريم لمسيرة البحث العلمي لعلمائنا    CNN: استراتيجية ترامب فى إثارة مخاوف الناخبين بشأن الاقتصاد تحقق نجاحا    إيرادات مفاجئة لفيلم عاشق في دور العرض المصرية.. تفاصيل وأرقام    صوت الإشارة.. قصة ملهمة وبطل حقيقي |فيديو    وزيرة البيئة تتوجه إلى نيويورك للمشاركة في أسبوع المناخ    وزير الصحة يتفقد مكتب صحة الأسرة بالفجالة ويحول المتغيبين عن العمل إلى التحقيق    ضغوطات وتحديات في العمل.. توقعات برج الحمل في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2024    الإسماعيلي ينتظر رد «فيفا» اليوم لحسم ملف خليفة إيهاب جلال (خاص)    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة الاستراتيجي التعبوي التخصصي    العراق يمنح سمات الدخول إلى اللبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية    باستخدام كبرى العلامات التجارية.. التحقيق في واقعة ضبط مصنع أسمدة منتهية الصلاحية بالغربية    النزلات المعوية.. مستشار الرئيس: نستنفر لخدمة المرضى دون تأخير.. ده واجب قومي علينا    وزير الخارجية: لا يمكن الحديث عن تنمية اقتصادية واجتماعية دون أمن واستقرار    الصحة تعلن حصول 3 مستشفيات على شهادة اعتماد الجودة من GAHAR    الإفتاء: الإسلام حرم نشر الشائعات وترويجها وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الأليم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في محافظة قنا    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فنى إضاءة فى القصر يكشف كواليس الرئيس المعزول فى 12 شهراً
«الحُمصانى»: «مرسى» أعلن الطوارئ ثم دخل «يتعشى».. و«الإرشاد» أرسل كاميرا لتصوير كل نشاطاته
نشر في الوطن يوم 13 - 07 - 2013

أكثر من 15 سنة قضاها «عادل الحمصانى» فى وظيفته بين جنبات القصر الجمهورى، كان يقف وجهاً لوجه مع الرئيس الأسبق مبارك، ومن بعده مرسى، وبطبيعة الحال التقى كل الكبار الوافدين للقصر، من المشير حسين طنطاوى القائد الأعلى للقوات المسلحة سابقاً، إلى قيادات الإخوان. تغير كل هؤلاء وبقى هو فى مكانه، فوظيفته واحدة لا تتغير، وهى إضاءة وجه الحاكم بالمصابيح الكهربائية من أجل صورة أفضل أمام الجماهير.
عدل نظارته الطبية، ثم فحص بدلته مزهواً بأنه أول رئيس منتخب لمصر، ترجل من سيارته، ثم فتح له حراس قصر الاتحادية الأبواب، التحية العسكرية كانت له، قابلها بالابتسامة، تجول داخل مقر عمله الرئاسى يرى ما يحويه من مقتنيات ولوحات تاريخية، ثم دلف سريعاً إلى المكتب، تفحص كرسيه بعناية، ثم حاول الجلوس بهدوء، لتستشعر أحاسيسه كل تفصيلة، جلس على المقعد الوثير؛ فارتسمت ضحكة على وجهه، وما هى إلا لحظات حتى أصدر زفيراً حاداً من رئتيه، الجميع ممن حوله شعروا به، بمن فيهم «عادل الحُمصانى»، تنهد تنهيدة المنتصر الذى أتعبته الحروب والصراعات، وكأنه يريد أن يقول للحاضرين «أخيراً.. أنا رئيس الجمهورية».. يصف فنى الإضاءة فى الرئاسة -الذى كانت مهمته ضبط الإضاءة على وجه الرئيس أثناء التصوير أو المؤتمرات الصحفية- لحظة جلوس مرسى على كرسى مبارك بقوله «كأنه عطشان بقاله سنين وواحد إداله شوية ميه بلّ ريقه بيهم».
أيام الرئيس الأسبق مبارك، وطوال عمل «الحمصانى»، لم يتردد على مسامعه أذان الصلاة، إلا أن الرجل صاحب ال49 سنة، وجد فى محمد مرسى «الراجل المتدين اللى هيتقى ربنا فينا»، يتذكر المكان الذى أنشأه «مرسى» إلى جوار مكتبه الذى يجلس فيه دوماً «كانوا بتوع الرياسة فارشين سجاجيد.. وبصراحة مع كل أذان كان يسيب المكتب ويروح يصلى»، إلا أنه لا ينسى ذلك الموقف.. رفعت مكبرات الصوت أذان المغرب، كعادته كان يجلس «الحمصانى» حاملاً معدات الإضاءة فى انتظار الأوامر من «أحمد عبدالعاطى» -مدير مكتب الرئيس- سواء بالاستعداد للعمل أو الرحيل، لكنه فجأة رأى الرئيس يخرج لأداء الصلاة، مشاعر «الحُمصانى» دفعته إلى الوضوء ثم الذهاب سريعاً إلى «المصلية» لأداء الصلاة خلف الرئيس «ويا ريتنى ما صليت».. يقولها بحزن، قبل أن يُتابع «فى الرياسة كان لازم نلبس البدل.. وأنا قلعت الجاكتة وصليت ورا الريس».. انتهت الصلاة على خير، إلا أن الموظف بقطاع الأخبار فوجئ بمجموعة من أعضاء الإخوان يقتادونه ويتحدثون معه ويسألونه وكأنه استجواب «إنت مين.. وتبع إيه؟»، أجابهم «الحُمصانى» فى هدوء، لكن لحظات قليلة مرت ليفاجأ بضباط الحرس الجمهورى يطلبون منه «كارنيه» التليفزيون فامتثل ثم فرّ غاضباً خارج ساحة قصر الاتحادية ليحاول أحد الضباط استعطافه «معلش يا حمصانى.. دى أوامر والله».. حاول معرفة ما يجرى لتأتيه الإجابة من الضابط «أصل الريس متضايق عشان إنت صليت وراه من غير البدلة»، امتعض وجه الرجل أكثر فأكثر وخرجت الكلمات الغاضبة من فمه «يا جماعة حرام إللى إنتو بتعملوه معانا ده.. أنا بقالى أكتر من 25 سنة فى الرياسة ومحدش قالى إنت تبع إيه». لم يكن أمام «الحمصانى» سوى الاتصال برئيسه فى قطاع الأخبار ليأتيه الرد «متقلقشى.. الكارنيه هيجيلك».. لم تكن الأزمة معه فى «الكارنيه» -على حد قوله- ولكن فى الإهانة التى تعرض لها وفكرة «ضيق الرئيس من موقف تافه».
على المصلية الصغيرة الكائنة إلى جوار مكتب رئيس الجمهورية، كان «الحمصانى» يرى دائماً شخصاً يصلى معه دوماً وهو طارق الزمر -عضو الجماعة الإسلامية- «ده بقى مكنش بيدخل قصر الاتحادية غير باللبس الخاص بتاعه.. الجلابية البيضاء وعليها الجاكتة»، شعر «الحمصانى» بغُصة خوف فى قلبه عندما وقعت عيناه على مجموعة من الملتحين، قيادات بحزب النور والجماعة الإسلامية، بلحاهم الكثيفة، وهم يتجولون داخل قصر الاتحادية، ويجتمعون مع «مرسى»: «وقتها بس حسيت أن البلد هتضيع.. وخفت جداً من اللى جاى».. يُكمل قصته مع «الزمر»: «كان بيجتمع مع الرئيس وبعدها على طول يتغدوا مع بعض.. ده تقريباً كان روتين يومى»، متذكراً أيام المخلوع «مبارك»: «مكانش بياكل خالص.. بسبب مرضه».
وحسب كلام عادل، كان الطعام أحد الكوارث التى كانت ترتكب داخل القصر الجمهورى، يعود الرجل بذاكرته إلى الوراء، يرى أمامه مبارك وهو يدخل من بوابة القصر صباحاً، لم يكن يتناول أية أطعمة أثناء مواعيد العمل الرسمية التى كانت تمتد لنحو 8 ساعات يومياً، على عكس مرسى الذى كان يقضى «اليوم كله» داخل القصر الأمر الذى دعاه لعقد ما يصفه «عادل» بالولائم، «البط والوز» كانت من الأشياء الغريبة على القصر الذى كان فيما مضى أحد أهم القصور الرئاسية «مكنتش متصور أن رئيس ممكن يكون جعان بالشكل ده.. كان بيعزم أصحابه عزايم تقيلة.. وده شىء غريب جداً» المدة التى كان يقضيها «مرسى» فى قصر الاتحادية يصفها «فنى الإضاءة» بالمهولة، فالرئيس كان يدخل من بوابة القصر فى العاشرة صباحاً ويستمر فى العمل حتى 12 بعد منتصف الليل «ويا ريته كان بفايدة، أنا مش عارف كان بيعمل إيه كل ده، كان مكدرنا جنبه ومحدش بيقدر يمشى غير لما الريس يمشى»، طول فترة العمل جعل الرئيس يأمر لهم بوجبة مكونة من «ربع فرخة وخضار سوتيه ورز أبيض» إلا أن سوء طعمها جعل الطاقم الرئاسى يعزف عن تناولها.
الحكم على المتهمين فى مجزرة بورسعيد كان له صدى داخل القصر الرئاسى -وفقاً ل«الحمصانى»- شبه حرب أهلية قد بدأت فى بورسعيد والإسماعيلية والسويس، وآن ل«مرسى» أن يوجه خطابه للأمة من أجل وقف المزيد من الدماء. أحمد عبدالعاطى دائم الدخول والخروج من مكتب «مرسى»، لا يترك الهاتف، وكأنه يأخذ تعليمات بما ستحويه فقرات الخطاب -حسب عادل- الذى تحرك نحو استوديو الرئاسة فى انتظار الرئيس من أجل خطابه «وقتها كان ياسر على موجود. وقال لنا أول ما اديكم الإشارة اطلعوا هوا على طول»، اعتلى الرئيس المنصة، وأعطى «ياسر على» إشارة البدء.. فتم إذاعة البيان على الهواء.. إلا أن المتحدث باسم الرئاسة وقتها دخل فى كادر الصورة ليُصحح سطراً فى الخطاب، وهو ما التقطته عدسات الكاميرا. فرض مرسى حالة الطوارئ، وعندما انتهى من الخطاب فوجئ «الحمصانى» ومن يعملون بكلمات تنهرهم «انتو ايه اللى بتعملوه ده.. خربتم الدنيا.. مين قالكم اطلعوا هوا».. ليأتيهم الرد «الدكتور ياسر هو اللى أمرنا».
طوال مدة خدمة «عادل» فى القصور الرئاسية التى استمرت نحو 15 سنة، كان التليفزيون المصرى هو وسيلة الإعلام الوحيدة المخول لها نقل نشاطات الرئيس، إلا أن الوضع اختلف جذرياً فى عهد مرسى، فبجانب كاميرا التليفزيون المصرى، جاءت كاميرا «مجهولة» يقف إلى جوارها «واحد منهم» يقوم بتصوير كل نشاطات الرئيس ويبعثها ل«مكتب الإرشاد»، الكاميرا التليفزيونية كانت تصور كل شاردة وواردة للرئيس، حسبما يؤكد «الحمصانى» الذى يقول «مش عارف يعنى إيه كاميرا تانية تعمل كده.. ده انتهاك للأمن القومى»، مُشغل الكاميرا شاب يدعى «عبدالحميد» يقول عنه «عادل» أنه لا يتجاوز 25 سنة، ورغم قلة خبرته فإنه كان المسئول عن «الميديا الرئاسية»، فقد كان يعطى فى بعض الأوقات مجموعة من الأوامر لمصورى التليفزيون المصرى، الأمر الذى أثار غضبهم فى البداية، ويحكى عادل أن الكاميرا كان يعمل عليها شخص واحد، ومع تغول الرئيس فى الحكم، بدأت وفود من الإخوان غزو القصر «الرئيس عين أكثر من 150 واحد إخوانى فى القصر، كانوا بيستولوا على البلد».
فى الطابق الثانى لقصر الاتحادية الذى بنى فى عام 1910، يقع مكتب الرئيس، وبجانبه مكتب الدكتور أحمد عبدالعاطى، وبحسب «عادل» فإن جميع القرارات كانت تتخذ من جانب «عبدالعاطى» الذى كان العاملون فى القصر يحاولون البعد عنه «كان عصبى باستمرار وبيزعق على طول والناس مكنتش بتحبه»، طبيعة العلاقة التى تربط الرئيس والمعاونين له «غريبة» على حد تعبير «الحمصانى» الذى يؤكد أن مناخ عدم الثقة سيطر على القصر «كانوا بيتكلموا مع بعض بالراحة ومعتبرين اللى موجودين فى القصر خونه وأتباع النظام السابق».
من أعلى منطقة فى قصر الاتحادية كان يجلس «الحمصانى» فيرى بعينيه ما كان يفعله نجل الرئيس «عمر»: «كان بيخلع هدومه ويقوم ناطط فى حمام السباحة».. متذكراً أيام «مبارك» الذى يحكى عن ولديه جمال وعلاء بقوله «كانوا قبل ما بينزلوا حمام السباحة يسألوا المياه دى اتغيرت آخر مرة إمتى.. ونسبة الكلور فيها أد إيه».. «عمر» كان لا يفارق والده ودائم الدخول والخروج بسيارته المرسيدس، يفعل ما يحلو له وكأنها عزبة، إلا أن ذلك لم يؤثر فى وجهة نظر الموظف بقطاع الأخبار فى «مرسى»: «هوه فى النهاية كان راجل طيب جداً.. بس الناس اللى حواليه كانوا مرعبين.. زى نظام مبارك بالظبط».
«أول ما شفت الكراسى.. عرفت أن مرسى باى باى» يقول «عادل الحمصانى» معلقاً على اللقاء الذى تم بين الرئيس والفريق أول عبدالفتاح السيسى بحضور رئيس الوزراء هشام قنديل، بروتوكول مقابلة الرؤساء يفرض وضعاً معيناً على غرفة الاجتماعات التى يتم فيها اللقاء، فحسب عادل، يجب أن يكون «كرسى الرئيس لا شبيه له» ويجب ألا يوضع أى كرسى آخر فى المواجهة مع الرئيس، عكس ما حدث مع السيسى، فأحد القائمين على تنظيم الغرفة أمر بإحضار «كرسى زى بتاع مرسى» ووضعه فى الطرف المقابل للرئيس، الأمر الذى يُعد مخالفة رهيبة لكل الأعراف الرئاسية، علاوة على جلوس رئيس الوزراء فى المنتصف بين مرسى والسيسى على «كنبة» تختلف فى الشكل عن الكرسى الرئاسى وكرسى «السيسى» الأمر الذى يؤكد وجود «ندية» فى ذلك الوقت بين القائد العام والقائد الأعلى، اللقاء الذى استمر 90 دقيقة ساده جو من العبوس وانعدمت فيه الكلمات سوى من بضع مجاملات قالها مرسى للسيسى «مرسى كان قاعد يضحك والسيسى كان قاعد مكشر، رغم أن ده غريب لأن البروتوكول بيقول أن الرئيس لما يضحك لازم الكل يضحك»، يؤكد «فنى الإضاءة» أن وزير الدفاع اجتمع مع الرئيس فى ذلك التوقيت لإعطائه فرصة وللتأكيد للمصريين أنه يقف مع الشرعية طالما التزم الرئيس بالمطالب الشعبية. انتهى اللقاء الذى يصفه «الحمصانى» بالفاتر، وقام الرئيس بمصاحبة السيسى حتى باب القاعة، سلم الفريق السيسى على جميع ضباط الحرس الجمهورى الموجودين فى المكان بمودة وحب «أصل الناس هناك بتحترمه جداً وبتحبه قوى»، الحرارة فى السلام على الضباط جعلت الهواجس تنتاب عقل الرجل الأربعينى «كنت مشتت، حسيت أن السيسى بيودعهم، بس رجعت وقولت لأ، مستحيل الأسد ده يتخلى عن دوره».
التوتر يعم المكان، والصيحات تتصاعد، والأوامر تأخذ طابع الحدة، فمهلة الرئيس شارفت على الانتهاء، داخل دار الحرس الجمهورى، تلقى «عادل» الأوامر من الدكتور أحمد عبدالعاطى مدير مكتب رئيس الجمهورية أن يستعد وفريقه لتصوير خطاب للرئيس، أعد الرجل الأربعينى أدواته، 30 دقيقة مرت منذ تلقيه الطلب، لحظات وخرج محمد مرسى من مكتبه، الدكتورة باكينام الشرقاوى طلبت منه الابتسام للكاميرا، فكل شىء تحت السيطرة، كلماته قد تسدل ستائر النهاية والنسيان على الاحتجاجات فى الشارع، تمهل الرئيس بضع دقائق قبل أن يطلب منه «عبدالعاطى» الاستعداد لدخول «الهواء»، «ومع آخر الكلمات فى الخطاب أدركت أن محمد مرسى بات فى طى النسيان»، إلا أن ردود الأفعال والتهليل لكلمات الرئيس فى خطابه الأخير جعلت «عادل» يدرك أنه «مغيب تماماً»، الابتسامة التى علت وجه «باكينام» والضحكة التى أطلقها «عبدالعاطى» كانت إيذاناً بتصاعد الغضب فى نفس «عادل الحمصانى»، نظر من نافذة استوديو تسجيل الخطاب فوجد ابن الرئيس الأصغر «عمر» يركب سيارته «المرسيدس» ويطلق أبواقها ويؤدى بها حركات بهلوانية فى ساحة دار الحرس الجمهورى احتفالاً بكلمات أبيه، الأمر الذى دعاه لاتخاذ قرار خطير، اتصل بأحد أصدقائه، وأخبره عن مكان الرئيس الذى كان مجهولاً فى هذا الوقت «كنت عايز أجيبله الناس لحد عنده عشان يسمع بودانه هتافاتهم، اتصلت بصاحبى وقولتله مرسى فى الحرس الجمهورى انشر الخبر وهات الناس على هنا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.