ظل أنصار مبارك ينفون الثورة عن 25 يناير مثلما ينكر الآن الإخوان أصحاب الهوى أن 30 يونيو ثورة أو امتداد لثورة، وآخر هؤلاء المنكرين بجريدة الشروق المستشار طارق البشرى الذى يغفل أن الحالة الثورية النشطة لم تتوقف منذ الإطاحة بمبارك رغم الاستفتاءات والانتخابات، وتصويت الناس بأمل الاستقرار والانتهاء من التشطيبات مع علمهم بالعوار المصاحب. اعتبر القاضى العادل يناير ثورة رغم أن مبارك سلم البلاد للجيش واعتبر يونيو انقلابا عسكرياً رغم أن الشعب هو من استدعى الجيش (انزل يا سيسى مرسى مش رئيسى). نفهم أن المستشار ينكر 30 يونيو لأنها أخرجته تماماً من التاريخ ومن القانون. الرجل يدافع عن إعلانه الكسيح فى مارس (الانتخابات أولاً) الذى أثبت فشلا يذكر فى علوم السياسة والقانون، والذى أجج الثورة دوماً لأنه خالف المنطق وحالف الهوى فلم يحقق أبداً استقراراً ولا منفعة بل كان طريق الموت للإخوان فى وقت قصد منه أبديتهم ونهاية خصومهم عندما أعطى صفارة الحكم والملعب والميكروفون والمدرجات لأحد اللاعبين فاستبد، مما دفع الناس لعزله بنفس الطريقة التى خلعوا بها المستبد السابق فى 25 يناير فحددوا موعداً مسبقاً لإسقاط الرئيس وزادوا بالتوقيع بأرقامهم القومية. فى يناير كلف الجيش المستشار وآخرين صياغة إعلان مارس فلم يعتبره انقلابا بينما انتقد مشاركة مؤسسات رسمية وقوى شعبية فى صياغة طريق يونيو، وفى الثورتين طلب الشعب حماية الجيش واشتد طلبه فى يونيو لأن للرئيس المعزول أنصاراً مسلحين أفزعوا الناس بالسحق والدم وفى حضور وبدعم المعزول. سيناريو واحد لإسقاط نظامين، فلماذا يعتبر البعض يناير ثورة ضد مبارك ولا يعتبر يونيو ثورة ضد مرسى والإخوان؟ الحقيقة أن المدة القصيرة بينهما تظلم الأخيرة بعدم وصفها ثورة، وهى ثورة ليس لأن أعداد المشاركين فيها أشمل وأضعاف من شاركوا فى يناير بل لأن ظروفها الموضوعية كانت أوفر: استبداد وفساد مبكر وسوء الحالة الاقتصادية والأمنية وعجز إدارى واضح وانكشاف الأمن القومى، إضافة للوعى الشعبى الفائق مما عجل بها مع سقوط شرعية المعزول بحنثه باليمين ومسئوليته عن قتل معارضيه وحبسهم. ويؤرق المستشار البشرى الذى أسس طريق الموت فوحل فيه مع إخوانه مسألة: هل تحتفظ مصر بالنظام الدستورى الديمقراطى (الذى أسسه طبعا)؟ ولا أعرف عن أى نظام يتحدث رجل القانون إذا كانت المحكمة الدستورية قد حكمت ببطلان لجنة دستورهم التأسيسية صحبة مع بطلان مجلس الشورى ورغم أن المحكمة حصنت نتاج الباطل فإنهما يظلان باطلين، وكان يلزم إعادة إنشائهما ما لم يشر إليه النظام الساقط، ويتناسى المستشار أن تحصين الباطل ما كان ليحدث لولا حصار جماعة الحكم للدستورية، فهل هذا الباطل الذى يتباكى عليه يسميه النظام الدستورى الديمقراطى؟ وانتقد المستشار المعارضة التى لم تنتظر انتخابات مجلس الشعب وأذكره أن دستور الجماعة التى لا يعلن انضمامه إليها رغم الهوى سُلق بسرعة بينما قانون الانتخابات عطل عمداً بين الشورى والدستورية لأنه لا مصلحة للجماعة فى إنجازه سريعاً ولديها مجلس الشورى. فى الحالة الثورية لا يكون الشعب صبوراً لينتظر العبث والتلاعب به!