تهدد الخلافات الداخلية بعرقلة خطط الانتقال السياسي في مصر، خاصة في ظل إصدار النيابة العامة أوامر ضبط وإحضار لقيادات جماعة الإخوان التي تُتهم بالتحريض على اشتباك مع جنود في القاهرة قتل فيه 53 من المحتجين. وأثارت أعمال العنف التي وقعت بين مؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي والجنود أمام نادي ضباط الحرس الجمهوري، خلافات عميقة في أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان. وقال جهاد الحداد، المتحدث باسم جماعة الإخوان، إنه لم يتم اعتقال أي من قياديي الجماعة، وإن بعضهم يشارك في الاعتصام عند مسجد رابعة العدوية، حيث يعتصم آلاف من مؤيدي مرسي منذ نحو أسبوعين رغم حرارة الجو. وقال إن الاتهامات الموجهة إليهم بالتحريض على أعمال العنف "ليست سوى محاولة من الدولة البوليسية لفض اعتصام رابعة". وأضاف: "ماذا نفعل في دولة بوليسية عندما تكون قوات الشرطة مجرمة والقضاء خائن والمحققون يزيفون الحقائق؟ ماذا نفعل؟". وقالت "رويترز": "يتزايد انقسام المصريين البالغ عددهم 84 مليون نسمة بين من احتشدوا يوم 30 يونيو"، للمطالبة باستقالة "مرسي"، وإسلاميون غاضبون يقولون إن حقوقهم الديمقراطية سلبت فيما وصفوه بأنه انقلاب عسكري. وفي تطور منفصل دعت حركة (تمرد) التي نسقت للاحتجاجات الحاشدة ضد مرسي، مؤيديها إلى التجمع في ميدان التحرير بوسط القاهرة للاحتفال بحلول شهر رمضان. ويأتي شهر رمضان هذا العام في ظل أزمة تركت المجتمع المصري أكثر انقساما من أي وقت مضى في التاريخ الحديث. وهدأ الوضع في القاهرة والمدن الأخرى بدرجة كبيرة منذ احتجاجات الأسبوع الماضي. وقال حازم الببلاوي رئيس الوزراء المؤقت، ل "رويترز"، إنه يتوقع الانتهاء من تشكيل الحكومة الانتقالية بحلول أوائل الأسبوع القادم، وهو يسعى إلى تنفيذ "خارطة الطريق" المدعومة من الجيش التي تشمل إجراء انتخابات برلمانية جديدة في غضون ستة أشهر. ويقر الببلاوي بأن تشكيل حكومة تحظى بتأييد شامل يمثل تحديا. وقال "لا أعتقد أن أي شيء يمكن أن يحصل على إجماع". وأضاف: "بالطبع نحن نحترم الرأي العام ونحاول الالتزام بتوقعات الشعب لكن هناك دائما وقتا للاختيار. هناك أكثر من بديل ولا يمكنك إرضاء الشعب كله". وهناك عقبة محتملة أخرى في عملية سياسية ضرورية لاستعادة الاستقرار، وهي المشاحنات بين الأحزاب الإسلامية والليبرالية بشأن صياغة دستور جديد، ولا سيما المواد الخاصة بالشريعة. وأثارت أعمال العنف التي وقعت بعد الإطاحة بمرسي في 3 يوليو، قلقا بين المانحين الغربيين، وكذلك إسرائيل التي وقعت مع مصر معاهدة سلام عام 1979. وانتهجت واشنطن خطا متحفظا فلم ترحب بالإطاحة بمرسي أو تندد بما حدث على أنه "انقلاب"، وهو ما يقضي بموجب القانون الأمريكي بوقف المساعدات بما في ذلك 1.3 مليار دولار يحصل عليها الجيش كل عام، لكن سقوط جماعة الإخوان لقي ترحيبا من ثلاث دول خليجية، فأغدقت المساعدات على القاهرة لدعم اقتصادها المأزوم. وأصبح الفريقان سواء مؤيدو مرسي أو معارضوه شديدي الانتقاد للولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة. ويقول معارضو مرسي إن إدارة الرئيس باراك أوباما دعمت الإخوان في السلطة، بينما يعتقد مؤيدوه أن واشنطن تقف وراء مؤامرة للإطاحة به. وقال رجل ملتح في اعتصام رابعة العدوية، يدعى السيد عبدرب النبي، إن "أوباما يؤيد الديمقراطية فقط عندما تذهب إلى غير الإسلاميين". وفي ميدان التحرير يظهر العداء بنفس القوة. وقال توفيق منير وهو يلوح بلافتة كتب عليها "نحن الانقلاب"، في تجمع في الآونة الأخيرة، إن "أمريكا أقامت تحالفا مع الإخوان ضد الشعب المصري. الآن يقاتل الإخوان ضدنا في الشوارع، يقاتلون لاستعادة السلطة وأمريكا تجلس في وضع المتفرج".