أكد الرئيس الأمريكى باراك أوباما، أن الولاياتالمتحدة تتوقّع من قيادة الجيش أن تضمن حماية حقوق جميع المصريين، مشيراً إلى أن بلاده ستواصل الشراكة طويلة الأمد مع مصر، التى تستند إلى مبادئ المصالح والقيم المشتركة، إضافة إلى الاستمرار فى العمل مع الشعب المصرى، لضمان نجاح الانتقال الديمقراطى. وأشار «أوباما»، فى بيان له، إلى أنه يدعو الجيش المصرى إلى إعادة السلطة الكاملة إلى حكومة مدنية منتخبة من خلال عملية شاملة وشفافة بشكل سريع، مؤكداً ضرورة تجنُّب أى اعتقالات تعسُّفية ضد الرئيس السابق محمد مرسى ومؤيديه. وتابع: «وجهت الإدارة الأمريكية والوكالات الأمريكية المختصة ولجنة الاعتمادات بالكونجرس الأمريكى، لمراجعة ما يترتب على ما شهدته مصر مؤخراً فيما يتعلق بالمساعدات الأمريكية للحكومة المصرية، وفقاً لما ينص عليه القانون الأمريكى». وتنص المادة 7008 من قانون عمل وزارة الخارجية الأمريكية وبرامج المساعدات المرتبطة بها، على أنه «لا يجب الالتزام بالمساعدات المالية أو الأموال المخصّصة طبقاً للمواد من 3 إلى 5 من نص القانون، والتى تُمنح لأى دولة تم انتخاب رئيس حكومتها على نحو وافٍ، إذا تم الإطاحة به فى انقلاب عسكرى أو إعلان صادر عن الجيش أو أى انقلاب أو إعلان يدعمه الجيش، بشرط أن تُستأنف المساعدات لتلك الحكومة إذا أقر الرئيس الأمريكى أو تعهّد أمام لجنة الاعتمادات التابعة ل(الكونجرس) الأمريكى، بأنه ستأتى حكومة منتخبة ديمقراطياً بعد وقف المساعدات. ولا تطبّق أحكام تلك المادة فى استخدام المساعدات المخصّصة لمجال ما، فى تطبيق الانتخابات الديمقراطية أو المشاركة العامة فى العملية الديمقراطية، وتظل الأموال المخصّصة للمساعدات طبقاً للأحكام السابقة من القانون، خاضعة لإجراءات التنويه العادية للجنة الاعتمادات بالكونجرس الأمريكى». وشدّد «أوباما» على أهمية سيادة القانون وإجراء محاكمات حرة ونزيهة أمام محاكم مدنية، مضيفاً: «الولاياتالمتحدة تدعم مجموعة من المبادئ الأساسية، ولا ندعم أفراداً أو أحزاباً بعينها، ولكننا ملتزمون بالعملية الديمقراطية واحترام سيادة القانون، ومنذ بدء الاضطرابات، دعونا الأطراف إلى العمل معاً من أجل معالجة مطالب الشعب». من جانبه، أعرب زعيم الأغلبية فى مجلس النواب الأمريكى، السيناتور الجمهورى إيريك كانتور، عن أمله فى أن يفتح رحيل الرئيس السابق الطريق نحو مستقبل أفضل لمصر، مؤكداً أن الاستقرار فى مصر «بالغ الأهمية» لأمن الولاياتالمتحدة وحلفائها، واصفاً «مرسى» بأنه «عقبة» أمام الديمقراطية الدستورية التى يريدها المصريون. وقال السيناتور الأمريكى باتريك ليهى، رئيس اللجنة الفرعية المشرفة على المساعدات الخارجية ب«الكونجرس»، إن لجنته ستعيد النظر فى المساعدات السنوية التى تقدّمها الولاياتالمتحدة إلى مصر عقب الإطاحة ب«مرسى»، مؤكداً أن «الزعماء العسكريين فى مصر يقولون إنه ليست لديهم النية أو الرغبة فى الحكم، وأتمنى أن يصدقوا فى وعدهم. قانوننا واضح، تُقطع المساعدة الأمريكية حين يطيح انقلاب عسكرى بحكومة منتخبة ديمقراطياً». من جانبه، حذّر رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيوش الأمريكية، الجنرال مارتن ديمبسى، من عواقب اعتبار واشنطن خطوات عزل «مرسى» انقلاباً عسكرياً، مشيراً -فى تصريحات لشبكة «سى إن إن» الأمريكية- إلى أن «مصر بلدهم على أى حال، وسيجدون طريقهم، ولكن ستكون هناك عواقب إذا أُسىء التعامل مع الأمر، هناك قوانين تحكم كيفية تعاملنا مع هذه الأنواع من المواقف». وفى السياق ذاته، أكدت مصادر بارزة بالحكومة الإسرائيلية، فى تصريحات لموقع «جلوباس» الإخبارى الإسرائيلى، أن إسرائيل قلقة من احتمالات تعامل الولاياتالمتحدة مع الأحداث فى مصر، على أنها انقلاب وقطع للمساعدات الأمريكية عن مصر، وهو ما يؤثر سلباً على أمن إسرائيل على حدودها مع سيناء، ويُهدد اتفاقية السلام. وأشار الموقع الإسرائيلى إلى أن مصادر أمريكية بارزة، أكدت له أن «إسرائيل ستتقدم بطلب رسمى إلى الولاياتالمتحدة لمحاولة إيجاد حل بديل لاستمرار المساعدات العسكرية لمصر، وعدم قطعها، على الرغم مما ينص عليه القانون الأمريكى بشأن الانقلابات العسكرية». وأضاف: «المصادر مطلعة على مثلث العلاقات بين مصر وإسرائيل وواشنطن، وأكدت أن إسرائيل ستّتقدم بذلك الطلب، خشية تعرُّض اتفاقية السلام مع مصر، لأى تهديدات ناجمة عن قطع المساعدات، مشيرة إلى أن السبب الوحيد الذى دفع الكونجرس الأمريكى -المؤيد لإسرائيل- للموافقة على بقاء حكومة الإخوان فى الحكم، رغم اتهامه لها بالفشل، هو حفاظها على اتفاقية السلام مع إسرائيل وعدم المساس بها مقابل استمرار المساعدات». وأكدت المصادر الأمريكية، أن إسرائيل تأمل فعلاً أن يتفهم الرئيس الأمريكى مخاوفها وأهمية استمرار المساعدات الأمريكية لمصر، حفاظاً على استقرار منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً أن الإطاحة ب«مرسى» تضع واشنطن أمام أزمة كبيرة، هل تدعم الديمقراطية كمؤسسة وعملية سياسية بغض النظر عن الأطراف المشاركة فيها، أم تدعم حاكماً بعينه انتُخب بشكل ديمقراطى، ولكنه لم يتصرّف بشكل ديمقراطى وتحوّل إلى ديكتاتور ضد معارضيه. وتابعت: «البيان الذى أصدره الرئيس الأمريكى خلال الساعات الأولى من صباح أمس، جاء بصيغة تؤكد أنه سبق أن اتخذ قراره بالفعل، حيث أعرب البيان عن قلق، وربما مخاوف فعلية من أن تظهر الولاياتالمتحدة على أنها دولة ديمقراطية تؤيد الانقلابات العسكرية وتعطيها الشرعية، ولكنها فى الوقت ذاته اكتفت بالإعراب عن قلق من الأسلوب الذى أطيح به ب(مرسى)، بمعنى آخر، أن واشنطن تحاول حفظ ماء وجهها». وأشارت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، إلى أن مصدراً إسرائيلياً بارزاً، أعرب عن خشية بلاده من سيطرة عناصر مسلحة على شبه جزيرة سيناء، خصوصاً فى ظل انشغال الجيش بالأوضاع الأمنية داخلياً بعد إعلان الإطاحة ب«مرسى»، ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عنه قوله إن «إسرائيل تخشى الأمر على المستويين الأمنى والسياسى، ونخشى تنفيذ مجموعات جهادية أو قبائل بدوية فى سيناء، عمليات إطلاق صواريخ أو هجمات مسلحة على أهداف إسرائيلية، خصوصاً بعد أن أعربت إسرائيل عن قلقها من سحب مصر لكتيبة على الحدود الإسرائيلية ونقلها إلى الداخل المصرى لتعزيز الأمن». ونقلت الصحيفة عن مسئول إسرائيلى، قوله إن «القلق يتمثل فى عدم الاستقرار بدولة مجاورة كبيرة ومؤثرة». وقال البروفيسور يورام ميتال، خبير شئون الشرق الأوسط، إن إطاحة الجيش ب«مرسى» جاءت لإنقاذ البلاد والوصول بسفينة الوطن إلى الاستقرار، مشيراً إلى أنه على الرغم من «علامات التعجب» التى تحيط بتدخُّل الجيش فى الأزمة، فإن الأمر كان فى صالح البلاد.