رغم الزحام علا صوته وسط الميدان ليسود الصمت إلا من صوته وكلماته الحادة التى يوجهها لأحدهم: «مش هاسمح لك توسخ سمعة الميدان.. أنا ماشى وراك من بدرى وعارف كل حاجة». يجتمع رواد الميدان حوله محاولين فهم الموقف، فيجدون رفيقهم «بدوى على عثمان» ممسكا بأحد المصورين و«هاتك يا ضرب». تحاول الجموع فك الاشتباك، يهدأ بدوى قليلا قبل أن يقول: «ظبطته وهو بيصور فى الميدان، بيركز على حاجات معينة، أماكن فاضية عشان يقول مفيش حد، أو ناس بتبيع أكل عشان يقول إن اللى فى الميدان بيتسلوا.. أنا عارف الأشكال دى». رفض المصور الإفصاح عن هويته زاد من حدة بدوى، ومع زيادة الجموع استطاع المصور الهرب من بين يديه. اعتاد الرجل أن يكون هنا وسط الميدان يراقب عن بعد كل من يحمل كاميرا: «أنا هنا كل يوم، عارف النوعية دى من المصورين، ييجوا ويفضلوا يصوروا حاجات معينة عشان يقولوا إن الميدان كله سلبيات، كأن الميدان مافيهوش غير بياعين البطاطس والبيض والمكرونة، أمال الناس هتاكل إيه». لم تكن هذه هى المرة الأولى، فقد اعتاد رواد الميدان على اشتباكات بدوى، يرون أن ما يفعله رغم قسوته يصب فى صالحهم بمنطق «عايز يحمينا ويحمى صورتنا فى الإعلام». يقول بدوى: «شبعنا إساءة للميدان، كل شوية ناس بكاميرات تيجى.. مش كلهم بيقولوا الحقيقة، لذا مش هسمح لحد يسىء لميدان التحرير». بدوى نحات هاوٍ وموظف فى الهيئة العامة لقصور الثقافة، يحب ميدان التحرير كثيرا، حين يتحدث عنه يحتقن وجهه وينفعل بشدة قائلا: «الميدان ده مات فيه ناس ياما، الناس اللى جت النهاردة نازلة تطالب بحق، هدفنا خير، كام مليون جنيه خسرناهم فى الفترة الانتقالية، وانتخابات غلط تتلغى بجرة قلم، ما حدش بيقول الحقيقة، واللى ماسكين البلد سايبين الحرامية زى ما هم، وكمان النصابين، وبيفرجوا عن قتلة الشهداء، وبيمسكوا شباب الثورة يحطوهم فى السجون، الدستور بايظ، ومجلس الشعب اللى انتخبناه اتحل، وكل حاجة خربت، تعبنا وعاوزين الأمور تتعدل، لكن مش هانرضى بالتزوير».