يخطئ من يظن أن الحوار مع حمدين صباحى أو محمد البرادعى، وغيرهما من أقطاب جبهة الإنقاذ يمكن أن يجدى فى الواقع. وواهم من يتصور أن قيام «مرسى» ببعض الحركات البهلوانية للاستجابة لبعض المطالب التى نادت بها المعارضة منذ شهور، يمكن أن يحميه من الوعد الحق الذى وعده الشعب يوم 30 يونيو، لم يعد أمام مرسى وجماعته، ومن يحاول حمايته من المقبل يوم الأحد، سوى طريق واحد، هو طريق الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة. أقول ذلك بمناسبة دعوة الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، الفرقاء السياسيين فى مصر إلى الجلوس معاً على مائدة المفاوضات، من أجل الوصول إلى حل يجنب البلاد فتنة الاقتتال الداخلى، فلو فُرض واستجابت كل قيادات جبهة الإنقاذ ورؤساء الأحزاب المعارضة للجلوس والتفاهم مع «مرسى» فإن ذلك لن يغنيه عن 30 يونيو شيئاً، لأن الذين يتحركون على الأرض الآن هم الشباب المصرى، الذى التحم حول حركة تمرد، هذا الشباب هو من سينزل للإخوان ورئيسهم -بمزاملة المواطنين العاديين والبسطاء من أبناء الشعب المصرى- يوم الأحد المقبل. وهؤلاء جميعاً يتحركون من رؤوسهم، وليس من رأس البرادعى أو حمدين أو غيرهما. ومن تابع تطورات الأمور خلال الأيام الماضية يستطيع أن يفهم بسهولة أن كل القوى السياسية الآن هى التى تهرول خلف الشباب الذى قرر إسقاط النظام الإخوانى. والكلام عن تقديم «قنديل» كقربان لإرضاء الثوار لن يغير من الواقع شيئاً، لأن المسألة ليست فى تغيير شخص، بل فى تغيير فكر لنظام سياسى يعتمد على «مرجعية المرشد» و«مرجعية نائب المرشد»، القربان الوحيد الذى يمكن أن يرضى الشعب فى هذه المرحلة هو الجماعة نفسها، والرئيس الذى جاءت به الجماعة، وسوف يعرف الشعب كيف يأتى بهما معاً ليلقى بهما فى سلة مهملات تاريخه الذى يمتد لخمسة آلاف عام. الكل يتحرك بعد مرور الوقت، وخارج المعادلة الزمنية الجديدة التى فرضتها ثورة 25 يناير 2011، المعارضة أضاعت الكثير من الوقت والفرص، حتى تمكن الإخوان من رقاب المصريين، والإخوان أضاعوا الوقت فى ارتكاب الحماقات، ظناً منهم أن الشعب المصرى جثة بلا حراك، ولا يستطيع أن ينتفض فى وجوههم، والجيش بقيادة «السيسى» مكث شهوراً يردد أنه لن يتدخل، إلا إذا أحس بانهيار الأوضاع فى البلاد، ونسى أنه لا لزوم للنزول بعد انهيار الأوضاع، حتى الدعوة التى تبناها الفريق لعقد مصالحة وطنية جاءت فى الوقت الضائع، بعد أن دخلنا دائرة الانهيار فعلاً. لا يوجد داعٍ لإضاعة المزيد من الوقت بتغيير رئيس وزراء، أو نائب عام، أو حديث عن تعديل بعض المواد فى الدستور، لأن كل ذلك لن يغير من الواقع على الأرض شيئاً.. الشعب لن يرضى بكل هذا.. فات الميعاد!