أشارت دراسة بعنوان "الجدل حول مستقبل القوة الأمريكية"، صدرت عن وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الأسكندرية، إلى حالة جدل أيديولوجي في تفسير المركز الحالي للقوة الأمريكية ومستقبلها كقوة عظمى، وموقعها في البنية المستقبلية للنظام الدولي، في ظل صعود القوى الآسيوية وعلى رأسها الصين. وتعتمد الدراسة على تيارين يتقاسمان هذا الجدل، الأول يتزعمه عالم السياسة ستيفن والت، الذى يذهب إلى حتمية أفول القوة الأمريكية مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة شهدت انحدارًا في هيمنتها على النظام الدولي، وأن هذا الانهيار مستمر حتى اليوم، فسره بصعود بعض القوى التي جاءت خصمًا من رصيد وهيمنة الولاياتالمتحدة على العالم، فكان الصعود الاقتصادي للصين أبرز هذه التحديات، وتزايد القوة الاقتصادية للهند والبرازيل وتركيا، وتعافى روسيا من عثرتها الكبيرة، التي بدأت نشر نفوذها في محيطها الإقليمي. ويطرح والت، عدة حلول لاستعادة الهيمنة الأمريكية منها قيام واشنطن بإعادة تقييم دورها في العالم، بناء على استراتيجية "الموازنة الخارجية" التي توزع عبء قيادة العالم بينها وبين حلفائها والهدف منها الإبقاء على الهيمنة النافعة في نصف العالم الغربي والإبقاء على ميزان القوة بين الدول الكبرى في "الأوراسيا" وفي الخليج العربي حيث النفط. التيار الثاني، الذى يتزعمه روبرت كاجان، المؤرخ المحسوب على تيار المحافظين الجدد، الذى نشر مقالة مؤخرا بعنوان "لم تفقد قوتها بعد: خرافة الانحطاط الأمريكي"، ينتقد الاتجاه الذي يتحدث عن حتمية الانهيار الأمريكي، ويفنده تاريخيًّا، مؤكدا أنه أسير لرؤية زمنية مؤقتة متأثرة بظروف الأزمة الاقتصادية الأخيرة فقط. ويعلق الباحث محمد العربي على الدراسة بأن العالم العربي، مازال محتفظ بوجوده داخل هذا الجدل حول تاريخ القوة الأمريكية ومستقبلها، لأنه يمثل مجالا هاما لفرض هيمنتها، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة بالفعل فقدت قدرتها على توجيه الأمور سواء فيما يتعلق بعملية السلام التي تسعى لاستكمالها لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، ومؤخرًا ثورات الربيع العربي، لكنه ينفى فى الوقت نفسه، أن ينتهى النفوذ الأمريكي على المنطقة بالكامل لأن معظم هذه الثورات في بدايتها ولم تتضح وجهة تعاملها مع الولاياتالمتحدة وموقعها في المنطقة بعد.