الحضور الجالسون فى ثبات يشملهم الصمت، علقوا أبصارهم بقائدهم الأعلى «الحقيقى» ذى الزى العسكرى المهندم، يقبض على جانبى المنصة، يتلو من ورقة مفرودة أمامه: «علاقة الجيش والشعب علاقة أزلية، وهى جزء من أدبيات القوات المسلحة تجاه شعب مصر، ويخطئ من يعتقد أنه بأى حال من الأحوال يستطيع الالتفاف حول هذه العلاقة أو اختراقها».. كلمات تتلقفها وسائل الإعلام، يعيد نشرها والتغريد بها نشطاء الإنترنت. منذ توليه منصب القائد العام للقوات المسلحة خلفاً للمشير حسين طنطاوى، ورموز المعارضة المصرية لا يفوتون فرصة فى الإعراب عن رغبتهم فى انحياز الجيش إليهم فى سعيهم ضد إدارة البلاد. وكذلك لا يفوت الفريق أول عبدالفتاح السيسى، القائد العام للقوات المسلحة، فرصة فى بث الطمأنينة فى قلوب المواطنين إلا واستغلها أحسن استغلال. الفريق أول عبدالفتاح السيسى كان أحد أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة (المجلس العسكرى) الذى تولى مسئولية إدارة شئون البلاد خلفاً للرئيس السابق محمد حسنى مبارك، وقد فضل «السيسى» البقاء بعيداً عن صخب التصريحات فى تلك الآونة التى تلقى فيها «المجلس العسكرى» نصيباً وفيراً من المعارضة على سياسته فى إدارة المرحلة الانتقالية. تصريحات «السيسى» التى أطلقها فى حضور قادة الجيش المصرى وعدد من الضباط قرأها خبراء عسكريون بأنها إنذار بفرصة أخيرة يمنحها قائد الجيش للقوى السياسية المتصارعة لإيجاد حلول نهائية تمنع البلاد من الدخول فى صراع لن ينتهى. خلال ما يقرب من العام، طُولب «السيسى» بالتدخل بقوة الجيش لنزع فتيل الأزمة بين المعارضة والسلطة. لم تخلُ تظاهرة فى تلك الآونة من لافتات تدعو الجيش إلى الانحياز لصف الشعب ضد السلطة. حتى أعلن «السيسى» مؤخراً أنه يطالب الجميع «دون أى مزايدات لإيجاد صيغة تفاهم وتوافق ومصالحة حقيقية لحماية مصر من الانزلاق فى نفق مظلم من الصراع أو الاقتتال الداخلى أو التجريم أو التخوين أو الفتنة الطائفية أو انهيار مؤسسات الدولة». أسبوع مهلة، هو كل ما تبقى حتى موعد تظاهرات 30 يونيو التى دعت لها المعارضة، وإلا فإن الجيش ينذر الأطراف بالتدخل كحائط صد يقف دون انهيار الدولة، كلمات لا تؤخذ إلا على محمل الجد من لسان القائد العام للجيش المصرى الذى قال إنه آثر الابتعاد عن الساحة السياسية والاهتمام بتحسين قدرة الجيش الداخلية. «السيسى» من مواليد 1954، وقد تخرج فى الكلية الحربية فى 1977 لينضم إلى سلاح المشاة ومنه عين قائداً للمنطقة الشمالية العسكرية ثم مديراً للمخابرات الحريبة والاستطلاع، وخلال أعوام خدمته ال36 بالقوات المسلحة حاز عدداً من الأنواط والأوسمة العسكرية كان آخرها ميدالية 25 يناير، كما تولى وزارة الدفاع وقيادة الجيش خلفاً للمشير حسين طنطاوى بعد أقل من شهرين من تولى الرئيس محمد مرسى منصبه.