على قدم وساق رأينا ممن ارتفع صوتهم بالخطاب الدينى يفتون ويفتنون وهم فى حالة شديدة من العصبية والتشنج والضيق والظلامية والغوغائية، فظن الناس بسببهم أن الإسلام رُعب وظلام وغوغائية وتشنج، فنفروا منهم؛ لأنهم لم يروا من أطروحات الناس إلا جذاذات وأشتاتا وتشوهات عاجزة عن تصوير الشرع على ما هو عليه، بكل أبعاده الأخلاقية، خذ مثلا الكلمات التى ألقاها المدعو صفوت حجازى والمدعو عاصم عبدالماجد والمدعو محمد عبدالمقصود لترى صورة من الخطاب الإسلامى منزوعة من وراثة الأنبياء، منزوعة النور والرقى والرحمة، منزوعة الروح، منزوعة الأخلاق المحمدية، منزوعة الأنوار النبوية، إنها صورة تنفر منها الطباع السليمة أدت إلى قتل 6 أشخاص حتى كتابة هذه السطور، فلما نفر الناس منهم ومن خطابهم دلسوا على المجتمع، وأرادوا أن يوهمونا أنه بالنفور منهم إنما ينفرون من الإسلام، والحقيقة أن أغلب الناس أحرص وأغير على دين منهم، وأنهم إنما يرفضون الصورة الذهنية الشنيعة المشوهة التى يطرحها هؤلاء، وبعضهم رفض الشريعة نفسها، فظُلمت الشريعة من الجميع. لكن يظل وسط هذه الظلمات الخطاب الأزهرى المعتدل القائم على قيم المصالحة والمصارحة والمسامحة والمناصحة والمصافحة والمناصرة والمصابرة، ذلك الخطاب النابع عن بصيرة وعلم وجلال، ظهر ذلك فى بيان الأزهر والإفتاء حول الوضع الحالى. وإليكم بعض النصائح التى قدمها العالم الأزهرى الشيخ أسامة الأزهرى لتعرف الفرق بين خطابين، أحدهما يمتلئ تعصبا وتشنجا وظلاما، والآخر يمتلئ حكمة ورحمة ونورا، قال فضيلته: سيادة الرئيس.. اعلم أن المصرى صبور متحمل، وقد يطول صبره فينفجر، وإذا انفجر كان مدمراً، واعلم أن المعارضة فيها جزء من الحقيقة وجزء من التطاول، فلا تجعل ما عندها من تطاول يصرفك عن النظر إلى ما عندها من حقيقة، وإياك أن تُحرش أو تُهيج بعض فئات المجتمع على بعض، وضع يديك على مفاتيح الشخصية المصرية، وكن شديد الحساسية ناحيتها، واعلم أن كل مصرى مهما كان توجهه وانتماؤه، ملىء بالدرر والكنوز فاستفد منه، وتأكد أن الإدارة الناجحة مدخل النجاح، وعليك بالتوازن الدقيق بين دوائر الانتماءات المتداخلة، فأنت مصرى عربى إخوانى، فلا تطغى الدائرة الصغرى على الكبرى، ولا عبرة لفرع صغير يَكِرُّ على أصله الكبير بالبطلان، انتماؤك الخاص للإخوان أنت حر فيه، شريطة ألا يطغى ولا يؤثر على الانتماء الأكبر للوطن، واعلم أن هناك سلطة، وهناك زعامة ومحبة، والصندوق الانتخابى يكفل لك السلطة، وأما الزعامة ومحبة الناس فيكفلهما لك إنجازك فقط، وعليك بالتعليم ثم التعليم ثم التعليم، ولا تعد بما لا يمكنك تنفيذه، واجتهد فى الوفاء بما وعدت به، وصارح الناس بالمصاعب التى تعانيها، واجمع المصريين على عدد من المشروعات القومية الكبرى، فيلتف المصريون بعلمائهم وعمالهم وكل طوائفهم فى مشاريع قومية، تجتمع إرادتهم على تحقيقها، واعلم أن تاريخ الأزهر لم يشهد فتوى واحدة سالت بسببها دماء، أو زاد بسببها الشقاق بين أفراد المجتمع، فحافظ على منهجه وخصوصيته، واعلم أن المد الأزهرى هو الضامن الأكبر للحفاظ على وسطية مصر وشخصيتها، وخالص دعواتى لك ولمصر. هذه نوعية من خطاب أزهرى رصين يجمع ولا يفرق اخترت منه جملة لتكون عنوان المقال، وهى كافية لتغيير الوضع لو وعاها «مرسى» وجماعته «اعلم أن المصرى صبور متحمل، وقد يطول صبره فينفجر، وإذا انفجر كان مدمراً، واعلم أن المعارضة فيها جزء من الحقيقة وجزء من التطاول، فلا تجعل ما عندها من تطاول يصرفك عن النظر إلى ما عندها من حقيقة».