قال الرئيس محمد مرسي إن ما يسعى إليه هو الحوار المتوازن الذي يحقق أهداف الثورة وطموحات الشباب، مؤكدا أن الحوار يسبق أي مبادرة، ولا يجب أن يبدأ الحوار بشروط تغل أيدي المتحاورين، والرئاسة تسعى للحوار التكاملي لا التفاضلي. وأوضح مرسي، في حواره لجريدة "أخبار اليوم" اليوم، أن الحوار ينتهي بتوصيات وليس بأوامر، موضحا أنه لا يشك أن المصريين لا يسعون إلا إلى تحقيق المصالح العليا للوطن، أما من يريدون تحقيق مصالح ذاتية ضيقة، فهذا لا يمكن لأحد أن يوافق عليه، ونسعى للحوار التكاملي لا التفاضلي، مشددا على أن النقد حق لكل مصري، لكن هناك فارق كبير بين النقد والسب والعدوان على الناس وأعراضهم، مشيرا إلى أن الغريب أنه رغم الفساد الذي استشرى في العهد الماضي، لم يلجأ هؤلاء الذين يعتمدون السب كلغة للحوار الآن أبدا للبذاءة، ربما بفعل بطش وقمع هذا العهد. وعند سؤاله عن وجود مؤامرة من فلول النظام السابق وأصابع الثورة المضادة، قال الرئيس: "عندما أشير إلى قليل مما أعلمه، يكون ذلك بدافع إعلام المواطن حجم التحديات والمقاومة التي ألقاها وأنا أحاول النهوض بالبلد، حتى يفهم معي ما يحدث ويشارك الدولة في تحمل المصاعب، ولعله لا يمر وقت طويل حتى أكشف حقائق جديدة عندما يأتي وقت إعلانها". وحول الاتهامات التي توجه للنظام بأنه يتجاهل الحديث عما يمكن أن يحدث في 30 يونيو، أكد مرسي أنه دعا مرارا وتكرارا بعض قوى المعارضة الرافضة للحوار للجلوس وبحث سبل التعامل مع مستجدات الأوضاع السياسية ورسم مسار مشترك لإدارة المرحلة المقبلة، إلا أن "هناك إصرار على عدم تلبية الدعوة وربطها بشروط مسبقة، بينما نحتاج لتبادل وجهات النظر حولها أكثر من أن يمليها طرف على الآخر، وسأستمر في محاولاتي للتواصل"، لافتا إلى أنه "يمكن للإسراع بالانتخابات البرلمانية أن يكون سبيلا لالتفاف الجميع حول طريق واضح لإدارة اختلافاتنا في الرؤى، وكلها أيام ويرسل مجلس الشورى قانون انتخاب مجلس النواب للمحكمة الدستورية، وكان أرسل إليها الأسبوع الماضي قانون مباشرة الحقوق السياسية، وبهذا من المتوقع أن تراجع المحكمة وتدخل ملاحظاتها على القانونين خلال الأيام المقبلة". وتابع: "أما الدعوة للتظاهر يوم 30 يونيو، فتعكس مناخ الحريات الذي وهبته لنا ثورة 25 يناير، لكن التعبير عن الرأي يجب أن يظل سلميا، وستتبع الدولة كافة الإجراءات التنظيمية والقانونية لمواجهة العنف والتخريب أيا كان مصدره". ووجه الرئيس كلمة لمتظاهري 30 يونيو، قال فيها: "هذا حقكم، لكن عليكم أن تحرصوا على مصلحة مصر وأمن الوطن والمواطن، ولا تلجأوا أبدا إلى استخدام العنف بأي شكل، ويستوي في جُرم العنف من يحرِّض عليه، وعبروا عن آرائكم بالوسائل السلمية الدستورية، أما محاولات العبث بالأمن وإظهار الوطن على أنه ساحة حرب وبؤرة لمتحاربين، فهو أمر مرفوض تماما". وأكد أنه ليس بعيدا عن نبض الشارع ومشاكل الناس، خاصة الفقراء والغلابة والمطحونين، كما أنه ليس بعيدا أيضا عن المقترحات والمبادرات المطروحة على الساحة، لكنه عندما يريد أن يتخذ قرارا يدقق جيدا قبل إصداره، موضحا أن "لدي مستشارين أكفاء وهيئة قانونية استشارية، ومع ذلك لا أنكر على أحد حقه في الاقتراح وتقديم المبادرات، وهناك تقصير في أداء بعض الوزارات ومؤسسة الرئاسة، لكننا نجتهد ونسعى لتحقيق أماني الشعب". وأضاف مرسي: "لو اختار المصريون غيري في الانتخابات المقبلة سأسهر على تسليمه السلطة طبقا للدستور والقانون، وسأفعل ذلك برضا تام وبكل ما أوتيت من قوة، تحقيقا للديمقراطية ورفضا لأي احتكار للسلطة". وعن الحكومة وتقديم استقالتها مع اقتراب انتهاء العام الأول من حكمه، قال مرسي: "تفصلنا شهور قليلة عن الانتخابات البرلمانية، وطوال هذه الفترة القلقة تحمل الدكتور هشام قنديل ما لا يتحمله بشر، من أجل عدم الهروب من مسؤولية خدمة الوطن، وأعتقد أن المواطن بدأ يشعر في قطاعات ببعض التحسن النسبي؛ مثل البوتاجاز والخبز وخفوت حدة الانفلات الأمني في بعض المناطق وزيادة أجور قطاعات متعددة من العاملين بالدولة". وعن حركة المحافظين وتعيين عدد من المنتمين لحزب الحرية والعدالة، أكد الرئيس أن "الحرية والعدالة فصيل سياسي مثل غيره، من حقه المشاركة في المسؤولية الوطنية متى توافرت فيمن يقع عليهم الاختيار المعايير الموضوعية المطلوبة لأي منصب عام، وحركة المحافظين صدرت طبقا لمسؤوليتي الدستورية". وأكد أنه لم يصدر بشأن محافظ الأقصر الجديد حكم قضائي، كما لم يُدن نهائيا في حادث الأقصر الإرهابي، وكان متهما في عملية اغتيال السادات وتمت تبرئته، وهو قادم من حزب يسير في إطار الدولة المدنية، واختياره تم بناء على الترشيحات التي تقدم بها كل حزب، وبعدها تمت المفاضلة بين المرشحين، ولا يمكن أن يكون اختيار الرجل بقصد الإضرار بالسياحة "لأننا أحرص الناس عليها"، مشددا على استمرار وزير السياحة في منصبه. وعن محاولات الوقيعة بين الرئاسة والقوات المسلحة، أكد مرسي أن "مآلها الفشل، لأننا نجحنا في تأسيس علاقات مدنية عسكرية متسقة مع الديمقراطية المصرية الوليدة الناشئة عن ثورة يناير، واستطعنا معا بناء علاقة صحية بين المؤسسة العسكرية والسلطة المدنية، تستطيع في إطارها كل مؤسسة الاضطلاع بدورها الوطني كاملا، وفق علاقة مؤسسية بناءة صاغها الدستور، حدد فيها أدوار الرئيس، ومنها كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأي شائعات بهذا الصدد لا تعبر عن أي سند من الواقع، فالرئاسة والجيش والشرطة مؤسسات الدولة المصرية العريقة، ومن المعلوم للجميع أن الحرس الجمهوري جهة تابعة للرئيس، ولا تعد هذه الأكاذيب إلا مهاترات لا تستحق عناء الرد عليها".