انطباعات مزدوجة أبدتها الصحف الأمريكية، تجاه أول رئيس إخواني في مصر بين الارتياح بحفاظ المجلس العسكري على نزاهة الانتخابات والحذر من فوز جماعة إسلامية عريقة طالما كانت عدوا قديما لمصالح الولاياتالمتحدة في المنطقة. وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن نتائج الانتخابات الرئاسية في مصر بددت مخاوف متزايدة داخل إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أن تفسد لجنة الانتخابات جولة الإعادة وتعلن الفريق أحمد شفيق رئيساً مقبلاً لمصر. وأضافت الصحيفة : "تخوف مسؤولون من أن تفجر هذه الخطوة احتجاجات عنيفة بين أكثر من 100 ألف مصري تجمعوا في ميدان التحرير لمطالبة الجيش التنازل عن السلطة لحكومة مدنية". ونقلت الصحيفة عن مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية، روبرت مالي قوله:" الأولوية بالنسبة للولايات المتحدة هي أن تمضي عملية الانتقال بسلاسة دون عنف وبأقل قدر من عدم الاستقرار". لكن الإدارة الأمريكية ليس لديها نفوذ كبير على الأحداث في مصر حتى الآن مع تشكك الغرب في جميع الأطراف في القاهرة، على حد قول الصحيفة. وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن مسؤول أمريكي كبير قوله: "واشنطن كانت تخشى الشائعات التي أكدت أن الجيش سيفرض مرشحه المفضل لكن في النهاية انتصرت الأصوات والآن هو وقت التركيز على بناء علاقة قوية مع الرئيس الجديد". والتزمت إدارة أوباما بنصحية السفيرة الأمريكية في القاهرة آن باترسون بعدم إثارة الموضوع في تصريحات علنية من قبل كبار المسئولين في واشنطن، خوفا من تفاقم الوضع المتوتر بالفعل. وفي افتتاحيتها رأت الصحيفة ذاتها أن: "مصر اتخذت خطوة أخرى متعرجة نحو الديمقراطية وتجنبت الانزلاق إلى الفوضى". وأوضحت: "فمن خلال الاعتراف بفوز مرسي في انتخابات الإعادة تفادى الجيش صراع محلي واستهجان دولي إذا كان تلاعب بنتائج الانتخابات". يجب أن يشكل مجلس نواب منتخب ولكي يحدث ذلك، فعلى جماعة الإخوان أن تقدم بعض التنازلات للجيش، والأهم من ذلك، أن تبني تحالفا واسعا من القوى المناصرة للديمقراطية، وتطمئن المصريين المسيحيين والعلمانيين"، على حد قول الصحيفة، التي اعتبرت أن مصر لا يزال لديها فرصة لإكمال التحول الديمقراطي، لكن هذا الأمر سيتطلب سلوكا سياسيا أكثر نضجا من قبل جميع الأطراف. وفي مقاله بواشنطن بوست قال الكاتب الأمريكي ديفيد اجناتيوس، "سأشعر بالدهشة إذا لم يعتبر مرسي أو الإخوان الجيش ركيزة في هذا العصر الحاسم لمصر". وأوضح: "إنقاذ الاقتصاد، وطمأنة المستثمرين والسياح، وتأمين الأعمال التجارية التي تحتاج إليها مصر قد تكون مهام مستحيلة دون مساعدة الجيش". وقال: "على الجيش الآن التراجع للقيام بدور مناسب ومتحفظ في حماية الدولة والدستور في الحالات القصوى والسماح للمدنيين بإدارة شؤون الدولة". وختم قائلاً:" مصر في حاجة إلى حكومة مدنية قوية تحقق وعود الثورة بالحد من الفساد وتوزيع أكثر عدالة لثمار المشاريع الحرة، لكن أيضاً في حاجة إلى الاستقرار الذي سيأتي عبر شراكة ديمقراطية بين الجيش والدولة". وحول التحديات التي تواجه الرئيس الجديد، قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية: "إذا كان مرسي يأمل في إدارة شئون الحكم بشكل فعال عليه أن يهزم شبكة واسعة من الموالين للدولة المصرية الماضية". وتابعت: "على السيد مرسي أيضاً أن يقنع المتشككين سواء داخل البلد أو خارجها أن جماعة الإخوان تساعد على قيادة مصر الديمقراطية جنباً إلى جنب مع الجيش الذي أصبح الآن شريكا صعبا في مصر الجديدة". ونقلت الصحيفة عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية كينت، جوش ستاشر قوله: "الناس الذين يسيطرون على السلطة بشكل حقيقي في مصر هم رجال مبارك، ولن يجعلوا أمر الحكم سهلاً على جماعة الإخوان". وأضافت الصحيفة أن مرسي بتوجهه الإخواني والجيش بعقليته العلمانية يمثلان أيديولوجيات متعارضة ورؤى متنافسة بشأن مستقبل مصر".