الإعلان الدستورى المكمل أكل معظم تورتة الحكم وصلاحياته من الرئيس القادم ولم يبق له إلا الفتات المغموس بالمسامير والزلط، حتى إذا أكل منه الرئيس القادم أصابه المغص والانسداد المعوى وظهر عجزه أمام شعبه الذى لن يمهله كثيرا لإنجاز ما وعدهم به. فقد استلب الإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره المجلس العسكرى سلطات كثيرة من الرئيس وغيره وهذا يحتاج لجهاد طويل على كل الأصعدة السلمية. ورغم ذلك كله فإننى أرجو من د. مرسى فى حال فوزه بالرئاسة التوافق مع الجيش وقيادته حتى تعبر مصر تلك المرحلة الحرجة دون تصادم أو صراع مدمر يدخل الجميع فى حرب أهلية لا تبقى ولا تذر.. أو تتحول مصر إلى بحور من الدماء . وعلى د. مرسى أن يتدرج ويتحلى فى حال فوزه بالحكمة والصبر والأناة والتدرج للحصول على حقوقه الدستورية كاملة غير منقوصة. فقد تعلمت من فترة سجنى الطويلة أن أقبل المتاح من الخير ثم أبنى عليه، وأن من أراد كل شىء فقد كل شىء، وأن التدرج سنة كونية ماضية فى الخلق والكون ومن اصطدم بها كسر رأسه ولم تتحطم السنة. وعليه أن يتعلم من صديقه أردوغان التركى الذى صبر على العسكر 13 عاما حتى استطاع أن يروضهم ويجعلهم فى صفه بعد أن أقنع الشعب التركى كله بإنجازاته وبهر العالم بسياساته الحكيمة ودوره الإقليمى والدولى ومرونته السياسية العالية وحسن توافقه مع القوى الدولية الكبرى وعدم الصدام معهم. وعلى د. مرسى أن يتذكر أن قرابة النصف من الشعب المصرى لم يصوتوا له وبعضهم يخاف من حكمه. وعليه أن يشيع ثقافة التسامح والعفو والتراحم بين المصريين جميعا أتباعا وخصوما، ويعلم أن الدول لا تبنى على الانتقام وأن يضع نصب عينيه تجربة الرسول القائد العظيم (صلى الله عليه وسلم) الذى قال لأهل مكة الذين عذبوه وآذوه وأخرجوه وأصحابه: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». وهذا من العبقرية السياسية قبل الدينية، فقد حول عكرمة بن أبى جهل من عدو لدود إلى قائد عظيم لجيوش المسلمين وكذلك يزيد بن أبى سفيان، وحول معاوية بن أبى سفيان من خصم إلى مؤسس عظيم لدولة عظيمة من دول الإسلام وهى الدولة الأموية. فماذا كان يستفيد الإسلام أو الرسول (صلى الله عليه وسلم) لو سجنهم أو قتلهم أو أقصاهم؟ وعلى د. مرسى أن يعلم أن كثيرا من الذين صوتوا له فعلوا ذلك نكاية فى منافسه وخوفا من عودة النظام السابق الذى يكرهونه، فعليه أن يقدم مصالح مصر على ما سواها وألا يدخلها فى صراعات خارجية قد تذهب بالبقية الباقية من قوتها، أو يستجيب للذين يريدون «أخونة» كل مؤسسات الدولة لضمان ولائها أو بدعوى إصلاحها، وأن يعتمد الكفاءة والأمانة، والحذر من ثنائية المرشد والرئيس كى لا نكرر تجربة إيران بطريقة سنية أو تكرار التجربة الإيرانية فى عزل قادة الجيش ذوى الكفاءة من عهد الشاه واستبدالهم بمجموعة من الرتب الصغيرة والهواة من الحرس الثورى الذين كانوا يفتحون الثغرات فى الألغام العراقية بأجساد عشرات الآلاف من جنودهم فيقتلون دون مبرر عسكرى. وأن يحذر من تشجيع المجموعات الإخوانية فى الأردن والسعودية وغيرهما للانقلاب على حكامهم، حتى لا تقف هذه الدول مجتمعة مع الغرب ضده، كما وقفت ضد عبدالناصر وأجهضت مشروعه للنهضة . وعليه أن يهجر تماما أولئك الذين يلتفون حوله ويقولون «القدس عاصمتنا المقبلة».. لأن هذا يعنى زوال إسرائيل التى تملك السلاح النووى، ويعنى أيضا حربا استباقية من إسرائيل ضدنا تدمر ما تبقى لنا من اقتصاد وجيش وبنية تحتية. ملحوظة: كتب هذا المقال قبل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية.