شخصيتان فى شخصية، لكل منهما أسلوب وطريقة حياة.. فى الصباح يخرج صوته قوياً «أيوه جاى»، وفى المساء يتغير نداؤه إلى «خمسين شمعة منورة من أبوتامر لعريسنا والليلة الحلوة». هو مصطفى عبدالرحمن الشهير ب«ريشة»، يعمل فى الصباح «قهوجى»، يتحرك بسرعة «النحلة» وخفة «الريشة»، فطوال ساعات عمله فى المقهى لا يتوقف عن الحركة، ومع كل نداء من زبائنه يرد سريعاً: «أيوه جاى». أما فى المساء فالوضع مختلف كثيراً، حيث يخلع «ريشة» مريلة عمله الصباحى ويرتدى بدلة ويصعد على المسرح ليؤدى دور «النبطشى» فى الأفراح. مصطفى يرى أن الزمن جار عليه، فبعد حصوله على بكالوريوس خدمة اجتماعية منذ عشر سنوات، توفى والده ولم يستطع الحصول على ميراثه فى الأرض الزراعية التى ورثها عنه فى المنوفية، حيث استولى عليها عمه وأولاده، وهو ما اضطره إلى الرحيل إلى القاهرة للعمل فيها. «ريشة» الذى يسكن فى الدويقة يعمل فى الصباح فى المقهى المجاور لمنزله مقابل عشرين جنيهاً فى اليوم، وفى المساء يعمل «نبطشى» وهو الرجل الذى يستقبل المعازيم فى الأفراح والليالى الشعبية المقامة فى الشارع، حيث يمسك بالميكرفون ويرحب بكل من يدخل الفرح ويتلقى النقطة من المعازيم ويغنى ويرقص بين فقرات الفرح. «ريشة» يتقاضى 100 جنيه فى الفرح الواحد، ومن الممكن أن يعمل فى فرحين أو ثلاثة فى الأسبوع «حسب التساهيل». ريشة لا يعمل «نبطشى» فى الأفراح فقط، بل فى حفلات الطهور والصلح فى الأماكن الشعبية: «أوقات كتير باحيى ليالى ملهاش اسم ولا سبب، بيكون هدف صاحبها لمّ النقطة بس عشان مزنوق فى فلوس، وصاحب الفرح بيستعين بى عشان أشد حيلى معاه وأحفز المعازيم على النقطة». ل«ريشة» مفردات مختلفة لا يستخدمها إلا هو، ومنها الشمع وتعنى النقوط، وخسمين شمعة تعنى خمسين جنيهاً، والحديدة تعنى الميكروفون، والمصطبة تعنى المسرح، وحتة اللحم الحية تعنى الراقصة.