أصبح اسم عاصم عبدالماجد علماً على الفتنة! وعاصم نموذج يستحق التوقف طويلاً، أولاً بسبب الحجم الهائل من التلفيق الذى يعتمد عليه لإيهام من يصدقونه بصحة نتائج محددة سلفاً، والأخطر أنه يقدم خطابه بوصفه خطاباً «إسلامياً». وقد التقيت به فى حلقة على قناة خليجية، وسأله مقدم البرنامج قبل بدء البرنامج عن الصفة التى يحب أن يقدمه بها فقال إنه «متحدث باسم الإسلام»، هكذا!! ولمن لا يعرف فإن عاصم عضو بالجماعة الإسلامية عُرف بالتشدد والميل لاستخدام العنف، وهو يحمل أمام الله وزر دماء عشرات -بل ربما أكثر من مائة قتيل- فى واقعة محاولة اقتحام مديرية أمن أسيوط فى أكتوبر 1981، وهى الواقعة التى كشفت حجم الوحشية التى تتصف بها رؤيته لفكرة التغيير. وعاصم عبدالماجد يراوغ بشكل يقربه جداً من المسلك الذى ترفع عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما قال: «ما كان لنبى أن تكون له خائنة الأعين»، وغنى عن البيان أن هذا لا يشكل خروجاً على القاعدة الرئيسية التى تحكم خطاب عاصم، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: «ما يزال المؤمن فى سعة من دينه ما لم يصب دماً حراماً»، فكيف بمن سفك وافتخر ورفض أن يعتذر عما فعل؟ وكيف -بعد كل هذا- بمن يتجاهل عامداً هذه الحقائق الصادمة وينصب نفسه «متحدثاً باسم الإسلام»، وهو ممن ينطبق عليه بوضوح وصف خاتم الأنبياء بأنه ليس «فى سعة من دينه»؟ وبسبب الطبيعة المتشددة التى هى أكثر تأثيراً فى خطابه من كل الاعتبارات الشرعية، فإن عاصم لا يستطيع أن يصدق مع نفسه، فعلى سبيل المثال، يؤكد عاصم أنه غير نادم على قتل السادات وأن الجماعة اغتالته دفعاً لظلم وقع على أعضائها، رغم أن شركاء آخرين يبررون الموقف نفسه بتبريرات مغايرة تماماً، فهناك من برر قتله باعتقالات سبتمبر 1981 رغم أنهم الآن يحرضون الرئيس على ما هو أنكى بحق المعارضين! وبعض شركاء عاصم فى جريمة قتل السادات برروا ذلك بعبارته: «لا دين فى السياسة ولا سياسة فى الدين»، معتبرين -من عند أنفسهم- أنها دليل قاطع على ردة السادات، والآن تهرول مجموعة من المتلاعبين بالدين المتجرئين على الله من أمثال عاصم عبدالماجد ومحمد عبدالمقصود ووجدى غنيم -وهو بالمناسبة متهم لم تطله يد العدالة أبداً فى انقلاب الفنية العسكرية 1974- وهؤلاء ومن لف لفهم لا يكادون يعرفون من الإسلام إلا العبارة المنسوبة لسيدنا عثمان بن عفان «إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن»، وفهمهم لها بسيط وخطير، وهو أن الدولة عصا غليظة للدفاع عن الإسلام، فهم فى النهاية يريدون الدنيا لأنفسهم ويستخدمون الدين لأنه «كسارة جليد» تصعب مقاومتها، وعاصم عبدالماجد فى هذا السياق له دور كبير، فهو فى آخر إنجازاته «التاريخية» يهدد الأقباط على طريقة محمود مرسى «عتريس» فى فيلم: «شىء من الخوف»، والطريف أننى قبل أيام كنت ضيفاً على الهاتف على قناة «الضياء» وكان الموضوع مبادرة الجماعة الإسلامية للوحدة الوطنية، وكان فى الاستديو الأستاذ عصمت الصاوى وهو عضو بالجماعة الإسلامية أعرفه، فقلت -وهذا ما أكرره هنا- إن المبادرة لا مصداقية لها حتى تتخلص الجماعة الإسلامية من عبء عاصم عبدالماجد وخطابه، وقد تقدم باستقالته، ولا أعرف حتى الآن هل قبلتها الجماعة أم لا. ومن حق الجماعة الإسلامية أن تتمسك ببقائه ضمن صفوفها -هذا بدهى- لكن هذا التمسك يهدم مصداقية خطاب الجماعة عن المراجعة والعمل السلمى، وقد بدا لفترة أن الجماعة الإسلامية -ضمن آخرين- انتبهت إلى خطأ تكفير المخالفين والطعن فى عقائدهم، لكن مع اقتراب استحقاق الثلاثين من يونيو عاد غير قليل من الإسلاميين إلى الخطاب نفسه. وعاصم -كما رأيته فى لقائه مع وائل الإبراشى مؤخراً- لا يصلح إلا للسلاح والدم، وعنفه فى مواجهة المداخلات يكشف عن بنية نفسية وعقلية متأصلة فيه.