وصلتنى رسالتان مؤلمتان، الأولى من الأستاذ حسين نبيل، مدير إحدى شركات الألبان، والذى يكتب عن معاناة الأطفال مرضى التمثيل الغذائى الذين يحتاجون نوعيات معينة من الألبان وبعضهم يموت أو تتدهور حالته نتيجة هذا النقص، والرسالة الثانية من د. يحيى طراف؛ معلقاً على موقعة تكفير الصالة المغطاة. تقول الرسالة الأولى: «من المؤسف أن تستمر معاناة أطفالنا الذين يعانون من أمراض التمثيل الغذائى فى مصر بعد ثورة 25 يناير دون الاهتمام بهؤلاء الأطفال. وعلى الرغم من زيادة الوعى تجاه أمراض التمثيل الغذائى فى مصر ووجود وحدات وراثية على أعلى مستوى لها القدرة على معالجة وإنقاذ هؤلاء الأطفال، فإن هؤلاء الأطفال يعانون من إهمال شديد من الدولة وتعريضهم إما للموت أو التخلف العقلى ومعاناة شديدة للأسرة مدى الحياة، وتتمثل المشكلة فى شقيين أساسيين: أولهما، عدم توافر المسح الوراثى المبكر لاكتشاف مرضى التمثيل الغذائى على مستوى الجمهورية والذى يساعد على القدرة على التدخل السريع فى العلاج وإنقاذ أطفالنا من المرض وجعلهم أصحاء فاعلين فى مجتمعنا المصرى. وثانيهما، على الرغم من توافر الألبان الضرورية لعلاج هذه الحالات الحرجة فإن أطفالنا يعانون من نقص فى هذه الألبان، وذلك لطول المدة التى تتخذها الهيئات الحكومية فى إجراءات جمركية وفرض رسوم جمركية وضريبية على هذه الألبان العلاجية التى كانت معفاة من الجمارك والضرائب قبل الثورة، وذلك لكونها ألباناً علاجية للأطفال الرضع والأطفال الذين يعانون من الأمراض المزمنة، وذلك بالإضافة إلى الوقت الذى تستغرقه الهيئات الحكومية المسئولة عن تحليل هذه الألبان والذى قد يصل إلى شهرين أو ثلاثة أشهر لكى يتم الإفراج عن هذه الألبان العلاجية التى يحتاجها الأطفال الذين يعانون من أمراض التمثيل الغذائى ويعرضهم إما للموت أو التخلف العقلى». تقول رسالة د. طراف: «وقف شيخ يقال له محمد عبدالمقصود بين يدى مرسى فى الصالة المغطاة، يدعو الله على الشعب المصرى بقوله: «أسأل الله عز وجل أن ينصر الإسلام وأن يعز المسلمين، وأن يجعل يوم الثلاثين من يونيو يوم عز للإسلام والمسلمين، وكسر لشوكة الكافرين والمنافقين.. اللهم رد كيدهم فى نحورهم، واجعل تدميرهم فى تدبيرهم.. اللهم إنا نجعلك فى نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.. اللهم منزل الكتاب ومجرى السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم»، والحضور يهتفون آمين آمين، ومرسى رئيس كل المصريين يستمع سعيداً موافقاً على دعوات الشيخ على المصريين المعارضين له، غير ممانع وصفهم بالكافرين والمنافقين أو معترض عليه، ولربما لن يمانع كذلك قتالهم وقتلهم لو استطاع إلى ذلك سبيلاً. فهل عرف تاريخ مصر، بل تاريخ العالم، حاكماً دعا على شعبه بالويل والثبور وعظائم الأمور، واستنزل عليه لعنات الله وغضبه؟ وهل هذا هو مفهوم السياسة والديمقراطية لدى النظام الحاكم؛ أن ينعت حزب الرئيس معارضيه بالكفر والنفاق ويدعو عليهم بالهلاك والتدمير؟ وهل من أخلاق الإسلام وسنة الرسول أن يدعو ولى الأمر على رعيته ويصفهم بالكفر والنفاق لأنهم رفضوا أن يروا ما يُريهم وخالفوه الرأى وجاهروا فى وجهه بكلمة الحق؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعلها مع الكافرين المشركين، بل لم يدعُ لهم إلا بالرحمة، حتى ودمه الشريف يسيل من فرط أذاهم. ويوم الطائف وبعد أن أوسعه الكفار سباً ورمياً بالحجارة حتى أدموه، ناداه مَلَك الجبال قائلاً: «يا محمد إن ربى قد بعثنى إليك لتأمرنى بأمرك، فإن شئت أطبقت عليهم الأخشبين»، والأخشبان هما الجبلان العظيمان المحيطان بمكة، فقال صلى الله عليه وسلم: «بل أرجو أن يُخرِجَ الله من أصلابهم مَنْ يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً»، هذا صنيع الرسول بالكفار من قومه، فانظر صنيع مرسى بالمؤمنين من قومه، لتعرف أن هذا النظام ليس من أخلاق الإسلام والرسول فى شىء كما يدعى. تلك ليلة سيذكرها مرسى وأهله وعشيرته جيداً، فيها كتبوا شهادات وفاتهم وختموا مصائرهم، وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون».