في الثامن من أبريل الجاري، تحركت المجموعة الهجوميّة من القطع البحريّة الأمريكيّة (حاملة الطائرات «كارل فينسون» ترافقها ثلاث سفن قاذفة للصواريخ) إلى غرب المحيط الهادئ، قرب شبه الجزيرة الكورية، منطلقة من سنغافورة. رد بيونج يانج جاء سريعًا، إذ أعلنت هيئة الأركان العامة بالجيش الكوري الشمالي، استعدادها لقصف حاملة الطائرة «كارل فينسون». الأجواء في شبه الجزيرة الكورية، تزداد تلبدًا بالغيوم، في ظل تبادل التصريحات التي تهدد بالحرب بين الطرفين، إذ توعد الجيش الكوري الشمالي، الجمعة الماضي ب«رد لا رحمة فيه» على أي استفزاز أمريكي، مع ازدياد حدة التوتر بشأن برنامجها النووي والبالستي. وأفاد بيان لجيش بيونج يانج، بأنَّ ترامب «دخل مسار التهديد المفتوح وابتزاز جمهورية كوريا الشمالية الديموقراطية الشعبية». وتوحي مؤشرات جديدة إلى أنَّ نشاطًا يجري في موقع التجارب النووية في كوريا الشمالية، كما يقول خبراء في الموقع الإلكتروني «38 نورث»، ومسؤولون أمريكيون نقلت إذاعة «صوت أمريكا» تصريحاتهم الأربعاء، وذكر هؤلاء أنَّ كوريا الشمالية «وضعت على ما يبدو عبوة نووية في نفق»، وقد تلجأ إلى تفجيرها صباح السبت. الصين: لا أحد سيخرج منتصرًا.. وروسيا «قلقة جدًا» الصين هي الأخرى لم تقف صامتة أمام ما يحدث عند جارتها، فحذَّرت على لسان وزير خارجيتها، وانج يي، الجمعة الماضي، من أنَّ «نزاعًا يمكن أن ينشب في أي لحظة» في كوريا الشمالية، لافتًا إلى أنَّ «لا أحد سيخرج منتصرًا» من حرب كهذه. وبعد ساعات على تصريحات قال فيها ترامب إنَّ «كوريا الشمالية مشكلة ستتم معالجتها»، قال الكرملين إنَّ روسيا «قلقة جدًا» من تصاعد التوتر بشأن كوريا الشمالية، ودعت كل الأطراف إلى «ضبط النفس» وتجنب أي عمل يمكن أن يفسر على أنَّه «استفزاز»، بعد التهديدات التي وجهتها واشنطنلبيونج يانج. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إنَّ «موسكو تتابع بقلق كبير تصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية»، مضيفًا: «ندعو كل الدول إلى ضبط النفس ونحذِّر من أي تحرك يمكن أن يفسّر على أنَّه استفزاز». وأعلنت بيونج يانج على لسان نائب وزير الخارجية هان سونج ريول، أنَّها لا تستبعد إجراء تجربة نووية جديدة، محذرَّة الولاياتالمتحدةالأمريكية من الجنوح نحو التصعيد العسكري. وعلى صعيد متصل، أجرى الجيش الأمريكي «بنجاح» اختبارًا لقنبلة نووية تكتيكية أسقطها فوق موقع للرمي بولاية «نيفادا»، الجمعة، وفقًا للموقع الرسمي للقوات الجوية الأمريكية. وذكر الموقع أنَّ الإدارة الوطنية للأمن النووي والقوات الجوية الأمريكية أجرت اختبارًا لإسقاط قنبلة نووية غير مشحونة من طراز "B61-12" المعدل، من مقاتلة «إف 16»، للوقوف على جاهزية هذه المقاتلة لإلقاء هذا النوع من القنابل واختبار المكونات غير النووية في هذا السلاح، بما في ذلك نظام التسليح والتحكم في الإطلاق ومقياس الارتفاع في الرادار، والمحركات الصاروخية وكمبيوتر التحكم. وفقًا ل«سكاي نيوز» العربية. وتعد التجربة الأولى من نوعها لإسقاط قنبلة «B61-12» باستخدام طائرة «إف 16». وفي تطور للأزمة الكورية، اتفقت كوريا الجنوبيةوالولاياتالمتحدة على نشر مبكر لمنظومة «ثاد» الدفاعية، في وقت وجَّه نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، تحذيرًا لكوريا الشمالية، مذكرًا بالهجوم الصاروخي على سوريا، في الوقت الذي أرسلت فيه الصينوروسيا سفن تجسس لمرافقة حاملة الطائرات الأمريكية المتجهة إلى المياه الكورية الشمالية. اللاوندي: واشنطن تدرك أن «الرصاصة» على كوريا قد يقابلها «صاروخ نووي» الدكتور سعيد اللاوندي أستاذ العلاقات الدولية، أكد أنَّ التحركات الأمريكيةوالصينية والكورية تعني أن حربًا عالمية على وشك الحدوث في شبه الجزيرة الكورية، وهي حرب يخسر فيها الجميع فلا غالب أو مغلوب فيها. وأضاف «اللاوندي» في حديثه ل«الوطن»، أنَّ أمريكا اقتربت بشدة من الحرب، ومع هذا الاقتراب يبدو أنَّ ترامب لديه قناعة الآن، أنَّه عليه وبأي شكل تجنب توريط العالم في حرب عالمية ثالثة، فكوريا ليست سوريا أو أفغانستان، وهو يدرك ذلك جيدًا، ويدرك أنَّ الرصاصة التي ستطلق تجاه كوريا الشمالية ربما يقابلها صاروخ نووي على الأراضي الأمريكية. وتابع أنَّه حتى في حال اندلعت حرب فبالتأكيد سيسعى ترامب وحلفاؤه بشتى الطرق إلى أن تكون الحرب كلاسيكية لا يتورط فيها أي من الطرفين في استخدام النووي، موضحًا أنَّ واشنطن ستتجنب أن يشهد شرق آسيا مرة أخرى استخدامًا لقنابل نووية بعد مأساة «هيروشيما وناجازاكي». ولفت أستاذ العلاقات الدولية إلى أنَّ الرئيس دونالد ترامب «جمهوري» وهذا يعني أنَّه ينتمي إلى الحزب الذي يحب «افتعال المشكلات»، تجلى ذلك في الحرب على أفغانستان والعراق. ورغم الزخم العسكري الذي تشهده شبه الجزيرة الكورية، إلا أنَّ ذلك لا يغدو كونه «درجة» من ألف درجة في الطرق الدبلوماسية التي تمارسها الدول للضغط على دولٍ أخرى، وكل هذه التحركات من وجهة نظر الدكتور جهاد عودة أستاذ العلاقات الدولية بجامعة عين شمس، لا تعني بالضرورة أن حربًا عالمية ثالثة على وشك الاندلاع. ويرى «عودة» في حديثه ل«الوطن»، أنَّ ربما العكس صحيحًا، وأنَّ كل ما يحدث هو لتجنب وقوع حرب، فالأمر في القضية الكورية ليس «الحرب أو لا شيء»، فالأطراف هناك تمارس ضغوطًا لتحقيق مكاسب سياسية وتجنب توريط العالم في حرب، وقد تصل هذه الضغوط إلى حد تحريك أساطيل بحرية أو معدات عسكرية ثقيلة، أو حتى التلويح بالحرب.