لحية كثة وعمامة سوداء ومظهر وقور يوحى بالثقة بالنفس، هكذا يدخل إلى مركز الاقتراع للإدلاء بصوته فى الانتخابات الرئاسية الإيرانية. يقف بمظهر الواثق من نفسه ومن أفعاله «لا نعير تعليقات المسئولين الأمريكيين اهتماما»، بهذه الكلمات يتحدى واشنطن فى اللحظة الأخيرة قبل الإدلاء بصوته. يدخل المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، آية الله على خامنئى، إلى مركز الاقتراع للإدلاء بصوته، داعيا إلى المشاركة فى الانتخابات، رافضا بشدة كل ما يُثار حول أن الانتخابات فى إيران «غير نزيهة»، «المهم أن يشارك الجميع».. هكذا يقرر المرشد الأعلى رغم كل الاتهامات التى تواجهه بأنه سبق أن اختار الرئيس الجديد من الموالين له. يتزعم «خامنئى» تيارا متشددا جاء بالرئيس المنتهية ولايته أحمدى نجاد فى الولاية الثانية له عام 2009، على الرغم من خروج الإيرانيين فى مظاهرات حاشدة سُميت «الحركة الخضراء» للاحتجاج على نتيجة الانتخابات، قُمعت بأقصى شكل ممكن، وقف العالم مذهولا.. كيف خرج الإيرانيون بهذا الشكل دون أن نتوقع هذا؟ كيف فوَّت الرئيس الأمريكى باراك أوباما مثل هذه الفرصة للإطاحة بالنظام المتشدد فى إيران وإحداث تغيير حقيقى؟ تحولت الحركة الخضراء إلى «حمراء» لشدة أعمال العنف فيها، وبقى الوضع كما هو عليه. يقر الجميع بأن «خامنئى» هو من يختار الرئيس من الموالين له؛ فلا بد للرئيس أن يتمتع بصفات متعددة أهمها اتباع نظام «ولاية الفقيه» وطاعة المرشد. «المقاطعة هى الحل».. هكذا هو الحال بالنسبة للكثير من الإيرانيين الرافضين للتصويت؛ فهم يرون أن النتيجة محسومة بالفعل. أما بالنسبة للإصلاحيين والمحافظين فهم يرون أن «المقاطعة ليست حلا».. يبذلون أقصى ما فى وسعهم لحشد الشعب الإيرانى، كل على حسب أهوائه، فالإصلاحيون يسعون إلى التغيير، بينما يحاول المحافظون دحض اتهامات أن النظام لا يختار الفائز. «رئيسٌ يأتى وآخر يذهب ويظل المرشد فى موقعه الحاكم الفعلى».. هذا هو الحال من وجهة نظر الصحافة الإسرائيلية لما يجرى؛ فمنذ اختياره مرشدا أعلى للثورة الإسلامية فى إيران عام 1989، تبدل الرؤساء من حوله بينما ظل هو قابعا على رأس السلطة. ومنذ أن اختاره المرشد الأول روح الله الخمينى لعضوية مجلس شورى الثورة الإسلامية، تقلد جميع المناصب الممكنة، بدءاً من وزارة الدفاع والحرس الثورى وحتى رئاسة الجمهورية ورئاسة مجمع تشخيص مصلحة النظام ومجلس شورى إعادة النظر فى الدستور، نهاية بمنصب المرشد الأعلى بعد وفاة «الخمينى». ربما ليس الغرب فقط من يرونه الحاكم الفعلى للبلاد؛ فالرئيس الأول لإيران بعد الثورة الإيرانية، أبوالحسن بنى صدر، يرى بدوره أن «خامنئى» يتعدى على صلاحيات الرئيس بجميع الأشكال، وأن «نجاد» كان «آخر رئيس له تمرد ضمنيا على خط المرشد»، كما أن «أى رجل يختاره خامنئى سينفذ أوامره، والجمهورية ستلغى نفسها فى مواجهة الزعيم».