شواهد كثيرة تؤكد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية أدارت ظهرها ل«مرسى» وجماعته، وأن كليهما يقف الآن فى مواجهة الشعب الغاضب، دون دعم من الولاياتالمتحدة التى كانت عاملاً مهماً من عوامل وصولهم إلى الحكم. ويمكننا تحديد بداية التحول فى تعامل الأمريكان مع ملف «مرسى» وجماعته فى مصر بتولى جون كيرى حقيبة «الخارجية» الأمريكية. وقد ظهر هذا الأمر جليا فى الطريقة التى بدأ جون كيرى يزن بها أدوار كل من مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية، فقد تردد على لسان «كيرى» -خلال شهر أبريل الماضى- كلام لافت للغاية، وكان ذلك فى جلسة استماع أمام الكونجرس الأمريكى، قال فيها: «أعتقد أن الجيش المصرى أفضل استثمار قامت به أمريكا على امتداد السنوات الماضية فى منطقة الشرق الأوسط، ولا بد أن تكون أى مساعدة جديدة لمصر مشروطة بتحقيق تقدم فى عدة أمور تتعلق بالإصلاحات الاقتصادية والمشاركة السياسية». ومن اللافت أن «كيرى» أكد فى كلمته أيضاً أن «الثورة قام بها شباب يتطلع إلى عالم مختلف ومستقبل مختلف.. ثورة جيل وليست ثورة إسلامية». الكلام واضح ولا يحتاج إلى شرح؛ ف«كيرى» حدد موقفه وموقف الإدارة الأمريكية لصالح المؤسسة العسكرية منذ شهر أبريل الماضى، أى بعد مرور ما يقرب من عشرة أشهر على حكم «مرسى» وإخوانه، لم يفلح خلالها فى ضبط إيقاع الأمور فى مصر سياسياً واقتصادياً، ولو راجعت الأحداث جيداً فسوف تجد أن رحلة التعثر فى الحصول على قرض ال4٫8 مليار دولار من صندوق النقد الدولى بدأت منذ ذلك التاريخ، فى حين كان جون كيرى يمرر بهدوء موافقة الكونجرس الأمريكى على منح مساعدات عسكرية للجيش المصرى قيمتها 1٫4 مليار دولار، كما أعلن عن ذلك منذ أيام. الأرقام هى التى تتحدث هذه المرة وتقول إن الولاياتالمتحدةالأمريكية أدارت ظهرها للنظام الإخوانى، وولت وجهها شطر المؤسسة العسكرية. والتبرير الأمريكى لهذا التوجه جاء على لسان «كيرى» نفسه فى أكثر من مناسبة، أكد فيها أن المؤسسة العسكرية استطاعت أن تجنب مصر ويلات الوقوع فى حرب أهلية بعد ثورة 25 يناير. وهو أمر تحرص الولاياتالمتحدة عليه أشد الحرص، حفاظاً على مصالحها ومصالح حليفتها إسرائيل فى مصر. والإدارة الأمريكية تعلم أن مصر تقف على أبواب عراك أهلى محتمل، مع وصولنا إلى يوم الحساب (30/6)، وهى تثق أن المؤسسة الوحيدة القادرة على حسم هذا الأمر ومنع استفحاله هى المؤسسة العسكرية، وبالتالى أصبح رهان الولاياتالمتحدة عليها. لقد قال المهندس خيرت الشاطر لعمرو موسى، فى اللقاء الشهير الذى جمع بينهما مؤخراً: «أمريكا معانا»، وهو كلام يعبر عن إنسان أعماه الكبر والغرور عن قراءة الحقائق الشاخصة على الأرض، ولا أملك أمام عبارته تلك سوى أن أقول: «تخسر يا شاطر»!