إذا أردت أن تتوقع مسارات حدث معين، فعليك أن تقرأ أعين ووجوه المتأثرين به والمتضررين منه، وليس فى أعين الساعين إليه والمريدين له. ولو أنك قرأت أعين ووجوه قيادات وكوادر جماعة الإخوان ودلاديلها فسوف تلمح عيونا مسكونة بالذعر، وأصواتاً ترتعش بالخوف، ووجوها تنحتها الكآبة، حتى «خيرت الشاطر» المشهور بالغرور والإفراط فى التعالى بدأ يهرول بحثاً عن حل، يستبق به يوم الحساب: (30 يونيو). لقد سارع خيرت الشاطر «الحاكم الفعلى للبلاد» إلى تنسيق لقاء مع عمرو موسى تحت رعاية أيمن نور! وعقب اللقاء أعلن «موسى» رسمياً أنه أفهم «الشاطر» أن الإخوان فشلوا فى إدارة البلاد، وأن الشرعية لا تقاس بالأصوات التى يتم حصدها فى صناديق الاقتراع فقط، بل لا بد أن يضاف إليها مستوى أداء الرئيس المنتخب أيضاً، وأن الانتخابات الرئاسية المبكرة جزء من مفهوم العمل الديمقراطى، وغير ذلك من أمور تستطيع أن تستخلص منها بسهولة أن «الشاطر» مذعور من يوم 30 يونيو، وإذا أضفت إلى هذا اللقاء السعى المحموم من جانب جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة للالتقاء برموز جبهة الإنقاذ، فيمكنك أن تستخلص بسهولة حقيقة أن «الشاطر» يريد أن يسلب حركة تمرد الغطاء السياسى الذى تعمل من تحته والذى يقدّر نائب المرشد أنه يتمثل فى جبهة الإنقاذ. وحالة الذعر والخوف التى تسيطر على «الشاطر» ليس مردها عمليات الحشد التى تتم فى الشارع الآن، بل من الواضح أن هناك سبباً أعمق من ذلك يرتبط بالولاياتالمتحدةالأمريكية، إذ يبدو أن الإدارة الأمريكية بعثت برسالة محددة إلى الجماعة تفيد بأنها سوف تخلع دعمها لاستمرار «مرسى» فى الحكم، إذا شهد يوم 30 يونيو وما يليه ثورة شعبية، قادرة على إفراز بديل له، وأن على «الشاطر» و«شطّار» الجماعة الآخرين أن يجلسوا مع المعارضة التى تتوحد الآن داخل جبهة الإنقاذ فى محاولة للتفاهم معهم، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل أن تقع الواقعة وتأتى لحظة تعلن فيها أمريكا رسمياً رفع حمايتها عن الجماعة و«مرسيها». لقاء الشاطر مع «موسى» برعاية «نور» يؤشر إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية بدأت تدخل على الخط وتحذر الإخوان من 30 يونيو، خصوصاً أنه من المتوقع أن تكون هناك محاولات من المهاويس من أصحاب الدقون لحماية ملك «مرسيهم»، ومن المؤكد أن أى محاولات من هذا النوع سوف تقابل بردود فعل غير «متهاودة» من جانب المشاركين فى مظاهرات يوم الحساب، وهو أمر يتناقض مع المصالح الأمريكية فى مصر، وقد يدفعها إلى رفع غطائها السياسى عن مرسى والجماعة، لتتركهما للشعب، والضامن الرئيسى للتهدئة فى هذه الحالة هو المؤسسة العسكرية ذات الصلة الوطيدة بالمؤسسة العسكرية الأمريكية، والقيادات العسكرية المصرية تعلم جيداً ما يجب فعله فى مثل هذه المواقف.. عندما يتحرك «الشاطر» بهذه الطريقة، فتّش عن أمريكا!