أثارت حادثة تعرض ناشط يساري شاب متطرف، لاعتداء من أحد حليقي الرؤوس في باريس، صدمة في فرنسا، وسرعان ما ألقي القبض على عدد من المشتبه فيهم، وذلك في سياق التوترات السياسية التي واكبت النقاش حول زواج مثليّ الجنس في فرنسا. وأعلن حزب اليسار، اليوم، أن الطالب كليمان ميريك (18 عاما) في حالة موت دماغي، بعد أن تعرض مساء الأربعاء إلى ضربة عنيفة خلال مواجهة بين ناشطين من اليسار المتطرف واليمين المتطرف في حي تجاري بباريس. وأعلنت السلطات إلقاء القبض على 4 أشخاص "بمن فيهم من وجه الضربة المحتمل"، وعمره عشرين سنة وأنهم أودعوا قيد الحبس الاحترازي. وتضاعفت الدعوات من الحزب الاشتراكي وحزب اليسار، مرورا بوزير التربية فانسان بيون وعدة جمعيات مناهضة للعنصرية، إلى حظر المجموعات التي ترتكب أعمال العنف السياسي. وندد وزير الداخلية الاشتراكي مانويل فالس "بعنف يحمل بصمة اليمين المتطرف" بينما أدان الرئيس فرنسوا هولاند "بأشد الصرامة الاعتداء" الذي ارتكب "خلال شجار مع مجموعة من حليقي الرؤوس". وأضاف "إذا كانت هذه المجموعة مجموعة سياسية منظمة ومهيكلة فيجب حينها اتخاذ إجراءات". وأفاد مصدر أمني أن بعض الموقوفين "يدورون في فلك النواة القوية للشباب القومي الثوري". وأفاد مصدر قضائي أن اثنين من الموقوفين "قريبان من أوساط حركة من اليمين المتطرف تدعى الطريق الثالث"، وأحدهم من الشباب القومي الثوري "جناحه المسلح"، كما أكد المصدر. ونفى زعيم "الشباب القومي الثوري" سيرج أيوب (48 سنة)، وهو من حليقي الرؤوس، أي تورط لمجموعته في المواجهة بين ناشطين من اليسار المتطرف واليمين المتطرف في قلب باريس. ووقعت الحادثة أمام عدد من الشهود في شارع للمشاة قرب المتاجر الكبرى ومحطة سان لازار، التي يتردد عليها يوميا عشرات آلاف المارة. وروت امرأة كانت حاضرة في المكان الذي ما زالت فيه بقعة دم واضحة، صباح اليوم، "فجأة تلقى الشاب ضربة دفعته على العمود وكان الرجال حليقو الرؤوس بسترات من الجلد ووشم في العنق". وحمل سيرج أيوب مسؤولية الحادثة إلى 5 ناشطين من اليسار المتطرف، قال إنهم "تهجموا" على ثلاثة شبان "لأن شعرهم كان قصيرا ونوع سترتهم لا تعجب الآخرين". وقد تورط عناصر من الشباب القومي الثوري، وكذلك ناشطين من مجموعات متطرفة عنيفة خلال الأشهر الأخيرة في عدة حوادث تخللت تظاهرات الاحتجاج الحاشدة على زواج مثلي الجنس. وأعلنت الحركة ضد العنصرية ومن أجل الصداقة بين الشعوب، أن حادثة الأربعاء "تندرج في لائحة طويلة من الاستفزازات وأعمال العنف يرتكبها اليمين المتطرف خلال الأشهر الأخيرة"، خصوصا على اعتداءات استهدفت مثليي الجنس. وقال فانسان بيون إنه "منذ فترة هناك اعتداءات لا تحتمل في أجواء لا تحتمل وبالتالي يجب أن ينتهي ذلك". ودعا مانويل فالس إلى الاحتراس من "الخلط"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن خلال الأشهر الأخيرة "شاهدنا أحيانا إطلاق صوت (التطرف) في الفضاء العام على الإنترنت". من جانبها، أكدت مارين لوبن زعيمة الجبهة الوطنية (يمين متطرف) أن حزبها "لا علاقة له من قريب ولا من بعيد" بهذا الاعتداء "الشنيع" على الناشط الشاب من اليسار المتطرف. ودعي إلى عدة تظاهرات تكريما للضحية الخميس، يشارك في إحداها نواب وعشرات الطلبة، أمام معهد الدراسات السياسية حيث كان يدرس كليمان.