سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السفيرة منى عمر فى حوار خاص ل«الوطن»:نظام مبارك ليس المسئول عن أزمة سد النهضة.. ونبحث دائما عن دور إسرائيل لترسيخ نظرية "المؤامرة" الخارجية والوزراء لم يتجاهلوا أفريقيا قبل الثورة.. ومبارك كان يمتنع عن حضور القمم الأفريقية
تفتح السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية لملف الشئون الأفريقية السابقة، إدارة الملف الأفريقى من جديد، وتحلل الموقف الحالى فى أزمة المياه بين مصر وإثيوبيا، معتبرة القرار ليس جديداً ولا مفاجئاً، وأن نظام الرئيس السابق حسنى مبارك ليس المسئول عن بناء السد وتحويل مجرى نهر النيل، والإعلام وقتها هو أحد الأسباب التى نقلت للأفارقة هذه النظرية واقتنع بها الكثيرون الآن فى مصر، وكان ل«الوطن» هذا الحوار معها.. * يتحدث الكثيرون من الخبراء والمحللين فى الوقت الراهن عن وجود اختلافات واضحة فى إدارة الملف الأفريقى بعد الثورة عما كانت عليه قبل الثورة، والاتهام بالتقصير الشديد تجاه أفريقيا فى العصر السابق، ما تحليلك لإدارة الملف قبل وبعد الثورة؟ - لا توجد أية اختلافات فى إدارة الملف الأفريقى، سواء قبل أو بعد ثورة 25 يناير، لأن وزارة الخارجية مؤسسة، وليست «محلاً يُفتح ويُغلق حسب صاحب المحل»، فهى مؤسسة محايدة تخدم النظام القائم أياً كان، فإذا كان النظام شيوعياً نخدمه، أو إسلامياً أو ليبرالياً نخدمه أيضاً، والخارجية مؤسسة بها خبراء يؤدون دورهم لخدمة مصر سواء قبل أو بعد الثورة ونعمل لمصلحة البلاد. أما ما يخص اتهام الرئيس السابق حسنى مبارك فى أزمة سد النهضة وتحويل مجرى نهر النيل من قبَل إثيوبيا بسبب تجاهله، فإن مبارك لم يتدخل فى السياسة الخارجية لمصر، ولكن المشكلة أنه كان متجاهلاً لأفريقيا على مستوى القمة ومن حيث الزيارات، ولكن فى الوقت نفسه كان هناك زعماء أفارقة يأتون لمصر، وكان هناك نشاط مكثف من قبَل المسئولين المصريين فى تبادل الزيارات المختلفة. وفى الفترة السابقة، فى وجود وزير الخارجية الأسبق أحمد أبوالغيط، كان هناك نشاط محموم ناحية أفريقيا، وهناك مستندات توثق ذلك، وفى الفترة التى تولى فيها أبوالغيط قمت بنحو 44 زيارة ثنائية تشمل اتفاقيات وتشاورات سياسية وجميع القضايا التى تخص القارة الأفريقية، ولم أقم بزيارة واحدة بعد انتهاء فترته ومجىء 3 وزراء آخرين، وكانت الزيارات على مستوى المسئولين وتبادل التشاور فى جميع القضايا، وكان لدينا رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف ومجموعة الوزراء كانت نشطة تجاه أفريقيا، ولم تكن بالصورة التى يتداولها الإعلام من أن النظام السابق هو المسئول عن مشاكل أفريقيا. * ولكن يتحدث بعض المسئولين الأفارقة، وآخرهم رئيس أوغندا، عن تسبب مبارك فى إهمال أفريقيا وعدم دعمها بما تريده، ما رأيك؟ - أريد أن تحدث بشكل واضح، الإعلام المصرى لا يهتم ولا يتابع إلا تحركات الرئيس، وبما أن الرئيس كان لا يذهب إلى أفريقيا فأظهر الإعلام أن لا أحد يهتم بها، وإذا زار نائب رئيس أفريقى مصر وفى الوقت نفسه زار مسئول أوروبى قليل المستوى، يسلط الإعلام الضوء على المسئول الأوروبى ولا يتناول زيارة المسئول الأفريقى، والعكس صحيح مع زيارات المسئولين المصريين، والإعلام يُعتبر من ضمن أسباب الأزمة مع أفريقيا، فالإعلام المصرى كان مهتماً جداً بزيارات الرئيس ولا يهتم بزيارة الوزير أو حتى رئيس الوزراء، ما أدى لإظهار صورة التجاهل الكامل من قبَل النظام.[secondImage] * يتحدث خبراء مصريون عن رفض مصر لتوقيع اتفاقية «عنتيبى» دون تفاوض مع دول حوض النيل والتمسك بحصتها المائية دون النظر لمصلحة الدول الأخرى، هل هذا صحيح؟ - ليس صحيحاً إطلاقاً أن مصر رفضت التوقيع دون مفاوضات، والاتفاقية شهدت مفاوضات مستفيضة، واستعنا بخبراء قانون مصريين بينهم الراحل صلاح عامر، واستعنا بخبراء أجانب فى القانون الدولى وقانون الأنهار لنصل إلى الحل الدبلوماسى الأمثل للحفاظ على حصة مصر المائية مع تكاثر أعداد السكان. كان إنشاء منظمة دول حوض النيل من جانب مصر، فكيف ننشئ منظمة دول حوض النيل دون أن نقدم الفكرة ولا ننضم لها، ولكن فى اتفاقية عنتيبى وافقنا على حوالى 98% من شروطها، ورفضنا البنود الخاصة بالتوزيع العادل لمياه النيل، لأن بلداً مثل مصر مصدره المائى الرئيسى نهر النيل، أما بلاد أخرى مثل إثيوبيا وأوغندا فلديهم أمطار، وإثيوبيا لديها أنهار أخرى، أما مصر فظروفها مختلفة ومعظم الأرض هنا صحراء، فكيف تتساوى البلدان فى حصة المياه؟ وبالفعل نحن لدينا فقر مائى دون أن ننتظر بناء سد النهضة، والدليل أننا وجدنا بعض الفلاحين يتحدثون عن نقص المياه فى الأراضى الزراعية، لأن عدد السكان يزيد سنوياً ولا تزيد حصة المياه، مع مراعاة سوء استخدامنا للمياه منذ فترة طويلة. * هل كان تحويل مجرى نهر النيل من قبَل إثيوبيا أمراً مفاجئاً لمصر، خصوصاً بعد زيارة الرئيس محمد مرسى لأديس أبابا وحضور القمة الأفريقية؟ - تحويل مجرى نهر النيل لم يكن مفاجئاً وجرى الحديث عنه منذ سنوات، وكان الأمر متوقعاً فى أية لحظة وهى مشكلة قائمة منذ سنوات وليس بها جديد، وسد النهضة تحدثوا عنه منذ سنوات وتحدث عنه رئيس الوزراء الإثيوبى الراحل مليس زيناوى معه مع وفد الشعبية الدبلوماسية ومع الكثير من المسئولين قبل وبعد الثورة، ولكن الجديد فى هذا الموضوع التوقيت الخاص بتحويل مجرى مياه نهر النيل الأزرق، وكل الإجراءات التمهيدية كانت تجرى فى الماضى، ولا أحب أن أربط بين هذا الإجراء وبين زيارة الرئيس مرسى. * كانت هناك تقارير تصدر من قبَل وزارتى الخارجية والرى وجهاز المخابرات العامة بشأن ملف المياه بعد إعلان إثيوبيا إنشاء سد النهضة والمطالبة بالتوقيع على اتفاقية عنتيبى، ماذا عن هذه التقارير؟ - كانت هناك تقارير بالفعل تصدر من وزار الخارجية والمخابرات العامة ووزارة الرى وترسل بشكل مستمر إلى مؤسسة الرئاسة الحالية والسابقة، ومجلس الوزراء والجهات المعنية، للوقوف على حقيقة الأمر، وهناك لجنة قومية عليا بها جهاز المخابرات وقانونيون ووزارات التعاون الدولى والزراعة والكهرباء والطاقة، وتجتمع بشكل مستمر وتأخذ قرارات، وتتصل بالجهات المانحة والأجنبية وتُجرى اتصالات بدول حوض النيل، لتقديم المعونات فى دول حوض النيل برعاية مصرية. * ما رأيك فى تعامل رئيس الوزراء هشام قنديل مع الأزمة، على الرغم من أنه كان فى الأساس وزيراً للرى؟ - لم أستطع تحديد دوره فى الوقت الحالى، وما أستطيع أن أقوله هو إن الدكتور قنديل لم يزر أفريقيا منذ توليه منصبه كرئيس للوزراء، لم يحضر القمة الأفريقية، ومن حضرها هو الرئيس مرسى، ويشكر على هذا الحضور، ولكن ذلك غير كاف لأن الزيارات التشريفية ليست هى الحل المناسب لتعميق العلاقات، وفى أزمة مثل أزمة إثيوبيا يجب أن يكون هناك تنسيق وزيارات عمل من قبَل الرئيس فى دول أفريقيا. * تحدث البعض عن تدخل الكنيسة المصرية لحل الأزمة مع إثيوبيا، وبالفعل يلتقى البابا تواضروس الثانى، بابا الكنيسة الإثيوبية الأيام المقبلة، لبحث الأزمة، ما رأيك؟ - إن الجميع فى مصر يعمل لمصلحة وطنه، سواء فى الخارجية أو الكنيسة أو المسجد، وما دام لنا هدف واحد يجب أن نتفق، والهدف من حوار الرئيس مرسى مع القوى الوطنية هو الوصول إلى رؤية بشأن أزمة المياه، والحلول السلمية للتوصل إلى حل. وأدعو وفود الدبلوماسية الشعبية إلى التحرك مجدداً إلى إثيوبيا ونقل وجهات نظر المصريين وإقناعهم أن هذه القضية قضية أمن قومى بالنسبة لمصر، ويجب على البرلمانيين المصريين أن يتحركوا لأفريقيا وأيضاً رجال الإعلام والمسئولين على مستوى العالم عليهم أن يفهموا الأفارقة، وأرغب فى التركيز على البعد الإنسانى لهذه الأزمة، إن عدم وجود مياه فى مصر يعنى أنها سوف تعطش والأرض تبور ويمكن أن يتعرض الشعب للجوع، نحن نطالب بوجود المياه من أجل العيش وليس الرفاهية، والعالم يجب أن يقف مع مصر. * هناك توغل لبعض الدول الأجنبية مثل إسرائيل وإيطاليا والصين فى الملف الأفريقى ما يثير انتقاد البعض بمحاولة محاربة مصر عن طريق الدول الأفريقية، ما تعليقك؟ - من حق أية دولة أن ترى مصلحتها الشخصية بما لا يضر الآخر، وإذا كانت مصر لا تتحرك، فكيف تريد أن توقف أية دولة عن التحرك فى الدول الأفريقية، وأؤكد أن إسرائيل ليست المسئولة عن بناء سد النهضة وليست الصين أيضاً. * من المسئول إذن عن إنشاء السد وتمويله؟ - إثيوبيا تعاملت مع شركة إيطالية خاصة وليس لها علاقة بالحكومة، واتفقت معها على الإشراف على عملية الإنشاء الهندسى للسد، ونحن نبحث دائماً عن إسرائيل فى الأمر، لترسيخ فكرة المؤامرة. وتمويل إثيوبيا السد جاء من خلال جمع التبرعات من مواطنيها ومن خلال الجاليات الإثيوبية فى الخارج، من خلال زيارة الوزراء الذين يقنعون الجاليات بالدفع لبناء السد باعتباره مشروعاً قومياً. * لكن هناك تصريحاً رسمياً من السفير المصرى فى إثيوبيا محمد إدريس بأن إسرائيل تحاول استفزاز مصر بشراء سندات سد النهضة الإثيوبى؟ - لا أعلم هذا، ولكنهم طرحوا سندات لتمويل سد النهضة مثلما طرحت مصر الصكوك الإسلامية، وهم لا يوجد لديهم أية مصادر تمويل، لذلك الأمر متاح للجميع، وما يعطل إثيوبيا الآن أن مصر تتصل بالجهات المانحة وهناك جهود عظيمة ومتواصلة لوقف تمويل سد النهضة. * وما السيناريو المتوقع من وجهة نظرك؟ - الأزمة تعد قضية أمن قومى بكل ما تحمله الكلمة من أبعاد، والحل أن يجتمع الرؤساء الثلاثة فى قمة ثلاثية تجرى فى أى من بلدانهم بناء على التقارير التى جرى جمعها، وأن يلتقوا ويصلوا معاً إلى الاتفاق السياسى، ومن مصلحتنا أن نتعاون ونتكاتف لحل القضية. * وما رأيك فى وجهة نظر السودان تجاه الأزمة والإعلان بعدم تأثرها من تحويل مجرى نهر النيل؟ - السودان تحاول السعى لمصلحتها ورؤيتهم أن السد لن يؤثر عليهم، ولا أعلم لماذا اتخذت هذه الرؤية. * من وجهة نظرك، كيف تعود مصر لإدارة الملف الأفريقى ولدورها الريادى؟ - إعادة مصر لدورها الريادى فى أفريقيا لن تحدث فى ظل ضعف الإمكانيات التى تساعد فى التنمية والتمويل. مصر فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كانت تقود المنطقة الأفريقية من خلال دعم حركات التحرر، وكان هناك دول أفريقية لم تستقل بعد، وكنا نفتح مكاتب للحركات التى ترغب فى التحرر، أما الوقت الحالى فلا توجد دولة محتلة فى أفريقيا، ولم يعد هناك أى حديث عن الحرب والدعم، وأصبح هناك روسيا وأمريكا والظروف الدولية تغيرت، وأصبحت الدولة الأفريقية تريد تنمية وتوسيع البينة التحتية لها من خلال الدعم والتمويل، ومصر ليس فى يدها ما يساعد الدول الأفريقية، وليس لديها الإمكانيات المادية مثل أوروبا وأمريكا، ولكن مصر تشارك بالخبرات المصرية، وهذا الموضوع ليس جذاباً للإعلام، على الرغم من أن هناك العشرات من المصريين الذين ساهموا فى بناء الوزارات والأجهزة الحكومية، وهناك تعاون فى كل المجالات حيث يوجد نحو 8 آلاف خبير مصرى، وكنا نشارك فى عملية تنمية الدول الأفريقية. * ما رأيك فى إدارة الخارجية الحالية، وتدخل الدكتور عصام الحداد فى التعامل مع الأزمات الخارجية، وصدور تعليق الدكتور الحداد فى أزمة إثيوبيا قبل تعليق الوزير محمد عمرو كامل؟ - فى أى نظام هناك فريق استشارى حول رئيس الجمهورية، ومع الرئيس السابق حسنى مبارك كان هناك الدكتور أسامة الباز ولم يتهمه أحد بالتدخل فى وزارة الخارجية أو غيرها، ولم نر عصام الحداد فى وزارة الخارجية إطلاقاً، ودولاب العمل كان يسير بالطريقة السلمية ولا يوجد تدخل من الرئاسة أو غيرها.