المكان: مساكن اسبيكو بمدينة السلام.. البؤس يرتسم على وجوه قاطنى هذه المنطقة.. عُلقت الزينة وفُرشت الأرض بالرمل ونشارة الخشب الزمان: الساعة 10 صباح يوم الأحد الماضى.. الحدث: زغاريد فى منزل فتاة تدعى نورا محمد.. تنجيد غرفة نومها اليوم.. وزفافها بعد 4 أيام.. شقيقها الصبى «على».. الذى لم يتعد عمره ال15 ربيعاً استعد جيداً لليلة العرس. فى هذا اليوم.. لم يذهب اليوم إلى ورشة الأسطى «حديدة» التى يعمل بها بعد أن ترك دراسته واتجه إلى العمل منذ نعومة أظافره لمساعدة والده على تكاليف المعيشة.. توجه إلى منطقة الموسكى.. اشترى سلاحاً أبيض «مطواة».. وذهب إلى الحلاق وتزين ليظهر بالشكل اللائق أمام المدعوين وأمام فتاة أحلامه التى صارحها بحبه قبل شهر. بدأ الحفل وارتفع صوت ال«دى جى».. الشباب سارعوا فى الرقص على وقع الموسيقى الشعبية الصاخبة.. حالة من الاحتقان فى الفرح بعد مشادات وقعت قبل أيام بسبب اختلاف أهل العروسين على المبلغ الذى سيدون فى «قائمة المنقولات».. هذا محمد عبدالرحيم (58 سنة) خال العريس.. يطلب من بعض الشباب عدم الرقص بالأسلحة البيضاء.. أثار الأمر حفيظة «الصبى».. فيمسك المطواة التى اشتراها فى نفس اليوم ويسدد طعنة واحدة لهذا الرجل العجوز.. تستقر فى جانبه الأيمن.. الصبى يطلق قدميه للريح ليخفى السلاح ويتوجه إلى خاله.. تنامى لمسامعهم خبر وفاة العجوز.. الخال يحاول إخفاء نجل شقيقته فى «عشة حمام» فى سطح بلوك بذات المنطقة.. مباحث السلام تداهم المكان.. وتُلقى القبض على المتهم ليرشد عن مكان إخفاء السلاح المستخدم ويعترف بجريمته كاملة أمام الرائد هانى أبوعلم رئيس مباحث قسم أول السلام. يقول المتهم على محمد على (15 سنة) حداد، بعيون دامعة تجوب أنحاء الغرفة وصوت متحشرج ينم عن خوف من المجهول القادم: «أنا مواليد 1998 رحت المدرسة ومكنتش بحبها خالص.. سقطت فى الصف السادس 3 مرات؛ استنفدت يعنى.. بعد كده حولت على المدرسة المهنية قعدت فيها شهر واحد بس ماكناش بنعمل حاجة.. نفضل نزرع نزرع وفى الآخر مش بنستفيد ولا بيعلمونا.. قررت أنى أساعد والدى اللى بيشتغل فى محل سايغ ووالدتى مش بتشتغل بترعى إخواتى حسن وزينب فى الابتدائى وإبراهيم عنده 3 سنين.. اشتغلت مع الأسطى حديدة فى الورشة بتاعته.. كنت كل يوم بقول لنفسى أنى لازم أشتغل كويس عشان أتعلم الصنعة دى وأفتح ورشة لوحدى». المتهم يواصل: «قبضى فى الشهر كان 480 جنيه.. أول ما آخدهم بديهم لوالدتى عشان تخليهم معاها وتصرف على البيت وتشيلى جزء منهم.. كل يوم أخلص شغلى وأروح أقعد مع أصحابى كلهم ناس أكبر منى فى السن.. أبوماجد وعم محمود.. ماكنتش بقعد مع ناس من سنى عشان كانوا بيقللوا منى كتير ويشتمونى وأنا مش بحب كده.. الناس الكبيرة دى كانت بتعلمنى حاجات كويسة كتير وينصحونى أنى مضيعش فلوسى فى حاجات ماتستاهلش.. أو لما أخلص شغل ممكن أروح أقعد شوية عند ستى فى آخر الشارع اللى ساكنين فيه أشوف طلباتها إيه وأروح على البيت عشان الشغل تانى يوم.. من زمان أنا كنت بحب واحدة من العيلة اسمها ريم.. من حوالى شهر كلمتها وقلتلها إنى بحبها وهشتغل وأكبر عشان أتجوزها.. وهى كمان بتحبنى. أنا معايا أختين أكبر منى، بسمة دى اتجوزت من مدة.. ونورا اللى كان فرحها يوم الحادثة.. عريسها دا اسمه إسلام، سكان فى نفس العمارة اللى إحنا فيها.. ماكانش بيدينى وش حلو مش عارف ليه وأنا مكنتش بحبه خالص.. ودايماً باشتكيه لأختى نورا، وهى تقولى أنت ملكش دعوة بيه خالص هو حر. قبل الحادث بكام يوم حصلت مشكلة بينا وبين أهل إسلام عشان القايمة، إحنا عايزينها تتكتب ب50 ألف وهما عايزين يكتبوا 10 آلاف بس.. وفى ناس اتدخلت وحلت الموضوع بس النفوس برضو شايلة.. أنا رحت منطقة الموسكى واشتريت مطواه عشان أرقص بيها فى التنجيد بتاع أختى، ودخلتها كانت يوم الخميس.. يوم الأحد دا الصبح استأذنت من الأسطى بتاعى وماروحتش الورشة.. نزلت من البيت وساعدت الناس فى شيل العفش بتاع أختى.. وشغلنا الأغانى وقعدنا نرقص بالمطاوى أنا وناس من سنى كده وشباب من المنطقة.. أنا معايا خالتى ساكنة فى البساتين.. قالتلى تعالى وصلنى لمحطة الأتوبيس عشان فى عريس متقدم لبنتها ولازم تروح البيت هناك.. وصلتها ورجعت للفرح تانى بس كنت حاسس أن فى حاجة وحشة هتحصل وقلبى كان مقبوض.. فى واحد فاتح محل جنبنا اسمه عم محمد فاتح محل صابون وهو خال إسلام عريس أختى.. ولما رجعت الفرح بدأت أرقص تانى بالمطواة وهو ماكانش عايزنا نرقص بأى سلاح عشان محدش يتعور ولقيت مرات خالى بتتخانق مع خالة العريس.. وحصلت مشكلة تانى وكله بقى يدب فى بعضه.. وأنا شفته هو قدامى رحت ضاربه بالمطواة فى جنبه اليمين.. وشفتها طالعة بالدم كده.. أنا خفت أوى معرفتش أعمل إيه.. ولقيت الراجل وقع على الأرض.. وجريت بسرعة بقيت تايه ورميت المطواة فى حتة كده بس مامسحتهاش من الدم ولا حاجة.. ورحت لخالى فى بيت ستى.. وعيطت من الخوف وفى واحد قالنا إن الراجل خد غرز وهيبقى كويس بس هيفضل فى المستشفى كام يوم.. وبعدها بشوية واحد قالنا إن الراجل ماتلحقش ومات فى المستشفى.. خالى قالى أنى لازم أستخبى فى مكان عشان المباحث متعرفش توصل لنا خالص.. وخدنى عند واحد صاحبه فى المنطقة وقعدنا هناك فوق السطح.. ولما وصلت هناك رحت بسرعة استخبيت فى عشة حمام وقعدت شوية لغاية ما لقيت المباحث كبست وقبضت عليا أنا وخالى وصاحبه.. جابونى على قسم السلام.. أول مرة أبات فيها بعيد عن البيت واللبس اللى كنت لابسه قلعته وغسلته فى الحجز.. أنا حاسس أن كل حاجة ضاعت منى خلاص.. كنت عايز أشتغل وأكبر وأبقى أسطى أد الدنيا.. وأساعد أبويا وأمى.. أنا عايز والدى ياخد باله من إخواتى الصغيرين.. أنا ندمان.. كده فرح أختى باظ.. كان المفروض أول إمبارح يوم الخميس.. لكنه تحول لجنازة ودم.. مفيش فرح ولا جواز.. وإسلام سابها.. طبعاً بقى فيه دم بينا.. وكمان حبيبتى ريم ضاعت منى.. مش هتتجوز واحد رد سجون.. كله راح بسبب وصلة رقص.. وغزة مطواة».