اختطاف الجنود السبعة ليس بالحدث العادى أو الهيّن، إنه حدث جلل، لو فكّر فيه المصريون بعض الوقت لفهموا حجم الكارثة التى تكمن فى أحشائه. إننا لم نسمع من قبل عن أن جنود شرطة أو جيش قد تم اختطافهم، والمقايضة عليهم بمتهمين أو بأشخاص أدانهم القانون، فحتى عتاة المهربين وتجار الموت على الحدود المصرية يتورعون عن ذلك، لأنه من البشاعة بمكان أن تختطف جندياً يقف على حدود بلادك ليدافع عنها، ويعرض نفسه فى كل لحظة للموت فى سبيلها، ناهيك عن لا أخلاقية اختطاف شخص بسبب موضوع لا ناقة له فيه ولا جمل، بهدف تحقيق مكاسب معينة من خصم لا تقوى على مواجهته فى العلن. أزيدك من الشعر بيتا فى هذه المأساة وأقول لك ألم تقف لتسأل بعد أن علمت بهذا الحدث: لماذا لم يختطف هؤلاء الجهاديون الأشاوس جندياً أو مواطناً واحداً إسرائيلياً؟ إن أحداً منهم لم يجرؤ عبر تاريخهم فى سيناء على القيام بذلك، على الرغم من أن السائحين الإسرائيليين ينتشرون فى سيناء، كما يعلم الجميع! ما أكثر ما أمطر هؤلاء الكذّابون المدّعون رؤوسنا بتهديد إسرائيل، وأنهم يريدون أن يزيلوا أحفاد القردة والخنازير وعبدة الطاغوت من فوق سطح الكرة الأرضية، واستئصال شأفتهم، لكنهم لم يجرؤوا فى لحظة ما على اختطاف إسرائيلى واحد. ويبدو أنهم ينتظرون نبوءة «الشجر والحجر»، حين ينطق كلاهما بأن خلفى يهوديا تعالَ يا مسلم فاقتله! إننى أقدر مشاعر الكثيرين بضرورة المحافظة على أرواح جنودنا السبعة، ومؤكد أننى أشاركهم تلك المشاعر وأدعو الله أن يحفظهم لأهلهم وذويهم، لكننى أحذر كل الحذر من أن يفهم البعض الدكتور «مرسى» خطأ، فيتصور أن الرجل يؤجل التعامل العسكرى مع الموقف، حماية لأرواح جنودنا، إنه يريد أن يحمى أرواح الخاطفين، وكلامه عن أنه يسعى إلى حماية أرواح الخاطفين والمخطوفين كلام لا ينطلى إلا على السذج، فهو يريد فى المقام الأول حماية زملائه من الإسلاميين، حتى ولو احترق الشعب بأكمله. وثق أن تلكؤ الجيش فى التعامل الحاسم مع هذا الأمر، حتى ولو أدى إلى سقوط شهداء من المخطوفين، لا سمح الله، سوف يشكل حدثاً فارقاً فى تاريخ هذا البلد، لأن معناه ببساطة أن الجيش -من حيث يسمح بالتعامل العشائرى مع هذه القضية الخطيرة- يمكن أن يتسامح فى التضحية بشعب بأكمله. انتبهوا أيها السادة: إن الجنود المختطفين مصريون، ينتمون إلى الجيش المصرى، وتم اختطافهم فوق أرض مصر، بمعرفة مصريين، ومن يتفاوض عليهم هو الجيش المصرى والرئاسة المصرية، إننى أفهم أن يتفاوض جيش أو دولة على تحرير جنود تم اختطافهم بمعرفة جيش معاد، أما أن يتفاوض الجيش المصرى ورئاسته على جنوده الذين تم اختطافهم فوق أرض مصر، فذلك هو الخيال بعينه!