على عجلة القيادة ينكفئ لأكثر من 14 ساعة، ما بين «أكتوبر - رمسيس»، يقود سيارته «الجاز» بصوت محرك عالٍ «يدوش» العقول، ما إن وقعت عيناه على خبر بدء وزارة البترول فى تطبيق الكروت الذكية للسولار فى يوليو المقبل، حتى أصابته هيستيريا، كاد «عبدالرحمن إبراهيم» أن يخبط رأسه فى أقرب حائط، قبل أن يُجيب: «كده الواحد هيفوّل عربيته من السوق السودا»، المشكلة التى كانت حائلاً أمام الرجل الخمسينى، ليست فى تطبيق النظام فحسب، بل فى كيفية استخراجها والحصول عليها، حيث وضعت وزارة البترول بنوداً للحصول على الكروت، منها التسجيل على الإنترنت، ثم يتم تسليم البطاقات من مراكز التوزيع «ده الواحد بيقرا الجورنال بالعافية، يبقى إزاى بقى هيدخل نت ويقعد يسجل عشان البطاقات». جمال الشاذلى -محاسب بإحدى شركات القطاع الحكومى- كانت له تجربة مريرة فى «الكوبونات»: «طلعت كوبون أنابيب البوتاجاز لا الخناقات انتهت، ولا الطابور كان بيمشى، الدنيا واقفة زى ما هيا»، يرى الأب ل«3 بنات» أن كوبونات البنزين لن تحل المشكلة، بل ستزيدها سوءاً «الناس اللى بيبيعوا فى السوق السودا، بيجيبوا البنزين والسولار من الهوا، المشكلة فى المنظومة كلها، مش فى الفساد اللى جوه المنظومة»، من منطقة حدائق القبة إلى المعادى، يقطع «جمال» المسافة التى تستهلك 8 لترات بنزين فى سيارته، «5 لتر مش هيكفوا طبعاً، كده كلنا بقى نركن العربيات ونقعد فى البيت وبلاش نقضى مصالحنا، ما هو كده كده الحال واقف». على العكس من النموذجين السابقين، ف«إبراهيم عوض» يستخدم سيارته القديمة والمتهالكة ك«كشك» صغير متنقل، يجمع فيه البضاعة الجملة من مدينة 6 أكتوبر، إلى ميادين الدقى والمهندسين، يظل يوزعها على الأكشاك والمحلات حتى تنفد، عدل الرجل الهرم نظارته الطبية التى تستحوذ على معظم وجهه قبل أن يقول: «ده اسمه نصب على الناس، أنا عربيتى بنزين، وكنت عاوز أخليها غاز طبيعى، لكن الظروف وحشة، ودلوقتى كمان عاوزين يدونى 5 لترات، يعنى وأنا مروح أركن عربيتى على أول المحور، وأزق باقى المسافة»، الحاصل على بكالوريوس تجارة لا يعرف آلية الدخول على الإنترنت، لكنه فى الوقت ذاته ينتقد أداء الحكومة، «هما مش عارفين يحلوا الأزمة، بيحلوها بأزمة تانية، يا باشا دول ناس مشتغلوش سياسة قبل كده، مستنى منهم إيه».