ينتقد الناس، وتعريفهم هنا هو أنهم من غير المنتمين لأهل وعشيرة رئيس الجمهورية، المعارضة لغياب فاعليتها ومحدودية قدرتها على تغيير الأوضاع المأزومة الراهنة. وللناس أقول إن المعارضة نعم تعانى من أوجه قصور كثيرة، أبرزها ضعف وجودها على الأرض وافتقادها لمشروع بديل لإدارة الشأن العام فى مصر، إلا أن أحزاب وتيارات وجبهات المعارضة لا تملك زراً سحرياً لتغيير الأوضاع بإلزام الرئيس وجماعته وحزبها بالديمقراطية وحقوق الإنسان والشراكة الوطنية أو بانتزاع انتخابات رئاسية مبكرة. الطلب الشعبى السلمى على التغيير هو الأساس ومعه تتصاعد قدرات المعارضة وبدونه تظل فاعليتها محدودة ويستحيل انتزاعها لانتخابات رئاسية مبكرة أو إجراءات ديمقراطية حقيقية. ينتقد الناس تخبط المعارضة وتضارب مواقفها بشأن قضايا مصر الكبرى من الدستور والانتخابات البرلمانية إلى الحكومة وقرض صندوق النقد الدولى. وللناس أقول إن الأصل فى السياسة هو الاختلاف والتنوع والتنافس على الرضاء الشعبى، ومن ثم لا يخرج تعدد مواقف المعارضة عن سياقات الطبيعى فى السياسة. للناس أقول أيضاً إن بناء الموقف والرأى بشأن بعض القضايا ليس بالأمر الهين، فمقاطعة الانتخابات لغياب القواعد العادلة تمثل قراراً صعباً على كل حزب سياسى هدفه الأصلى هو المشاركة والمنافسة والوصول إلى السلطة، وعلى كل سياسى يرغب بحكم التكوين فى الحضور والتأثير ويدرك صعوبتهما مع قرار المقاطعة. لا عجب، مثلا، فى أن أطالب مع آخرين داخل جبهة الإنقاذ الوطنى بالالتزام بقرار مقاطعة الانتخابات البرلمانية ما لم تتغير القواعد غير العادلة، وأن يطالب البعض الآخر بتعديل القرار والمشاركة. الجبهات السياسية تنشأ حين التقاء أطرافها على مواقف ورؤى وقرارات موحدة، وهو ما يلمحه الناس من قبل جبهة الإنقاذ إلى اليوم فيما خص الدفاع عن القضاء إزاء هجمة اليمين الدينى الشرسة، وتنفض الجبهات حين تتضارب المواقف وتصل إلى التناقض الصريح، وهو ما يلمحه الناس فى مسألة الانتخابات البرلمانية وجبهة الإنقاذ يختَبر تماسكها على محك المقاطعة أو المشاركة فى الانتخابات. ينتقد الناس عجز المعارضة عن تجاوز مجرد الحضور الإعلامى وتبيان أخطاء الإخوان المسلمين على شاشات التليفزيون وفى البرامج الحوارية، وهى كثيرة. ينصب الانتقاد هنا على غياب العمل الجماهيرى والتنموى للمعارضة لتوعية الناس بصورة مباشرة لفساد الاتجار بالدين فى السياسة وللإسهام فى تغيير ظروفهم المتردية ولو بقدر يسير وفى مساحات محدودة. والانتقاد هذا مشروع للغاية ولا يمكن تفنيده بمجرد الحديث عن كون الحكم هو المسئول وهو المحتكر لأدوات الدولة التشريعية والتنفيذية. فحتى ولو تصاعدت القيود على الحركة الجماهيرية والتعبير عن الرأى، كما يحدث الآن فى الجامعات، فواجب المعارضة المدافعة عن الحرية والديمقراطية هو التحرك وكشف القيود ومقاومتها. واجب المعارض هو عدم التردد أو التراجع حين يواجه العنف اللفظى أو الجسدى للمتطرفين داخل مساحة اليمين الدينى وأن يظل متمسكاً بسلمية فعله وبحثه عن الحوار مع المتطرفين لتفنيد حججهم، وهى واهية. وفيما خصنى ولكى لا تفسر محاضراتى الحالية فى الجامعات المصرية بأنها مساعٍ للتأهيل للترشح لمناصب تنفيذية عليا (الرئاسة وغيرها) ومن ثم توصيفها كتوظيف للجامعة لمآربى الشخصية، أقول للناس إن هدفى هو التوعية ونشر الفكر المستنير والمساعدة فى الخدمات التنموية والمجتمعية وسأواصل الاجتهاد من أجل تحقيقه. أما الترشح للمناصب التنفيذية العليا، فأنا مستبعد منه بحكم دستور 2012 الذى حرم الترشح هذا على كل من كانت له جنسية أخرى حتى وإن تنازل عنها، فى عصف صريح بقواعد المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص. وأما البرلمان والترشح له مجدداً، فحركتى الميدانية لا تقتصر على دائرة مصر الجديدة وأنا متمسك بموقفى المعلن سلفاً والمتجه إلى مقاطعة الانتخابات ما لم تتغير القواعد الدستورية والقانونية غير العادلة وتكف يد الإخوان عن القضاء وتتشكل حكومة كفؤة ومحايدة ويتم التحقيق فى كافة انتهاكات حقوق الإنسان.