منذ بدء صناعة السينما فى مصر، لم يجرؤ أحد على الاقتراب من شخص الرجل الأول، ملكاً أو رئيساً، سواء رمزاً أو تصريحاً، واستمر هذا الوضع حتى أواخر عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، إلى أن تم تقديم عدد من الأفلام فيها إشارة إلى شخص الرئيس وشكله، منها: «طباخ الريس» و«ظاظا» و«معالى الوزير» و«جواز بقرار جمهورى»، بعد حالة الحرية التى تعيشها مصر الآن، كيف ستتعامل السينما مع الرئيس القادم. فيلم «طباخ الريس» من بطولة طلعت زكريا وخالد زكى وإخراج سعيد حامد، كان من أكثر الأفلام مباشرة، وسعى إلى الاقتراب من شخص الرئيس الإنسان، وكشف فساد «الحاشية» التى تحيط به، ومحاولات عزله عن شعبه. أما فيلم «معالى الوزير» بطولة أحمد زكى، فكان حضور الرئيس فيه بسيطاً، حيث ظهر فقط فى مشهد استقباله للوزراء الجدد وأدائهم للقسم. وفيلم «بوبوس» من بطولة النجمين عادل إمام وأشرف عبد الباقى، واللذين قدما مشهد «المواطن والرئيس» بجرأة كبيرة، وكان ملخص ما قيل فى المشهد أن الحرامية سرقوا البلد وهربوا الفلوس للخارج، وأن الشعب يموت كل يوم والناس طهقت من الحكومة، وانتهى المشهد بانفعال المواطن على الرئيس وجرجرته من شدة الضيق التى يعانى منها المواطنون. أما أكثر الأفلام جرأة فهو فيلم «ظاظا» من بطولة هانى رمزى وكمال الشناوى وتأليف طارق عبد الجليل، لأنه أول فيلم يقترب من الانتخابات الرئاسية فى عهد مبارك، ووقتها رفضت الرقابة عنوان الفيلم الأصلى وهو «ظاظا رئيس جمهورية»، كما أجبرت صناع الفيلم على تجهيل اسم البلد، والإشارة إلى أن أحداث الفيلم ليست فى مصر، وهى مفارقة كوميدية لا تقل عن كوميديا مَن يدعون أنهم ينتصرون لحرية الإبداع والرأى، ليس فى بلادهم فقط وإنما فى دول أخرى أيضاً. المهم أن الفيلم تم تصويره بعنوان «ظاظا»، ودارت أحداثه حول قيام شاب بالترشح أمام الرئيس الذى بدا عجوزاً، وكانت المفاجأة هى سقوط الرئيس أمام المرشح الشاب؛ لأن برنامجه كان يرفع من قيمة الإنسان المصرى، مع الحفاظ على كرامته. الناقد «طارق الشناوى» يقول عن هذه الظاهرة: إن تقديم الرئيس على الشاشة كان يهدف إلى تجميل صورته؛ لأن هذه الأفلام خصوصاً «طباخ الريس» و«جواز بقرار جمهورى» كانت بمباركة من الرئاسة نفسها، حتى إن «جواز بقرار جمهورى» شاهده جمال مبارك قبل عرضه. وأضاف «الشناوى» أن الإعلام المرئى كان أكثر جرأة من السينما والمسرح والأغنية فى تناول الرئيس، وأعتقد أن مساحة الحرية التى ظهرت بها بعض الأفلام يرجع أولاً إلى الزمن، كما يرجع إلى مساحة الحرية التى اقتنصتها الفضائيات، وكان مهماً أن تواكب ذلك مساحة موازية على شاشة السينما. أما الفنان «أشرف عبد الباقى» فيرى أن «طباخ الريس» هو أفضل الأعمال السينمائية التى قدمت صورة الرئيس؛ لأنه كشف شيئاً بالغ الأهمية، وهو وجود «حاشية» حول الرئيس شغلها الشاغل إبعاده عن هموم وأحلام الناس. ومن جانبه قال السيناريست «طارق عبد الجليل»: إن صورة الرئيس فى السينما المصرية كانت دائماً محظورة، ولم يتم تقديمها إلا من خلال أفلام مثل «ظاظا» والذى قدم نموذجين للرئيس، الأول « كمال الشناوى» الديكتاتور بشكله وملامحه المتعارف عليها، والثانى هو «ظاظا» الرئيس البسيط الذى يشعر بالناس ويقترب منهم وليست له مطامع شخصية، أما النموذج الثانى فكان فيلم «طباخ الريس» الذى أظهره وكأنه «عمر بن الخطاب» فى مراعاته لمصالح الشعب، وعدم درايته بالسلبيات.