يعيش المواطن «حمادة» مع أسرته الصغيرة، فى حى «النهضة» فى «مدينة السلام» شمال القاهرة. وعندما ضاقت به الدنيا وعجز عن مواجهة الظلم والبلطجة، لم يجد سوى الاتصال ببرنامج صباحى يقدمه الزميلان محمود الفقى ونيرمين البمبى بمحطة «راديو مصر». يقول المواطن حمادة إن عريساً تقدم لخطبة ابنته، لكن الفتاة والأسرة رفضوه لأنه غير مناسب، ولأنه كما سنعلم لاحقاً «بلطجى». ومرت الأيام والليالى، وجاء العريس المناسب، ووافقت عليه الأسرة. واقترب موعد الزفاف، فخرجت العروس مع شقيقها بصحبة العريس لشراء بعض لوازم الفرح. وبعد لحظات من خروج الثلاثة سمع الأب «حمادة» أصوات صراخ ابنته فى الشارع أسفل المنزل، فهرع إلى الشباك ليفاجأ بمجموعة من البلطجية ينهالون بالضرب على العروس والعريس، فهرول إلى الشارع لكنه وصل متأخراً فقد أنهى البلطجية مهمتهم واستولوا على كل الأموال التى كانت مع الضحايا الثلاثة. وتعاون الجيران فى حمل المصابين إلى داخل شقة الأسرة. لم يكن البلطجية، مجرد عابرين، ولم يكن الضحايا مجرد فرائس دفعتها المصادفة إلى طريق اللصوص، فالبلطجية كان يقودهم شقيق البلطجى الذى كان يريد الزواج بابنة حمادة ورفضته الأسرة، وكان الاعتداء مدبراً للانتقام من الأسرة وتوصيل رسالة لها مفادها أن «الجوازة دى مش هتتم.. ولو مصرين يبقى لازم تسيبوا المنطقة». لم يجد الأب مفراً من التوجه إلى قسم شرطة النهضة، وقدم بلاغاً بما حدث، وكانت المفاجأة أن الضابط المسئول يعرف البلطجية، وأجرى اتصالاً هاتفياً بالبلطجى الذى كان يريد الزواج من ابنة حمادة. وحسب رواية المواطن الغلبان، انتهت المكالمة «الودية» بتأكيد الضابط لحمادة على أن «الواد البلطجى ده مسيطر.. ولا بد من ترضيته وحل الأمر معه ودياً»، والحل الودى هو تهجير أسرة حمادة من المنطقة. وتوالت المصائب على رأس «حمادة»، فالبلطجى قرر أن يبيع شقة حمادة، ما دام الرجل يرفض مغادرة المنطقة، سيبيعون شقته بالعافية. والشرطة لم تفعل شيئاً. حكاية مواطن غلبان من الطبقة المتوسطة، لم تنصفه وزارة داخلية الإخوان، ولم تنصفه الشرطة العسكرية. الشرطة العسكرية؟.. وهى مالها بالحكاية دى يا عم المسطول. مالها ونص كمان.. المواطن حمادة، يعمل ضابطاً بالقوات المسلحة «المصرية»، وحسب كلامه وشكواه، فإنه لجأ إلى كل الوسائل والوسائط التى يتيحها له عمله فى القوات المسلحة، وكل المحاولات لم تسفر عن شىء. هذ حكاية المواطن حمادة التى لا نعرف نهايتها، أهديها إلى السذج الذين يغازلون الجيش ليل نهار يناشدونه النزول لحماية الشعب «المصرى» من الاحتلال الإخوانى والميليشيات التكفيرية، أهديها للمغفلين الذين سيظلون مغفلين إلى الأبد، أهديها للأيادى الملوثة بالدماء التى تعايرنا طوال الوقت بأنها زرعت لنا وردة الثورة، فى حين أنها زرعت وردة القتل. أهدى حكاية حمادة إلى السياسيين والمحللين الجهلاء، وإلى الفضائيات والتوك شو والمتظاهرين والثوار وكتاب الأعمدة والخبراء الاستراتيجيين والمنظمات الحقوقية وأصحاب الكرافتات وأصحاب كوفية عرفات ورسامى الجرافيتى وحاملى الأقنعة السوداء.. والخلاصة أن «السيسى لم ينقذ حمادة».