يعتبر ارتداء الزي العسكري لغير العسكريين جريمة فردية، لكن أن يتم تهريب آلاف الملابس العسكرية وضبطها مع مجهولين، فتلك هي الطامة الكبرى. وبعد أن اعتادت قوات حرس الحدود والشرطة المدنية ضبط كميات معتادة من الأسلحة، بدأت كميتها تزداد وطُرُزها تتنوع وذخيرتها تثقل وحجمها يكبر، لتصل إلى صواريخ مضادة للدبابات والطائرات وعابرات المدن، وهو ما يتسبب في ازدياد الانفلات الأمني وانتشار الذعر وعمليات الخطف والسرقة تحت تهديد السلاح. واكتملت ملامح الصورة أمام الخبراء العسكريين بعد اكتشاف عمليات تهريب كميات كبيرة من الملابس العسكرية، ووضح أن ما تم تهريبه من أسلحة ثقيلة خلال العامين المنصرمين يرتبط بآلاف القطع من الملابس العسكرية، ليُفصح بعضهم عن تخوفه من هجوم مسلح من عناصر متطرفة، ومواجهات مع الجيش المصري أو مع قوات إسرائيلة، وهو ما يوفر لدى الأخيرة ذريعة لشن هجمات على الجيش المصري. وأعرب الخبير الأمني اللواء فؤاد علام عن تخوفه الشديد من ظاهرة ضبط زي عسكري مع مجهولين، مشيرا إلى أن وجود الزي العسكري بعد عمليات تهريب واسعة لأسلحة ثقيلة وخفيفة يمثل خطورة شديدة على الأمن العام. وأضاف علام ل"الوطن" أنه يستشعر أن هناك تدبير يهدد أمن البلاد، نظرا للتعتيم الشديد على بعض قضايا الأسلحة المهربة والزي العسكري، مشيرا إلى أنه خلال العامين الماضيين تم ضبط أسلحة كثيرة، منها صواريخ مضادة للدبابات والطائرات وعابرة للمدن، وأن تلك الأسلحة تُستخدم في المعارك العسكرية وليس في العمليات الإرهابية فقط، مُرجِّحا أن الأسلحة ترتبط بالزي العسكري الذي يتم ضبطه خلال الفترات الماضية. وقال إنه يخشى "أن يكون تنظيم سري غير مكتشف يجهز لاستخدام الأسلحة والملابس في هجوم على قوات الجيش أو في اشتباك مع إسرائيل، ما يجعل هناك ذريعة لشن هجوم إسرائيلي على مصر"، متعجبا من عدم إصدار أي صحيفة أو جهاز إعلامي ما يشير إلى انتماءات السارقين، وما إذا كانوا ينتمون لجماعات أو اجتهادات فردية، متمنيا كشف النيابة العامة نتيجة التحقيقات مع العناصر التي تم ضبطها تمتلك الأسلحة أو الزي العسكري. وحول توافر بعض الأردية العسكرية مع باعة جائلين في ميادين شهيرة مثل "رمسيس"، قال إن ذلك "لا يمثل خطورة، لأنه بائع يسترزق من بيع متعلقات العساكر، لكن الأخطر ضبط الكميات الهائلة"، مشددا على خطورة ظاهرة ضبط الأزياء العسكرية بكميات كبيرة. ومن ناحية أخرى، أكد الخبير الاستراتيجي طلعت مسلم أنه لا يوجد قانون يحاسب المتاجر على بيع الزي العسكري، وأن ملابس القوات المسلحة المصرية تشبه إلى حد كبير عددا من ملابس جيوش البلدان الأخرى، و"تمويه" الزي العسكري المصري هو نفسه "تمويه" الزي العسكري الأمريكي، لافتا إلى دخول شحنات كبير من ملابس الجيش الأمريكي إلى البلاد من مخلفات حرب العراق. كما أوضح مسلم ل"الوطن" أن ظاهرة بيع الملابس العسكرية موجودة منذ سنوات، وأن العساكر ليسوا وحدهم من يُقبلون على شرائها، بل يشاركهم في ذلك بعض الضباط، رغم تزويد القوات المسلحة أفرادها بالملابس، مشيرا إلى عدم وقوع أي مسؤولية قانونية على باعة الملابس العسكرية، لكنه حذر من انتشار تلك الملابس التي ستساعد بعض العناصر في انتحال صفات عسكرية. وتعليقا على تصنيع الصين للملابس العسكرية المصرية، أكد استغلال الباعة لتشابه الملابس المصرية بملابس الجيش الصيني في بعض أجزائها، موضحا أنه يتم الإفراج عن تجار تلك الملابس العسكرية بعد التأكد من سلامة نيتهم. يُشار إلى أنه خلال الشهر الماضي كشفت قوات الأمن محاولات تهريب كميات كبيرة من الزي العسكري والرتب العسكرية، ما دفع قوات الجيش الثاني والثالث إلى ارتداء زي جديد، خاصة بعد ورود معلومات حول تخطيط عناصر إرهابية لاستخدام الأردية العسكرية في أعمال عنف للوقيعة بين الجيش والشعب، وذلك بعد أن كشفت عمليات تهريب أزياء عسكرية عبر أنفاق غزة. وفي الإسكندرية، تحفظت نيابة الميناء على حاويتين بداخلهما 25 طنا من الأقمشة المموهة التي تُستخدم في الزي العسكري، قادمة من الصين، بالإضافة إلى ضبط قيادي إخواني بحوزته كميات كبيرة من الملابس العسكرية في مدنية تلا بالمنوفية في 25 مارس الماضي.