قال الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل، في برنامج "مصر أين ومصر إلى أين؟"، الذى يُذاع على شاشة "سى بى سى" مع الإعلامية لميس الحديدى، إن أزمة القضاء في مصر أزمة "عناد ومكابرة" من النظام، فهو يقر دستورا ثم يتعامل بدستور آخر مخالف لما أقره، ثم يعاند المحكمة إذا رفضت قراراته. * إذا انتقلنا إلى القضاء ومشكلته المستحكمة؟ نحن لم نستطع أن نصل إلى حل، وعلى سبيل المثال قضية النائب العام؟ ** ليس فقط النائب العام، فى اللحظة الراهنة النظام والحكم فى الوقت الحالى يرى فى القضاء، خصماً ويرى فى الجيش تهديداً، ويرى فى البوليس أداة فى يده للعجز، ويرى فى الإعلام عدواً. الأستاذ مهدى عاكف من الممكن أنه لم يقصد ما قاله، لكن أفلتت منه حكاية ال3000 قاضٍ، حيث توجد قضية وراءها هناك ناس ترى بالمنطق العاجز أن كل من حكم ضدهم لا بد أن يخرج. اكتشفت أيضاً هذا الأسبوع أن لديهم صيغة سحرية، حيث إن ما قاله عاكف صحيح، فإذا نزّلوا سن المستشارين من 70 إلى 65 سنة، فقد أخرجوا 2200 قاضٍ، وإذا طبّقوا هذه السن لم يعد باقٍ فى المحكمة الدستورية إلا 5 عند 65 سنة، وإذا نزل إلى 60 عاماً يبقى قاضيان اثنان فقط. لذا هم لديهم فكرة التحايل على الفتاوى حتى إن خالفت روح القانون والعرف، كل السلطات استعملت القانون ونصوصه لكن هنا خالفوا القوانين، حتى فى الدستور الذى أخرجوه، فقد فوجئت بأحد الأشخاص يقول كل قرار أصدره «مرسى» باطل، لأنه طبقاً للدستور لا بد أن يكون لدينا التوقيع المجاور، هذا ليس وقت عبدالناصر ولا السادات ولا مبارك، هم أخذوا دستوراً آخر. الدستور الجديد الذى أخرجوه، وضعوا أمامهم دستور 23 الذى وُضع فى العصر الملكى، ودستور 54 الذى وضعه «السنهورى» باشا ولم يطبّق، ودستور 71 واختاروا من كل دستور، ورفضوا أن يأخذوا من الدستور الرئاسى السابق، لكن وضعوا نظاماً شبه برلمانى، وأضافوا إليه بعض مقوّمات النظام الرئاسى، لكى يعطوا للرئيس سلطة، فطلبوا من النظام البرلمانى أن يكون هناك توقيع بجانب الرئيس للقوانين التى صدرت عن طريق الرئيس محمد مرسى، لكنه إذا ذهب به إلى أى محكمة فهو باطل، لأنه ببساطة ينقصه التوقيع المجاور، ألا وهو أن الرئيس يوقّع على مشروع القانون ورئيس الوزراء يوقّع أيضاً، أما الوزير المختص فإما أن يوقع وإما لا، كل ما أصدره «مرسى» أصدره على ما كان يتم العمل به فى دساتير قديمة، ولكن ليس فى دستوره هو، عندما تأتى أخطاء من هذا النوع وتتعسفين مع القانون وتتضعين نصوصاً، وبعدين تروحى للقضاء لازم يكون ضدك فى تطبيق القانون وتأويله، لكن لم يحدث أننا وصلنا إلى أن نبحث عن فخاخ للقانون. * ماذا عن قضية النائب العام؟ مجلس القضاء الأعلى أصدر بياناً هادئاً يطالب النائب العام بالعودة إلى منصة القضاء؟ ** هذا نوع من العناد والمكابرة، مكابرة من لا يعرف، لكنه يريد أن يحكم، منصب النائب العام، هذا الرجل الأمين على الدعوة العامة أمامى أدبياً ومعنوياً وإنسانياً، نحن أمام مأزق أتى من ناس أتوا زمن آخر، يرون أن الخطأ فى الآخرين وليس فيهم. * إذا عدنا إلى السلطة التنفيذية بين السلطة والقضاء.. «عبدالناصر» كانت لديه أيضاً تصادمات مع القضاء؟ ** لا.. لا أتفق معكِ، «عبدالناصر» فى مذبحة القضاة، كما أطلق عليهم، لم تتعد ال40 قاضياً، هناك قضاة يحكمون بإعادة أرض الإصلاح الزراعى للفلاحين، ما يحدث الآن هو يأتى لمصلحة حزب ولم تكن هناك قضية عامة، وفيه فرق بين أن تخطئ فى موضوع به فكرة عامة وهذا خطأ يمكن أن يناقش، لكن أنت أمام تصرُّف كاسح وجامح. * هل تعتقد أن النظام سيواصل عنده فى قضية النائب العام أم سيجد مخرجاً قريباً؟ ** أعتقد أن هناك محاولات من قبَل بعض العقلاء لإيجاد مخرج، بمقتضاه يعود النائب العام السابق إلى العمل لمدة يوم واحد، ثم يقدّم استقالته، وأن المستشار طلعت إبراهيم يقدّم أيضاً استقالته، مراعاة ولو أدبياً للنائب العام، ثم يجىء نائب عام جديد.