■ هل لديك تحليل لنتائج التصويت فى الانتخابات الأمريكية؟ - نعم وتحتوى الأرقام على نتائج مدهشة، فعلى سبيل المثال معظم الذكور صوتوا ل«ترامب» بمعدل 53%، فى حين صوت 55% من الإناث ل«هيلارى»، و65% من البيض صوتوا ل«ترامب»، كما أن الفئة العمرية من 49 إلى 65 عاماً صوتوا له بنسبة 65% وفوق 65 عاماً صوتوا له بنسبة 90%، أما حملة شهادات الثانوية العامة والبكالوريوس فصوتوا لهيلارى كلينتون لكنهم أقلية، وصوّت لترامب العمال فى ولايات محسومة مثل ميتشجن وبنسلفانيا، بما يعنى أن الناس سئمت من الحزب الديمقراطى لإشباع حاجاتهم الاقتصادية، خاصة أن هناك نسبة بطالة فى المجتمع الأمريكى، فضلاً عن أن «هيلارى» تدافع عن الإخوان المسلمين ومستشارتها وصديقتها الشخصية تنتمى للإخوان، وكان من الممكن أن تتولى حقيبة وزارة الخارجية. ■ ما تقييمك للمظاهرات التى اندلعت فى عدة مدن أمريكية احتجاجاً على فوز ترامب؟ - لا أعتقد أنها سيكون لها تأثير كبير على الرغم من أن انتخاب الرئيس الأمريكى الذى حدث هو انتخاب أولى وليس نهائياً، والكثير من الناس لا يعرف ذلك، فالمرحلة الأولى التصويت الشعبى فى الثلاثاء الأول من شهر نوفمبر لكن يوم الانتخاب الحقيقى سيكون للمجمع الانتخابى يوم 19 ديسمبر، ثم تنصيبه رسمياً فى يناير، وقد يثور تساؤل هل ممكن أن يصوّت المجمع الانتخابى للمرشح الخاسر؟ حدثت مرة واحدة فى تاريخ أمريكا عام 1824، حيث فاز المرشح أندرو جاكسون ومع ذلك لم يصوّت له المجمع الانتخابى بالنسبة المطلوبة، ولم يحصل على 50% فقام مجلس النواب باختيار الرئيس كونسى آدمز، ولكن بافتراض تطور المظاهرات، وأصبح هناك ربيع أمريكى وحدث انقسام حقيقى، وأنا أستبعد ذلك، ممكن جداً المجمع الانتخابى فى التصويت الفعلى على الرئيس المقبل يزيح «ترامب»، وبالتالى قد ينتخب مجلس النواب «بينيتس» نائب «ترامب» أو «هيلارى»، خاصة أن الأخيرة حصلت على أصوات أكثر من «ترامب» بحوالى 160 ألف صوت من أصوات الناخبين، لكن «ترامب» حصل على أغلبية أصوات المجمع الانتخابى، وفى النهاية هو أعقد نظام انتخابى فى العالم، وتتخذ إجراءات احترازية بجعل التصويت النهائى للمجمع الانتخابى لربما تظهر مفاجآت لم تُعرف عن المرشح الفائز. ■ لكن «أوباما» و«هيلارى» قدما التهنئة ل«ترامب» واعترفا بفوزه رسمياً؟ - هذه إجراءات بروتوكولية يجب أن تحدث. ■ هل تتوقع نجاح «ترامب» فى تحقيق وعوده للأمريكان؟ - الرئيس الأمريكى بصرف النظر عن شخصه لا يعمل بمفرده وهناك مؤسسات يعمل معها وفى إطارها، وبخصوص النجاح والفشل لم يكن يتخيل أحد أن ينجح الرئيس الأمريكى الأسبق دونالد ريجان، الذى كان يعمل فى مجال التمثيل ولكنه حقق طفرات اقتصادية هائلة، لأنه أتى بفريق متميز جداً وبدأ حملة تطوير التعليم فى مقابل فشل الرئيس الأسبق جورج بوش الأب الذى فشل فشلاً ذريعاً، رغم أنه كان رئيس جهاز المخابرات المركزية الأمريكية، وحقق لهم انتصاراً فى حرب الخليج فى عهده، ومع ذلك لم يتم التجديد له لفترة ثانية. ■ هل تخشى من أن يكون «ترامب» نسخة مكررة من بوش، خاصة أنهما ينتميان لحزب واحد؟ - لا، مستحيل، لأن بوش أتى بشخصيتين خطيرتين جداً فى السياسة الأمريكية، وهما نائب وزير الدفاع الأمريكى وصار بعد ذلك رئيس البنك الدولى وولف وتس، وكان أستاذاً فى جامعة بروكنس، فقام بعمل دراسة قبل توليه منصب نائب وزير الدفاع عن ضرورة تدمير العراق، الشخص الثانى ديك تشينى ومعروف أنه إنسان متطرف جداً، وهناك فيلم كوميدى ركز على جورج بوش وعكس شخصيته الحقيقية بالفعل، فقدرته على الفهم ضئيلة جداً، وهو رئيس بالصدفة، وكما نعلم فإنه خسر فى الانتخابات فى أول جولة فلجأ لإعادة فرز أصوات الناخبين فى ولاية فلوريدا التى كان يحكمها شقيقه جيب بوش، وفى النهاية ورط الولاياتالمتحدة وتسبب فى خسائر تقدر ب5 تريليونات دولار ويعانى منها الشعب الأمريكى حتى الآن. ■ ألم يخش الشعب الأمريكى من أن يكرر «ترامب» سيناريو سلفه بوش؟ - الفكرة هنا تكمن فى أن «ترامب» أتى ببرنامج لإعادة إحياء الولاياتالمتحدةالأمريكية اقتصادياً، فكرة عودة المكانة الدولية لأمريكا، ولكى يحدث ذلك يجب أن يعمل شيئين، أولهما عودة القدرة الاقتصادية، فليس معقولاً أن يكون الدين الخارجى لأمريكا يعادل الناتج القومى وهذا لم يحدث فى تاريخها، وبالتالى لا بد من تعويض العجز بزيادة التنمية الاقتصادية، وعلى سبيل المثال الصين واليابان تستطيعان تخفيض قيمة الدولار إلى 3 قروش مثلاً إذا اتخذتا قراراً بسحب سنداتهما من أمريكا، لكن لن يحدث ذلك حتى لا يؤثر على استثماراتهما، الشىء الآخر الاحتفاظ بالقدرة العسكرية عبر عدم تشتيت القوات الأمريكية فى دول خارجية، فترامب لن يرسل جندياً واحداً خارج الولاياتالمتحدة. ■ رغم ما أصدره من تصريحات فى هذا الشأن؟ - هو قال إنه مستعد لتدمير «داعش» فقط. ■ لكن «بوش» دمر أفغانستانوالعراق بحجة مكافحة طالبان والإرهاب؟ - «بوش» فعل ذلك بسبب أحداث 11 سبتمبر، لكن «ترامب» لن يرسل جندياً واحداً خارج بلاده بسبب التكلفة، ولذلك فأنا أقول إنه سيتبع سياسة تسمى العزلة البناءة، بمعنى أنه سيعكف خلال فترة ولايته الأولى على بناء أمريكا اقتصادياً، كما سيتبع سياسة التوفيق مع أعدائه التقليديين مثل روسيا، خاصة فيما يتعلق بمحاربة «داعش» التى صنعها الأمريكان والأزمة السورية، فالجانبان يريدان القضاء على جبهة النصرة والإخوان وداعش، وهى موضوعات مشتركة، وأعتقد أنه سيصل إلى هذه الصيغة مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، كما أنه يريد التفرغ للصين اقتصادياً واحتواء القوة الاقتصادية الصينية، وإذا نجح فى ذلك خلال الأربع سنوات الأولى أنا متأكد أنه سيفوز بولاية ثانية.