تجددت اليوم في الأردن المسيرات السلمية المطالبة بالإصلاح الشامل ومكافة الفساد ومحاكمة المفسدين، وشهدت العاصمة عمان ومحافظات الزرقاء والكرك والطفيلة مسيرات واعتصامات بعد صلاة الجمعة، كان أكثرها سخونة الاعتصام الذي نفذه نشطاء الحراكات الشبابية والشعبية أمام المسجد الحسيني في وسط العاصمة، حيث شهد هتافات عالية تجاوزت كل الأسقف للمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين ورفع القبضة الأمنية وإلغاء محكمة أمن الدولة. وأكد المشاركون في الاعتصام، الذي دعا إليه "أحرار العاصمة" وشارك به ممثلون عن "أحرار عمان" و"تيار التحرير والتغيير" ونشطاء "الحراك الشبابي والشعبي"، ضرورة إلغاء محكمة أمن الدولة ووقف محاكمات نشطاء الحراكات الشبابية والشعبية فيها، كما وجهوا التحية للأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية. وشهدت منطقة وسط العاصمة عمان تواجدا أمنيا كثيفا وإغلاقا للطرق المؤدية لمنطقة الاعتصام، وسط حالة من التذمر من جانب أصحاب المحال التجارية، الذين عبروا عن سخطهم من استمرار تلك الاعتصامات والمسيرات، خاصة أن المنطقة تشهد عادة يوم الجمعة إقبالا كبيرا من الأجانب والوافدين والمواطنين الأردنيين للتسوق، كونه عطلة، مطالبين بتخصيص أماكن للاعتصامات بعيدا عن وسط العاصمة. وخرج العشرات من حراك حي الطفايلة في عمان في مسيرة بعد صلاة الجمعة من مسجد جعفر الطيار، تنديدا بسياسات الحكومة الأردنية وللمطالبة بإصلاحات شاملة. ونظم شباب الحراك بعد الصلاة وقفة احتجاجية أمام مسجد عمر بن الخطاب في محافظة الزرقاء، وطالبوا بالإسراع في عملية الإصلاح ومحاسبة الفاسدين وتحقيق مطالب المواطنين وعدم رفع الأسعار، خاصة الكهرباء، ومعالجة جيوب الفقر والبطالة. ودعوا أعضاء مجلس النواب الأردني إلى الوقوف مع الشعب والعودة إلى قواعدهم والأخذ بآراء المواطنين، إضافة إلى منع التجاوزات في التعيينات والمحسوبيات. وشارك عشرات الأردنيين في محافظة الكرك بعد صلاة الجمعة في اعتصامات ووقفات احتجاجية، للمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد ورفضا للحكومة الجديدة ولتحسين مستوى الخدمات في مناطق المحافظة ورفضا للعنف في الجامعات الأردنية. ونظمت اللجان الشعبية العربية وفعاليات شعبية وحزبية ونقابية بالمحافظة اعتصاما في الساحة الرئيسية لأضرحة ومقامات الصحابة بالمزار الجنوبي، ورفعت خلال الاعتصام شعارات ترفض تشكيل الحكومة الجديدة واعتبرتها "خدعة بحق الأردنيين"، ودعت إلى إعادة السلطة للشعب عبر إجراء انتخابات حرة تؤدي إلى توافق وطني على حكومة تنال شرعية شعبية. كما نظمت الحركة الإسلامية في مدينة الكرك اعتصاما احتجاجيا للتعبير عن رفض الحكومة الحالية وطريقة تشكيلها، معتبرة أن كل القرارات الرسمية للحكومة تمثل اعتداء على المواطنين الأردنيين، ومؤكدة أن الحكومة الحالية عملت على خلق أجواء سلبية على الصعيد الوطني، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. وقال متحدثون في الاعتصام إنهم يرفضون السياسة الرسمية بتشكيل الحكومات، وما وصفوه بتلكؤ الحكومات الأردنية تجاه مسيرة الإصلاح، واستمرار الفساد وعدم التصدي الحازم له، وانتقدوا الإجراءات الرسمية بخصوص أعمال العنف والمشاجرات الطلابية في جامعة مؤتة، وعدم ممارسة الأجهزة الرسمية دورها بشكل صحيح. وعبروا عن رفضهم المستمر لنتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، مؤكدين أنها شابها التزوير في جميع مراحلها، ومشددين على أن مجمل العملية الانتخابية مرفوض لأنها جاءت على أساس قانون مرفوض شعبيا، على حد وصفهم. وطالب المشاركون في الوقفة الاحتجاجية، التي نظمها الحراك الشبابي لتجمع أبناء "لواء فقوع" بمحافظة الكرك بعد صلاة الجمعة، جميع مؤسسات الوطن بالتكاتف لنبذ العنف الجامعي ومحاسبة كل متسبب، ونبهوا إلى أن المؤسسات التعليمية تتعرض لهجمة مخططة لتفريغها من محتواها العلمي، من خلال زعزعة استقرارها وإثارة الفتن والنعرات العشائرية والطائفية. وبدورهم، عبر المحتجون في بلدة "صرفا" بمحافظة الكرك عن رفضهم لأعمال العنف، التي قالوا إنها "صبحت ظاهرة متفشية في الأردن"، ما يجعل هذا البلد، كما قال المتحدث باسم المحتجين عمران اللصاصمة، يضع الوطن في مهب الريح. وأكد اللصاصمة أن استمرار التغاضي عن الفساد والمفسدين واتساع قاعدتهما ينذر بخراب في الوطن يأكل الأخضر واليابس. وانطلقت مسيرة احتجاجية نظمها الحراك الشبابي والشعبي في محافظة الطفيلة (180 كيلو مترا جنوب عمان) بعد صلاة الجمعة، طالب المشاركون فيها بإصلاحات سياسية واقتصادية والعمل على اجتثاث الفساد ومحاسبة المتسببين به. ودعوا في المسيرة، التي انطلقت من أمام مسجد الطفيلة الكبير وانتهت قرب مبنى المحافظة، الحكومة الأردنية إلى عدم رفع أسعار السلع الأساسية والمحروقات، لأن ذلك يزيد من التردي في أحوال المواطنين المعيشية، مشددين على عدم منح الثقة للحكومة الجديدة، وإعادة المقدرات الوطنية وخيرات البلد المنهوبة إلى الشعب، الذي هو مصدر السلطات. وأشار بيان للحراك إلى أن الحكومة تتحمل المسؤولية قانونيا عما يحدث في الجامعات الأردنية من عنف، كون السياسات الرسمية التي تنتهجها تؤدي إلى ذلك، فيما تتجه الأوضاع إلى مزيد من التدهور. وأضاف البيان أن التعامل الأمني مع الجامعات الأردنية أدى إلى تراجع كبير في دورها العلمي وأضعف دور البحث العلمي، وجعل الطلبة يميلون إلى العنف والانتماءات الضيقة وإلغاء قيم الحوار الديمقراطي. وطالب بإطلاق سراح الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، الذين يتعرضون للإهانة والقتل كل يوم على أيدي سجانيهم من الصهاينة. ويشهد الأردن منذ شهر يناير 2011 مسيرات واعتصامات ووقفات احتجاجية وتظاهرات للمطالبة بالإصلاح الشامل ومكافحة الفساد ومحاكمة المفسدين.