عندما قامت الثورة كان فلول النظام السابق يرتعشون من الخوف والذعر، وكانوا جميعاً يعيشون حالة من الاستسلام لحكم الثورة عليهم، خصوصاً بعد أن رأوا كبارهم يتدفقون إلى المحاكمات ويقفون خلف القضبان، بداية من المخلوع وأنجاله، ومروراً برئيس مجلس شعبه وشوراه، وانتهاءً برئيس وزرائه ووزرائه. لم يكن وقتها أيسر من أن تفك مفصلا من المفاصل التى تشكل ما أطلق عليه فيما بعد «الدولة العميقة»، دون عنت أو تعب. فالكل كان مأخوذاً بالثورة ومرعوباً من تلك الملايين التى تدفقت غاضبة إلى شوارع مصر لإسقاط هذا النظام. إذا كان ذلك كذلك، فما السر فى استمرار فلول دولة المخلوع حتى الآن، وما السبب وراء استمرارهم فى استكمال مشوارهم فى تفريغ ثورة 25 يناير من معناها؟ السر ببساطة فى جماعة الإخوان، فهى التى منحت تلك الفلول قبلة الحياة، عندما جلست إليهم وتواطأت معهم من أجل القضاء على الثورة، خصوصاً أن عيون الإخوان كانت تنطق بالطمع والرغبة فى وراثة سلطة وسلطان المخلوع، وهو ما كان فلول النظام السابق يدركونه جيداً، فتم استخدام الجماعة كأداة لإجهاض الثورة، يشهد على ذلك اختفاء الإخوان من المظاهرات فى أحداث التحرير والقصر العينى ومحمد محمود عام 2011، بل وإسهامهم فى شيطنة الثورة والثوار، حتى استطاعوا حصد السلطة التشريعية، ثم فازوا -من بعد- بالرئاسة. لم تتوقف الجماعة عن اعتمادها على الفلول بعد اعتلاء «مرسيها» سلطة الرئاسة، بل واصل بهوات الحكم الإخوانى الاعتماد على الفلول أكثر وأكثر، وفى الوقت الذى يصدر فيه النائب العام الإخوانى طلبات الضبط والإحضار لشخصيات ثورية، يتم الإفراج عن رموز النظام السابق الواحد تلو الآخر، إما بالبراءة الرسمية، أو بالتصالح مقابل دفع «الحلوان» للإخوان. ومن ناحيته لم يجد «مرسى» خيراً من الفلول لتثبيت دعائم حكمه، فجلس معهم وطمأنهم إلى أنه يريدهم معه، بنفس الطريقة التى كانوا يلعبون بها مع «المخلوع»، بشرط أن يكون اللعب معه ولصالحه هذه المرة. هنالك قهقه الفلول وقالوا له فى سرهم: تعال ل«عمو» يا حبيبى، فقد فهموا أنه لا يريد إصلاحاً، وكل ما يريده أن يلعبوا لصالحه، ويعملوا على توطيد دعائم ملكه، وللإنصاف فإن هناك فريقاً من الفلول تصالح مع الوضع الجديد، وبدأ يؤدى -مع مرسى- بذات الطريقة التى كان يعمل بها للمخلوع، لكن هناك فريقاً آخر يأبى ذلك، ويلاعبه، بل ويعمل على إسقاطه، بعد أن أدرك أن الإخوان و«مرسى» أصبحا أضعف من أن يستمروا فى الحكم، بعد أن أصبح «بعبع» الجميع يسعى إلى إسقاطهم، وهو بعبع الثورة، ذلك ما أطمع هذا الفريق من الفلول فيهم، لأن الجماعة ببساطة لم تعد تخيف أحداً، فى الوقت الذى تخاف فيه من الجميع!