بوجه غاضب، وصوت عالٍ، ونبرة حاسمة، وملامح تخللتها علامات الغضب، وقف الصحفى المحنَّك مكرم محمد أحمد، فى مؤتمر الشباب، المنعقد بمدينة شرم الشيخ، ليتحدث عن الأمراض التى أصابت مهنته، بعد أن أمضى فيها خمسين عاماً كاملة، كانت كفيلة بتغيير لون شعره من الأسود إلى الأبيض الفضىّ، وساهمت فى أن تكسى التجاعيد وجهه، وهو على مشارف الثمانين من عمره، دافع «مكرم» عن مهنة يراها تضيع أمام عينيه، من وجهة نظره، فإن أرباب مهنته انتزعوا حقوقهم بأظافرهم، ودافعوا عن مهنتهم رغم تعرض بعضهم للسجن، والآن فقد تراجع الدور بفعل من قال إنهم يتبنون مواقف سياسية، ويعتبرون أنفسهم زعماء وقادة للرأى العام، وهو ما يرفضه الصحفى الكبير، ويرى أنه يسىء للمهنية، وهو الذى يدعو دائماً للتحلى بها بعد أن غابت عن الكثيرين. مناصب عدة تقلدها «مكرم» فى مهنته، أبرزها عمله مديراً لمكتب جريدة الأهرام بالعاصمة السورية دمشق، ثم مراسلاً عسكرياً لنفس الجريدة لتغطية حرب اليمن عام 1967، ورئيس قسم التحقيقات الصحفية ب«الأهرام»، ثم مساعد رئيس التحرير، ثم مديراً لتحريرها، قبل أن يترك الجريدة القومية إلى مؤسسة دار الهلال فى عام 1980، ليشغل منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال، ورئيس تحرير مجلة المصور، ثم ترك ذلك كله ليتفرغ لكتابة المقالات، والعمل النقابى، بعد أن اختاره الصحفيون، لكى يكون نقيبهم على مدى فترات مختلفة. «مكرم» الذى عُرف بمواقفه السياسية المؤيدة لنظام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، أثرى الحياة السياسية بالعديد من المقالات والمؤلفات، حيث كان أول من يدخل سيناء بتصريح من الأممالمتحدة قبل جلاء القوات الإسرائيلية بشهرين فى أوائل الثمانينات، وساهم فى أول مراجعة لأفكار الجماعة الإسلامية، عندما التقى بقياداتهم لأكثر من أربعة أسابيع فى سجن العقرب، مما تسبب فى تعرضه لمحاولة اغتيال على يد المتطرفين عام 1987، وحصل على عدة جوائز صحفية. تاريخ الكاتب الصحفى أعطى لكلماته، التى ألقاها فى مؤتمر الشباب المنعقد فى مدينة شرم الشيخ، المصداقية، حين تحدث عن ضرورة وضع ميثاق شرف للإعلاميين الذين يعملون دون ضوابط معروفة، موصياً بضرورة الإسراع بإنشاء نقابة للإعلاميين، إذ إن الصحفى الذى تسعى الدولة لمحاسبته على كل كلمة يكتبها لا يقرأه سوى الآلاف فقط، مقارنة بالإعلام المرئى.