أكد الرئيس السوري بشار الأسد تصميمه على "تطهير" بلاده من "التكفيريين والظلاميين" بعد مقتل العلامة محمد سعيد رمضان البوطي، في انفجار في دمشق أودى بحياة نحو خمسين شخصا، الخميس. وأعلن وزير الصحة السوري سعد النايف، الجمعة، ارتفاع حصيلة القتلى في الانفجار الذي استهدف مسجد الإيمان في حي المزرعة بشمال العاصمة، إلى 49 شخصا، بينما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الحصيلة بلغت 52 قتيلا. وفي حين أعلنت السلطات السورية الحداد السبت على البوطي وضحايا التفجير، أفادت صفحة العلامة الراحل على موقع "فيسبوك" أن مراسم التشييع ستقام في اليوم نفسه "بعد صلاة الظهر من الجامع الأموي". ودان الرئيس الأسد اغتيال رجل الدين السني البارز المؤيد له. وقال في بيان "أعزي نفسي وأعزي الشعب السوري باستشهاد العلامة الدكتور الأستاذ محمد سعيد رمضان البوطي تلك القامة الكبيرة من قامات سوريا والعالم الإسلامي قاطبة". وأضاف "وعدا من الشعب السوري، وأنا منهم، أن دماءك وكل شهداء اليوم لن تذهب سدى، لأننا سنبقى على فكرك في القضاء على ظلاميتهم وتكفيرهم حتى نطهر بلادنا منهم". في نيويورك، تجاوز مجلس الأمن الدولي خلافاته حول سوريا، الجمعة، وتوصل إلى توافق نادر وصاغ بيانا دان فيه الاعتداء الانتحاري الذي أسفر عن 49 قتيلا في أحد مساجد دمشق، مساء الخميس. وجاء في البيان، الذي لم يوجه مع ذلك أصابع الاتهام إلى أي جهة، أن "مجلس الأمن يدين بأقسى العبارات الهجوم الإرهابي في أحد مساجد دمشق". وكان رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية أحمد معاذ الخطيب دان اغتيال البوطي، واصفا الاعتداء بأنه "جريمة بكل المقاييس". وفجر انتحاري نفسه الخميس داخل جامع الإيمان، بينما كان البوطي يعطي درسا لطلابه، بحسب المصادر السورية. وتسبب الانفجار بتناثر أشلاء القتلى في كل مكان، وبدمار كبير. وقال مصدر أمني، الجمعة، إن البوطي كان "يرفض توفير حماية شخصية له، أو التنقل باستخدام سيارة مصفحة. كما كان يرفض تفتيش المصلين الداخلين إلى المسجد". وولد البوطي في العام 1929، وهو ينتمي إلى قبيلة كبيرة ذات أصول كردية، ومعروف في سوريا كون خطبة الجمعة التي كان يدلي بها كانت تنقل كل أسبوع عبر التلفزيون الرسمي، وكان من المدافعين عن نظام الأسد ومن أشد منتقدي الحركة المسلحة ضده. وتحدث، في خطبة ألقاها في الثامن من مارس عن "غزو شامل متنوع" على سوريا "يستدعي منا جميعا أن نخضع لأمر الله سبحانه وتعالى الذي يدعو في مثل هذه الحال إلى الاستنفار"، أو "إلى ما يسميه علماء الشريعة الإسلامية بالنفير العام". وندد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي بالتفجير، معتبرا أن "هذه التفجيرات الإجرامية وخاصة الموجهة ضد بيوت الله ورواد هذه البيوت مدانة بأشد العبارات". ونددت إيران، حليفة الأسد، بقتل البوطي "في عمل وحشي للمجموعات المتطرفة". وأضاف بيان لوزارة الخارجية أن مقتل البوطي "المعروف بمواقفه المؤيدة للمقاومة الإسلامية ضد النظام الصهيوني، سيلقي الضوء كاملا على تآمر الولاياتالمتحدة والنظام الصهيوني ووكلائهما الإقليميين". ووصفت وزارة الخارجية السورية مقتل البوطي مع طلابه بأنه "عمل وحشي للمجموعات المتطرفة". وفي التظاهرات التي خرجت الجمعة، ككل جمعة، لتطالب بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد في مناطق مختلفة، لم يبد المتظاهرون أي أسف على مقتل البوطي. وهتف المتظاهرون، في عدد من المناطق في ريفي إدلب وحمص "يلعن روحك يا بوطي"، بينما رفعت لافتة في القصير بريف حمص كتب فيها "الحسون أفتى بالجهاد والبوطي لبى النداء"، في إشارة إلى دعوة دار الإفتاء وعلى رأسها المفتي أحمد بدر الدين حسون. وسألت لافتة في تلبيسة بحمص "ماذا ستقول لربك يا بوطي؟"، في حين لم يتردد متظاهرون في دوما في ريف دمشق في الهتاف "جايي دورك يا حسون"، في إشارة إلى المفتي. وحملت التظاهرات شعار "أسلحتكم الكيميائية لن توقف مد الحرية"، وسألت لافتة في إدلب "أصحاب الخطوط الحمراء الأسلحة الكيماوية أخيرا.. فماذا بعد؟"، في إشارة إلى تصريحات أمريكية وغربية حول اعتبار استخدام الأسلحة الكيميائية خطا أحمر. وتبادل المعارضون والنظام الاتهامات باستخدام أسلحة كيميائية قبل أيام في حلب. وأعلنت الأممالمتحدة، الخميس، إنها ستفتح تحقيقا بشأن استخدام هذه الأسلحة، بينما قال مسؤول أمريكي إن بلاده لم تعثر على أي مؤشر ذي صدقية يؤكد استخدامها. في دبلن، قال وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله، الجمعة، إن برلين "ما زالت مترددة" في السماح لدول الاتحاد الأوروبي بتزويد مقاتلي المعارضة السورية بالأسلحة، وذلك قبل اجتماع بشأن هذه المسألة مع نظرائه الأوروبيين في دبلن. وقال "إنها قضية شديدة الصعوبة، لكننا سنسعى للتوصل لاتفاق مشترك داخل دول الاتحاد"، مضيفا "أعتقد أن ذلك ممكن". وفي جنيف، تبنى مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، الخميس، قرارا قدمه عدد كبير من البلدان العربية بمد سنة إضافية لمهمة لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول الوضع في سوريا. وتمت الموافقة ب 41 صوتا ومعارضة صوت واحد وامتناع 5 عن التصويت، على القرار الذي قدمه الأردن والكويت والمغرب وقطر والسعودية وتونس والإمارات العربية المتحدة. والبلدان التي امتنعت عن التصويت هي الإكوادور والهند والفليبين وأوغندا وكازاخستان، في حين عارضت فنزويلا القرار. ميدانيا، تواصلت أعمال العنف، الجمعة، في مناطق عدة. وأفاد المرصد أن اشتباكات عنيفة تدور بين مقاتلي المعارضة والقوات النظامية في حيي جوبر، والتضامن، تزامنا مع قصف من القوات النظامية. وفي درعا، قال المرصد إن اشتباكات عنيفة تدور على أطراف بلدة الشيخ مسكين "في محاولة من القوات النظامية لاقتحام البلدة". وإلى الشمال، تحدث المرصد عن اشتباكات عنيفة في محيط مقر "الفرقة 17" في ريف محافظة الرقة. وأدت أعمال العنف الجمعة إلى مقتل 47 شخصا في حصيلة غير نهائية بحسب المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له، ويقول إنه يعتمد، للحصول على معلوماته، على شبكة واسعة من المندوبين والمصادر الطبية في كل سوريا. وفي تداعيات النزاع السوري في لبنان المجاور، قتل ليل الخميس 5 أشخاص بينهم جندي في الجيش اللبناني، وجرح 26 آخرين جراء اشتباكات بين منطقتين سنية وعلوية في مدينة طرابلس. وفي الأردن، حذرت منظمات إغاثية بريطانية من أن وجود مئات آلاف من اللاجئين السوريين في الأردن يستنزف مصادر المياه الشحيحة في هذا البلد إلى "الحد الأقصى".