سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التمرد على الرقابة الدينية سر نجاح السينما الإيرانية .. خدعوك فقالوا إنها «إسلامية» - هجوم حاد على المبدعين.. والممثلة الإيرانية «فارهاتى» تتعرى لمجلة «لوفيجارو» اعتراضاً على أوضاع المرأة هناك
يتحدث بعض مؤيدى «الإخوان» والتيارات الدينية بشكل عام عن أن مستقبل الفن والإبداع فى ظل حكمهم لمصر سيكون أفضل كثيرا مما هو الآن، ويبرر هؤلاء ادعاءاتهم تلك بأن الدين يرتقى بالفنون، ويضربون المثل بالسينما الإيرانية التى تشارك فى العديد من المهرجانات الدولية وتحصل على جوائز كبرى، رغم أنها أفلام خرجت فى ظل الحكم الإسلامى، وتسير على أحكام الشريعة، وليس فيها قبلة أو لمسة بين رجل وامرأة أو مشهد واحد خادش للحياء، وكل بطلات هذه الأعمال محجبات ومنتقبات، حتى بدا الأمر وكأن السينما الإيرانية تحصل على جوائز عالمية لأنها إسلامية، وأن القيود الأخلاقية والدينية تؤدى إلى المزيد من الإبداع. الأمر اللافت فى السينما الإيرانية فى ظل الحكم الإسلامى بعد الثورة الإيرانية أن أهم الأفلام التى أنتجت وحققت شهرة عالمية وشاركت فى مهرجانات وحصدت جوائز كبرى، تكشف عن حجم الماسأة التى يعيشها الشعب الإيرانى ومشاكله اليومية بسبب القيود المفروضة عليه، ومخرجو هذه الأفلام من المعارضين للحكم، وأغلبهم صدرت ضده أحكام بالسجن أو المنع من العمل فى السينما أو مغادرة البلاد. خلال تسعينات القرن الماضى بدأت السينما الإيرانية تحقق تميزها وشهرتها على المستوى العالمى من خلال مخرجين متميزين، مثل عباس كياروستامى ومجيد مجيدى ومحسن مخملباف وجعفر بناهى وإبراهيم حاتم، ولجأ هؤلاء المخرجون إلى تقديم أفلام تكشف مشاكل المجتمع الإيرانى والأوضاع القاسية التى يعانى منها بسبب القيود المفروضة على كل شىء. وتعرضت أغلب هذه الأفلام لمشاكل رقابية، وكان من أهمها «طعم الكرز» لكياروستامى الذى تقدم بنسخته المبدئية لمهرجان «كان» عام 97، وعقب علم السلطات الإيرانية بذلك رفضت إرسال النسخة النهائية للمهرجان ومنعت مخرجه من مغادرة البلاد، وقد أثار هذا الأمر ضجة عالمية، وبعد عدة اتصالات من جانب المهرجان والسلطات فى إيران تمت الموافقة على مشاركته، وتم اختياره للمسابقة الرسمية وحصل على «السعفة الذهبية»، وكانت المرة الأولى التى تحصل فيها السينما الإيرانية على جائزة مهمة، ورغم هذا تعرض الفيلم لانتقادات حادة من السلطات الإيرانية بسبب موضوعه الذى كان يتناول فكرة انتحار بعض الإيرانيين. ومنذ فوز كياروستامى بجائزة «كان» أصبحت الأفلام الإيرانية تشارك بقوة فى أهم المهرجانات الدولية وتحصد جوائز قيمة، لكن أغلبها يتناول موضوعات تتعارض مع نظام الحكم وتكشف مشاكل المجتمع فى ظل القيود المفروضة عليه، مثل «المرأة» و«الرقص مع الغبار» و«الدائرة» و«انفصال» وغيرها. ومن أهم صناع السينما الإيرانية المغضوب عليهم من السلطات المخرج جعفر بناهى، الذى قدم مجموعة من أهم الأفلام التى تعرى الواقع الإيرانى وتكشف أزماته ومشاكله فى ظل القيود المفروضة على كل جوانب الحياة، وقد حصل بناهى على عدة جوائز عالمية من مهرجانات «كان» و«برلين» و«فينسيا» و«لوكارنو»، ومنعت بعض أفلامه من العرض داخل إيران، ومن أهم أفلامه «الكرة البيضاء» و«المرأة» و«أوف سايد»، وفى عام 2010 اختير عضواً فى لجنة تحكيم مهرجان «كان»، لكنه لم يتمكن من ذلك لصدور قرار بمنعه من السفر، وفى العام التالى اختير عضواً فى لجنة تحكيم «برلين»، لكنه لم يتمكن أيضاً من المشاركة لصدور حكم بسجنه ست سنوات ومنعه من العمل فى السينما عشرين عاماً بسبب أفلامه التى تنتقد النظام الإيرانى، وقد بعث بناهى رسالة إلى إدارة مهرجان «برلين» قال فيها: «إنهم يمنعوننى ولمدة عشرين عاماً من التفكير والكتابة، لكنهم لن يتمكنوا من منعى من الحلم، وستحل الحرية والتفكير الحر مكان الملاحقات». وقد طلبت الحكومة الألمانية رسميا من إيران هذا العام السماح ل«بناهى» بالسفر إلى ألمانيا لحضور العرض الأول لفيلمه «بردة» أو «الستار المغلق» فى مهرجان برلين، لكن دون جدوى. والطريف أنه صور فيلمه «هذا ليس فيلما» ليسخر من الأمر كله، واستطاع بأقل الإمكانيات أن يصنع فيلما يعبر فيه عن مأساته ومأساة السينما الإيرانية والمجتمع الإيرانى ككل. أيضاً «أصفر فرهادى»، يعد الآن واحدا من أهم المخرجين الإيرانيين على الساحة العالمية، بعد أن تمكن من الفوز لبلاده ولأول مرة بأوسكار أحسن فيلم أجنبى عن فيلمه «انفصال»، كما نال جائزة «الدب الذهبى» فى مهرجان برلين، وحصل على جوائز التمثيل للبطل والبطلة، وجوائز التصوير والتأليف والمونتاج، وهذا يحدث لأول مرة بالنسبة لفيلم واحد فى هذا المهرجان العريق، ورغم هذا كله تعرض «فرهادى» لانتقادات حادة من المتشددين فى إيران بسبب فيلمه الذى تناول فيه العديد من مشاكل المجتمع، خاصة التفرقة بين الطبقات والصراعات داخل العائلة الواحدة، ورغبة العديد من الإيرانيين فى الهجرة إلى دول أخرى، ورغم أن الفيلم يعد تحفة فنية، ورغم كل هذه الجوائز غير المسبوقة، فإن ذلك لم يشفع له. أما «ليلى حاتمى»، التى تعد من أهم الممثلات الإيرانيات الشابات، والتى قدمت العديد من الأفلام الإيرانية المهمة آخرها «انفصال» الذى حصلت عنه على جائزة أفضل ممثلة من مهرجان «برلين»، و«الخطوة الأخيرة» الذى حصلت عنه على جائزة أفضل ممثلة من مهرجان «كارلوفى فارى»، ورغم ذلك تعرضت لانتقادات حادة من السلطات الإيرانية لمجرد ظهورها فى بعض المهرجانات، وهى تضع مكياجا وتصافح النجوم، وتم تهديدها بالمنع من السفر وحضور أى مهرجان إذا تكرر هذا الأمر. ومن هؤلاء أيضاً «محمد رسولوف»، أحد أهم المخرجين الجدد، الذى تعرض لهجوم حاد بسبب فيلمه «إلى اللقاء»، الذى شارك فى مهرجان «كان» عام 2011، وقد أثار هذا الفيلم ضجة لأنه يكشف عن أهم مشاكل المجتمع الإيرانى، وهى رغبة الإيرانيين فى الهجرة بسبب الأوضاع الخانقة. ولا يمكن أن نغفل أيضاً «جولشيفته فارهاتى»، وهى إحدى أهم الممثلات اللاتى حققن شهرة عالمية، وحصدت العديد من الجوائز من عدة مهرجانات، وشاركت فى بطولة الفيلم العالمى «كتلة أكاذيب» مع ليوناردو دى كابريو وراسل كرو، وتعرضت لانتقادات حادة بسبب مشاركتها فى هذا الفيلم، وتم منعها من السفر خارج إيران لفترة، وعندما تمكنت بعد ذلك من السفر، قررت التمرد والاحتجاج على الأوضاع القاسية التى تعانى منها المرأة فى إيران والقيود المفروضة عليها، فظهرت عارية على غلاف «لوفيجارو» الفرنسية، وقد أثار هذا الأمر ضجة وتم منعها من العودة لإيران، وقد صرحت فارهاتى بأنه قبل سفرها من إيران وقبل أن تقرر التصوير بهذا الشكل أبلغتها وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامى فى إيران، بأن البلاد ليست فى حاجة إلى الممثلين، ونصحتها بتقديم أعمالها الفنية فى الخارج. وأخيراً وليس آخرا هناك «فاطمة معتمد» الممثلة البارزة التى تم منعها من مغادرة إيران لظهورها فى بعض المهرجانات دون حجاب.