مرت ساعة على تلقيه خبر وفاة ابنه «عبدالرحمن» إثر سقوط لوح رخامى على رأسه وشطره شطرين، ثانيةً يدق هاتف الأب «السيد العربى»، على الطرف الآخر من الهاتف أحد الصحفيين الذين كانوا فى موقع الحادث؛ حيث سقطت الكتلة الرخامية على رأس «عبدالرحمن» وشطرته وفرغته من «المخ» بداخله.. أبلغه الصحفى: «مخ ابنك أنا احتفظت بيه فى شنطة، تعالى خده، وربنا يصبر قلبك». عقارب الساعة تقترب من السادسة مساءً، يقول كريم على، ابن خالة عبدالرحمن وصديقه الذى شهد لحظة وفاته: «عبدالرحمن أصلاً طالب فى الثانوى، ووقت وفاته كان واقفاً أسفل مبنى مديرية الأمن، وفوق سطح المبنى كان هناك عدد من الجنود فى زيهم العسكرى وبعض الملثمين الذين يرتدون زياً ملكياً، فجأة وجدت لوحاً رخامياً كبيراً يسقط من السطح على رأس عبدالرحمن، قسمه نصين، ويبدو أن الناس عندما حملته هزته بقوة، فسقط من رأسه المخ.. المشهد كان بشعا». السيد العربى، والد عبدالرحمن، تلقى الخبر وهو فى شرق التفريعة، حيث يعمل: «واحد اتصل بى من تليفون (عبده) وقال لى: يا حاج سيد، ابنك عبدالرحمن مات. اتصلت بأمه قلت لها؛ فردّت علىّ: أنت تكذب.. أو من قال لك أكيد يضحك عليك». ردت أم «عبدالرحمن» بكلمات قليلة ممزوجة بدمعاتها: «كل ما أتمناه أن يرى مرسى فى ابنه ما رأيته أنا فى ابنى عبدالرحمن ليرحم وليعرف أنه إذا كان قويا فالله أقوى منه وعزائى فى ابنى أن الله سينتقم من مرسى وجماعته، وكنت أتمنى من الله أن أراك يا مرسى فى وجهى الآن لأقتلك مرات لأطفئ جزءا من نار قلبى على ابنى». يروى «كريم»، ابن خالة عبدالرحمن: «كان عندنا درس، وعندما وصلنا مكان الدرس عرفنا أنه أُلغى، فذهبنا عند مطعم قريب من مديرية الأمن، وقابلنا أصحابنا هناك، وصلت الاشتباكات إلى مكاننا فتفرقنا أنا وعبدالرحمن، وبعدها التقيته وكانت عينه ملتهبة بسبب الغاز، فقامت واحدة من السيدات بغسل وجهه بالبيبسى، بعدها عبدالرحمن قال لى: تعالى نشوف شكل عساكر الداخلية.. بس خد بالك يشوفوك، ممكن يضربوك بالنار، مشيت مع عبدالرحمن بحرص، وفجأة سقط لوح الرخام على رأسه فطرحه على الأرض دون حركة أو نفس، وبجانبه شخص ثان يتألم.. حاولت الاقتراب من عبدالرحمن، أخى وصديقى، الذى مات، وجذبته من تحت اللوح الرخامى، لكن أحد جنود الداخلية لمحنى، فانهال علىّ الجنود بالطوب وقنابل الغاز فعجزت عن جذب عبدالرحمن وحصلت لى حالة إغماء، بعدما أفقت وجدت نفسى فى المستشفى الأميرى بورسعيد العام وأصبت بتشنجات بسبب هول المنظر». قبل وفاته بأيام، شاهد «عبدالرحمن» ومع والدته مقطع فيديو بعنوان «الحقيقة الكاملة لأم الشهيد»، تقول والدته: «كانت آخر أيامه، وكان كثيراً ما يقبّلنى، فاستغربت وسألته عن السبب فزاد استغرابى عندما قال: أصلك هتوحشينى». يذكر السيد العربى، والد «عبدالرحمن»، أن ابنه كان «طالبا مجتهدا فى الصف الثانى الثانوى، وكان دائما يقول لى: يا بابا أنا أمنيتى دخول الكلية البحرية.. ابنى كان يحب الجيش وكان يحب السباحة وكانت أمنيته دخول البحرية ليصبح ضابطاً، وكان مجتهداً فى الثانوى العسكرى ويمكنكم أن تسألوا». علق أبوعبدالرحمن صورة طويلة لابنه بطول خمسة أدوار على إحدى العمارات المجاورة لمحل سكنه بحى الكويت، وأخرى أصغر عند بوابة المنزل، وجلس بين معزيه أمام المنزل فى تماسك دون بكاء. جاره السيد صقر قال: «لا يمكن لأحد الصعود فوق مديرية أمن بورسعيد إلا إذا كانوا أشخاصا من الداخلية، ومن قتل عبدالرحمن هم بلطجية الداخلية، ومرسى الذى يصف البورسعيدية بأنهم بلطجية يتناسى ذلك». وأوضح: «كل أبناء المنطقة أولادنا ونخاف عليهم». ويقول: «ظلم مرسى وحكومته فاق خيالنا ولن نأخذ معه حقا ولا باطلا فى ظل حكومة ووزير داخلية وطبيب شرعى من الإخوان». أبوعبدالرحمن كتم دمعه كى يقول: «أى شىء أكبر من أن يُحضروا لى مخ ابنى فى كيس؟ أولادنا يموتون كالعصافير، وإلى الآن لم يخرج مسئول يستنكر أفعال العساكر الموجودين أعلى مبنى مديرية الأمن، ألم يُحاكَم مبارك ورجاله بسبب قتل المتظاهرين؟ لا بد أن يُحاكَم مرسى ورجاله لنفس السبب». رحل «عبدالرحمن» وترك لأهله إرثاً من الأمنيات، يقول ابن خالته: «كان يرغب فى شراء ملابس جديدة وكان يحرص كالعادة على أن تكون ملابسنا بنفس الشكل، كأننا نسختان»، أمه كذلك تقول: «عبدالرحمن دفع اشتراك السباحة وكرة القدم فى أحد النوادى ليؤهل جسمه لدخول الكلية البحرية». أخبار متعلقة دمنهور.. القوى الثورية تشتبك مع العاملين بأحد المطاعم التابعة لقيادى إخوانى بدمنهور وأعضاء «6 أبريل» يحملون أكفانهم فى مسيرة بشوارع المدينة المنصورة.. الشرطة تنسحب من "ميدان القتال" "زفاف" فى الاشتباكات..والعروسان يرقصان على هتاف: "الشعب يريد إسقاط النظام" المصابون يروون التفاصيل: ضباط شرطة أطلقوا علينا الخرطوش من داخل المدرعات بورسعيد.. "المواطن هو البطل" فى المستشفى العام «الوطن» ترصد ليلة إحراق مديرية الأمن ببورسعيد كفر الشيخ.. تشييع جثمان شهيد"الأمن المركزى" «مرسى» يلجأ إلى الجيش للتعامل مع «بورسعيد».. و«السيسى» يطالب بانسحاب الشرطة الشرقية.. إعلان"العصيان الجزئى" بالمحافظة والمتظاهرين يحاصرون مجلس مدينة بلبيس «الحرية والعدالة» يطرح مبادرة لوقف العنف فى «القناة» ويتهم أطرافاً سياسية بالوقوف وراءه