اخبار مصر سحب كثيفة من الغاز، وقنابل تُطلق بشكل عشوائى، ورصاصات خرطوش، وكتل من الرخام تسقط من أعلى مبنى مديرية الأمن على رؤوس المتظاهرين، وإصابات فى كل الصفوف «الجيش/ الداخلية/ المتظاهرين».. هكذا يصف شهود العيان أحداث الأحد الماضى التى سقط خلالها خمسة من الضحايا بينهم مجندان بالقوات المسلحة واثنان من المتظاهرين. محمود شطا، 18 سنة، روى أحداث الأحد الماضى قائلاً «فى نفس اليوم وقف مجموعة من الجنود والضباط فوق مديرية الأمن، بعضهم لابس خوذات وكان معاهم ناس ملثمين بلبس ملكى عادى، وفجأة مسك واحد من اللى فوق مبنى المديرية لوح رخام كبير، ورماه من فوق نزل على اتنين، واحد فيهم دماغه اتجابت نصين زى البطيخة، ومخه وقع على الأرض». يصف شطا المشهد الدموى، الذى سجلته كاميرات «موبايلات» المتظاهرين فى محيط مديرية الأمن، وتناقلوه خلال تشييع الجنازة كصورة عبر تقنية «البلوتوث»، ويضيف شطا «عبدالرحمن عمره 17 سنة، وكان من المداومين على التظاهر باستمرار، لكن نهايته جاءت مفزعة جداً وبشعة». والدة عبدالرحمن التى لم تتوقف عن البكاء خلال تشييع جثمانه من مستشفى بورسعيد العام - الأميرى - إلى مسجد مريم، ثم إلى مثواه الأخيرة، بكلمات ممزوجة بالنحيب، قالت: «ربنا يورّى مرسى اللى أنا شُفته فى ابنى، ربنا ينتقم منّه زى ما أخد منى ابنى وموّته موتة بشعة ميقبلهاش أى دين، حسبى الله ونعم الوكيل». تقدمت جنازة عبدالرحمن العربى سيارات تابعة للقوات المسلحة يتقدمها الحاكم العسكرى لمحافظة بورسعيد اللواء عادل الغضبان، بعدما أتمت الجثتان الإجراءات الخاصة بهما، وبعدما شخص الطبيب الشرعى أسباب الوفاة، التى يرجعها عبدالفتاح سيد، الناشط السياسى وأحد شهود العيان، إلى سقوط كتلة رخامية أدت إلى كسر فى الجمجمة، ويؤكد عبدالفتاح أن «عدداً من الجنود من فوق سطح مديرية الأمن، انتهزوا فرصة أن عبدالرحمن العربى، والسيد على السيد، الفقيدين، كانا موجودين أسفل المبنى، فقاموا بإلقاء كتلة من الرخام على رأسيهما تعمّداً وإصراراً على قتلهما وكان الجنود الموجودون أعلى المبنى بصحبة أناس يرتدون زياً ملكياً». لم تتوقف أم عبدالرحمن عن الصراخ طوال تشييع الجنازة، أثناء وقوفها بين السيدات المتشحات بالثياب السوداء «ليَّا مين بعدك يا عبدالرحمن»، لتضيف بين الحين والآخر عبارات توعّد «هنجيب حق ولادنا منك يا مرسى لو بعد ألف سنة». الحاجة ناصرة، أم الثوار فى ميدان المسلة، تقول باكية «جاءنى الفقيد قبل الموت بساعات، إلى المستشفى بعدما أصبت باختناق، وسلّم علىَّ واطمأن على حالتى، وطلب منى أن أدعو له، وأكد لى أن النصر قريب، وطلب منى أن أمثل سريعاً للشفاء كى أحضر له الطعام مثلما كنت أفعل فى أيام العصيان الماضية، رحمة الله على عبدالرحمن». «عساكر الجيش كانوا بيخبوا الناس من رصاص الداخلية» يقول إبراهيم السيد، أحد شهود العيان على واقعة يوم الأحد، مضيفاً «العقيد شريف اللى أصيب أثناء الاشتباكات، كان متصور مقاطع فيديو وهو بيطلب من جنوده ومن الناس انهم يحتموا ورا المدرعة، وبعد كده أخد رصاصة فى رجله وسقط ع الأرض، لكن الحمد الله بيقولوا إنه قام بالسلامة». يتابع إبراهيم «الاشتباكات استمرت يوم الأحد لساعات منذ العصر وحتى فجر اليوم التالى، وعندما وجد الجيش أن الضرب يستهدفه أحياناً، قاموا بتجهيز مدافع النصف بوصة، فبدأ الضرب يهدأ، وقللت الداخلية من كثافة قنابل الغاز، وخلال الاشتباكات كانت قوات الداخلية بتطلق قنابل الغاز بشكل عشوائى، ورصاص خرطوش حتى إن بعض قنابل الغاز كانت بتسقط داخل أو بجوار مدرعات الجيش، وبعض الرصاص أصاب جنود الجيش كما أصاب المتظاهرين». وأمام مديرية الأمن، قامت قوات الأمن بالانتشار بكثافة فى نطاق أوسع حول المديرية، واستعانت بقنابل مسيلة وصل مداها إلى مئات الأمتار فى محيط مديرية الأمن، وكانت المسيرة التى توجهت بالآلاف لدفن جثمان عبدالرحمن العربى قد ارتدت - بعد الدفن - إلى مديرية الأمن، وكان من بين المشيعين عدد من جمهور ألتراس المصرى البورسعيدى.