اتصل بى د. محمد عبدالوهاب، رئيس فريق زراعة الكبد بجامعة المنصورة، يشتكى من نقص المحاليل الطبية (الجلوكوز) ويطلب مساعدتى فى الحصول عليها وبأى سعر، لأنهم أسبوعياً فى مركز الجهاز الهضمى والكبد يقومون بعمليتى زراعة كبد لفقراء المرضى مدة العملية 18 ساعة والمريض والمتبرع يحتاجان إلى عدد كبير من الجلوكوز، على الفور اتصلت بالدكتور مجدى مرشد رئيس لجنة الصحة فى البرلمان لإبلاغه بالشكوى ويا ليتنى ما فعلت لأنه صدمنى بكلام جعل الدنيا سوداء فى عينى، حيث قال لى إنه يحاول منذ فترة حل مشكلة المحاليل الطبية التى لا غنى عنها فى كل المستشفيات ولكل المواطنين وتُعتبر من الأدوية الاستراتيجية، والحكومة منذ عام ونصف أغلقت مصنع (المتحدون) الذى كان ينتج 60% من احتياجات مصر من المحاليل الطبية (الجلوكوز) وكان الإغلاق بسبب تشغيلة خطأ (تحدث فى كل دول العالم) فتم إغلاق المصنع بالكامل وحينما عرض د. مرشد الأمر على وزير الصحة فوجئ بأن الوزير نفسه ليس لديه علم بالمصنع المغلق، فاستدعى المسئولة عن قطاع الصيدلة والدواء بالوزارة التى أكدت أنهم أغلقوا المصنع منذ عام ونصف وما زالوا يفحصون أوراقه لإعادة تشغيله ووعدت بفتح المصنع خلال أسبوعين، ومضت ثلاثة أشهر ولم تصدق! فلجأ د. مرشد إلى رئيس الوزراء الذى فوجئ أيضاً بغلق المصنع، عام ونصف والحكومة لا تعلم أن المصنع المصرى المحلى الذى ينتج 60% من احتياجاتنا مغلق وأنها تستورد المحاليل بالعملة الصعبة والصعبة جداً وغير متوفرة، وأن سعر زجاجة الجلوكوز فى السوق السوداء ارتفع من 6 إلى 25 جنيهاً إن وُجدت، هل هذا معقول ومنطقى؟ طبعاً معقول ومنطقى فى مصر!! لأنه يصب فى مصلحة مافيا الاستيراد وسماسرة الموت وكبار الموظفين الفاسدين هذا هو التفسير الوحيد لدى!! فبدلاً من علاج مشكلة خطأ التشغيلة أغلقنا المصنع بالكامل! وكارثة غلق المصانع وتدمير الصناعة الوطنية لصالح الأجنبية مسلسل مستمر، فبالإضافة إلى آلاف المصانع المغلقة والمتعثرة فقد أخبرنى رئيس لجنة الصحة بالبرلمان بكارثة أخرى أبشع من مصنع المحاليل وهى غلق المصنع الوحيد الذى كان ينتج ألبان الأطفال فى مصر منذ عام 2008 وحتى اليوم بسبب أيضاً تشغيلة خطأ، وأن صاحب المصنع حينما يئس من الحكومة تركه مهجوراً (3 مليارات جنيه) ثم هاجر خارج مصر ومنذ ذلك الحين والدولة تستورد هذه السلعة التى تعتبر أمناً قومياً ولم تفكر فى إعادة تشغيل المصنع أو إقامة بديله حتى تنقذ رقبتها من سكين المستوردين، لقد أصبح الإغلاق هو الحل الأسهل بدلاً من إصلاح الخلل والعيوب، عقار ينهار يتم وقف تراخيص البناء، مركب غرق فى البحر فأوقفنا سير المراكب وأوقفنا معها حال مدينة وميناء السويس منذ عام 98 وحتى اليوم، رغم أن الدولة أنفقت على الميناء مليارات الجنيهات، إذا كانت الحكومة عاجزة عن إعادة تشغيل المصانع المغلقة فهل تستطيع إقامة الجديدة؟ وكم سوف يتكلف إنشاء المصانع الجديدة هذه الأيام؟ وهل لدينا الأموال اللازمة لذلك؟ مافيا الأدوية والمحاليل والألبان أخطر من مافيا فساد القمح وسوف نستمر فى الكتابة وكشف المؤامرة إن لم يتم حل المشكلة، وهذا بلاغ رسمى إلى مؤسسة الرئاسة وإلى النائب العام وللجهات الرقابية والأمنية، اللهم انتقم من الظلمة والمفسدين ومافيا الاستيراد ومن يدعمهم من المسئولين.