مد فترة تسجيل الطلاب الوافدين بجامعة الأزهر حتى مساء الأربعاء    محافظ الإسماعيلية يوافق على تشغيل خدمة إصدار شهادات القيد الإلكتروني    حماس ترفض زيارة الصليب الأحمر للأسرى في غزة    وسائل إعلام أمريكية تكشف تفاصيل الاتفاق بين واشنطن وتل أبيب على اجتياح لبنان    ناصر منسي: هدفي في السوبر الإفريقي أفضل من قاضية أفشة مع الأهلي    ضبط نسناس الشيخ زايد وتسليمه لحديقة الحيوان    انخفاض الحرارة واضطراب الملاحة.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الثلاثاء    أحمد عزمي يكشف السر وراء مناشدته الشركة المتحدة    صحة دمياط: بدء تشغيل جهاز رسم القلب بالمجهود بالمستشفى العام    للمرة الأولى.. مجلس عائلات عاصمة محافظة كفر الشيخ يجتمع مع المحافظ    "مستقبل وطن" يستعرض ملامح مشروع قانون الإجراءات الجنائية    فعاليات الاحتفال بمرور عشر سنوات على تأسيس أندية السكان بالعريش    بيسكوف: قوات كييف تستهدف المراسلين الحربيين الروس    بعد 19 عامًا من عرض «عيال حبيبة».. غادة عادل تعود مع حمادة هلال في «المداح 5» (خاص)    «إيران رفعت الغطاء».. أستاذ دراسات سياسية يكشف سر توقيت اغتيال حسن نصر الله    كيفية التحقق من صحة القلب    موعد مباراة الهلال والشرطة العراقي والقنوات الناقلة في دوري أبطال آسيا للنخبة    الأربعاء.. مجلس الشيوخ يفتتح دور انعقاده الخامس من الفصل التشريعي الأول    للمرة الخامسة.. جامعة سوهاج تستعد للمشاركة في تصنيف «جرين ميتركس» الدولي    ضبط نصف طن سكر ناقص الوزن ومياه غازية منتهية الصلاحية بالإسماعيلية    مؤمن زكريا يتهم أصحاب واقعة السحر المفبرك بالتشهير ونشر أخبار كاذبة لابتزازه    تفاصيل اتهام شاب ل أحمد فتحي وزوجته بالتعدي عليه.. شاهد    الرئيس السيسي: دراسة علوم الحاسبات والتكنولوجيا توفر وظائف أكثر ربحا للشباب    الأمن القومي ركيزة الحوار الوطني في مواجهة التحديات الإقليمية    القاهرة الإخبارية: 4 شهداء في قصف للاحتلال على شقة سكنية شرق غزة    أمين الفتوى يوضح حكم التجسس على الزوج الخائن    قبول طلاب الثانوية الأزهرية في جامعة العريش    كيف استعدت سيدات الزمالك لمواجهة الأهلي في الدوري؟ (صور وفيديو)    محافظ المنوفية: تنظيم قافلة طبية مجانية بقرية كفر الحلواصى فى أشمون    مؤشرات انفراجة جديدة في أزمة الأدوية في السوق المحلي .. «هيئة الدواء» توضح    حدث في 8ساعات| الرئيس السيسى يلتقى طلاب الأكاديمية العسكرية.. وحقيقة إجراء تعديلات جديدة في هيكلة الثانوية    "طعنونا بالسنج وموتوا بنتي".. أسرة الطفلة "هنا" تكشف مقتلها في بولاق الدكرور (فيديو وصور)    رمضان عبدالمعز ينتقد شراء محمول جديد كل سنة: دى مش أخلاق أمة محمد    التحقيق مع خفير تحرش بطالبة جامعية في الشروق    "رفضت تبيع أرضها".. مدمن شابو يهشم رأس والدته المسنة بفأس في قنا -القصة الكاملة    تأسيس وتجديد 160 ملعبًا بمراكز الشباب    إنريكى يوجه رسالة قاسية إلى ديمبيلى قبل قمة أرسنال ضد باريس سان جيرمان    هازارد: صلاح أفضل مني.. وشعرنا بالدهشة في تشيلسي عندما لعبنا ضده    وكيل تعليم الفيوم تستقبل رئيس الإدارة المركزية للمعلمين بالوزارة    5 نصائح بسيطة للوقاية من الشخير    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    20 مليار جنيه دعمًا لمصانع البناء.. وتوفير المازوت الإثنين.. الوزير: لجنة لدراسة توطين صناعة خلايا الطاقة الشمسية    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    تم إدراجهم بالثالثة.. أندية بالدرجة الرابعة تقاضي اتحاد الكرة لحسم موقفهم    «حماة الوطن»: إعادة الإقرارات الضريبية تعزز الثقة بين الضرائب والممولين    طرح 1760 وحدة سكنية للمصريين العاملين بالخارج في 7 مدن    تواصل فعاليات «بداية جديدة» بقصور ثقافة العريش في شمال سيناء    اللجنة الدولية للصليب الأحمر بلبنان: نعيش أوضاعا صعبة.. والعائلات النازحة تعاني    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    فرنسا: مارين لوبان تؤكد عدم ارتكاب أي مخالفة مع بدء محاكمتها بتهمة الاختلاس    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    5 ملفات.. تفاصيل اجتماع نائب وزير الصحة مع نقابة "العلوم الصحية"    برغم القانون 12.. ياسر يوافق على بيع ليلى لصالح أكرم مقابل المال    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى بكرى يكتب: لغز حادث رفح.. "الحلقة الثانية"
التحقيقات الأولية أشارت إلى تورط 4 فلسطينيين ينتمون إلى تنظيم «جلجلة».. والرئيس طلب تأجيل الإعلان
نشر في الوطن يوم 03 - 03 - 2013

كان الموعد هو التاسع من أغسطس، كانت المعلومات لدى جهات التحقيق العسكرية تشير فى هذا الوقت إلى تورط عدد من الكوادر الفلسطينية والمصرية، التى تنتمى إلى تنظيمات أصولية متشددة، فى مذبحة رفح مع مصريين متشددين.
انتظر الناس إعلان نتائج التحقيقات الأولية، إلا أن رئيس الجمهورية طلب من المشير طنطاوى تأجيل إعلان نتائج هذه التحقيقات لحين استكمالها نهائياً.
فى هذا الوقت تساءل المصريون: ماذا حدث، ولماذا تأجيل الإعلان؟ انتشرت الشائعات فى كل مكان، كانت الأجواء محتقنة، ازدادت حدة الخلافات بين المجلس العسكرى والرئيس، لكنها ظلت خلافات مكتومة، ودون إعلان.
فى هذا الوقت تسربت معلومات تقول إن حركة «حماس» قد طلبت من كبار المسئولين المصريين تأجيل إعلان أسماء المتهمين الفلسطينيين الذين ينتمون إلى فصائل تكفيرية متطرفة.. حتى لا يحدث أى اضطراب فى العلاقات بين الشعبين المصرى والفلسطينى بسبب مشاركة بعض من العناصر الجهادية الفلسطينية فى الحادث، كما أشارت التحقيقات فى هذا الوقت.
ووفقاً لتصريح منسوب إلى مصدر أمنى مسئول إلى صحيفة «المصرى اليوم» فقد تم اتخاذ قرار التأجيل عنوة رغم رفض المؤسسة العسكرية لثلاثة أسباب، وهى:
1- حتى تهدأ الأجواء وتتضح الحقائق أمام الشعب المصرى الذى لا يجب أن يخلط بين حركة حماس أو الفصائل الفلسطينية الأخرى وبين الجماعات الجهادية التكفيرية.
2- حتى تكتمل التحقيقات التى تجريها النيابة العسكرية فى الأحداث والتوصل إلى جميع الأطراف المتورطة، خاصة أن التحقيقات توسعت بشكل كبير، وتدخلت فيها أطراف متعددة، وهو ما يتطلب مزيداً من الوقت والجهد.
3- إعطاء الفرصة والوقت الكافيين للجهات الأمنية فى حركة حماس حتى تستطيع القبض على المتهمين وتسليمهم لجهات التحقيق المصرية، حيث إن التحقيقات أثبتت أن المتهمين الفلسطينيين فروا إلى قطاع غزة عبر الأنفاق بعد تنفيذ الجريمة.
وفى الوقت الذى صرح فيه د. ياسر على المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئاسة ستعلن فى تقرير كامل نتائج التحقيق والمعالجة الوقائية للأحداث، نافياً ضلوع أى من المفرج عنهم من الذين صدرت بحقهم أحكام من الجماعات المتشددة فى مصر فى هذه الأحداث.
كانت الاتصالات تجرى بين الرئيس ووزير الدفاع بشكل مستمر خلال هذه الأيام، وكان المشير قد أصدر قراراً فى هذا الوقت بأن يكون اللواء عبدالفتاح السيسى مدير المخابرات الحربية هو حلقة الوصل بين مؤسسة الرئاسة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو ما استدعى من اللواء السيسى التردد على قصر الرئاسة كثيراً فى هذا التوقيت، وكان يساعده فى ذلك اللواء محمد العصار، مساعد وزير الدفاع لشئون التسليح.
فى يوم الأربعاء 8 أغسطس، كان هناك اجتماع لمجلس الدفاع الوطنى برئاسة الرئيس محمد مرسى، وحضور رئيس الوزراء د. هشام قنديل ووزير الدفاع اللواء حسين طنطاوى وبقية أعضاء المجلس من كبار المسئولين والقادة العسكريين والأمنيين.
وقد أعلنت رئاسة الجمهورية فى أعقاب هذا الاجتماع إقالة عدد من كبار المسئولين أبرزهم اللواء مراد موافى مدير المخابرات العامة الذى عين بدلاً منه اللواء رأفت شحاتة، وإقالة اللواء نجيب عبدالسلام، قائد الحرس الجمهورى، الذى عين بدلاً منه اللواء محمد زكى، واللواء حمدى بدين، قائد الشرطة العسكرية، الذى عين بدلاً منه نائبه اللواء إبراهيم الدماطى، وإقالة اللواء عماد الوكيل، قائد الأمن المركزى وتعيين اللواء ماجد مصطفى كامل بديلاً عنه، وإقالة اللواء محسن مراد مساعد الوزير لأمن القاهرة، وتعيين اللواء أسامة الصغير بدلاً منه، كما جرى إقالة اللواء عبدالوهاب مبروك محافظ شمال سيناء فى نفس الوقت.
كان قرار رئيس الجمهورية بالطلب من المشير إجراء التغييرات المطلوبة داخل المؤسسة العسكرية بمثابة صدمة لأعضاء المجلس العسكرى، الذين طلبوا من المشير رفض هذه القرارات التى تمثل بداية تدخل من الرئيس فى المؤسسة العسكرية وهيكلتها، وهو أمر قد يمتد إذا ما تم السماح به إلى كبار المسئولين بالجيش.
كان القادة العسكريون يستندون فى موقفهم إلى المادة 53 مكرر من الإعلان الدستورى المكمل الصادر فى 17 يونيو 2012 التى تنص على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يختص بالتشكيل القائم وقت العمل بهذا الإعلان الدستورى بتقرير كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة وتعيين قادتها ومد خدمتهم ويكون لرئيسه حتى إقرار الدستور الجديد جميع السلطات المقررة فى القوانين واللوائح للقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع.
كان هذا النص عائقاً أمام رئيس الجمهورية الذى لم يكن قائداً أعلى للجيش حتى هذا الوقت، خاصة أن الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 أو الإعلان الدستورى المكمل لم ينص أى منهما على وجود منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلا أن الرئيس كان يرى منذ خطابه الأول أثناء تسليمه مراسم السلطة فى الهايكستب فى 30 يونيو 2012 أنه هو المسئول عن الجيش وأن بإمكانه أن يأمرهم ويصدر إليهم التعليمات.
حدثت حالة ارتباك داخل أوساط الجيش فى هذا الوقت، ثار عدد من أعضاء المجلس العسكرى وطالبوا المشير برفض تنفيذ القرار إلا أن المشير قال لهم «يجب تفادى الأزمة وتفويت الفرصة؛ خوفاً من تردى الأوضاع المتوترة بعد حادث رفح».
اهتزت صورة المشير لدى الأوساط العسكرية توقع البعض منهم أن يكون الدور القادم فى الصراع الخفى بين الرئيس والمؤسسة العسكرية ضحيته المشير طنطاوى نفسه.
كان هناك الكثيرون الذين أبدوا اعتراضهم فى السابق على قبول المشير لمنصب وزير الدفاع فى حكومة قنديل وعندما ناقش معهم الأمر طالب بعضهم بألا يؤدى القسم أمام الرئيس لأن الإعلان الدستورى المكمل يعطيه الحق فى ذلك، بعد جدل طويل، وافق البعض على أن يؤدى المشير القسم، ولكن دون إذاعته فى وسائل الإعلام واتفق الحاضرون على ألا يحضر المشير أى اجتماعات لمجلس الوزراء إلا إذا ترأسها الرئيس نفسه.
كان المشير يحاول أن يدفع الأمور إلى الأمام لكنه حتى هذا الوقت لم يعرف ماذا تخبئ له الأقدار، فقرر أن يؤدى القسم رغم أنه ظل لمدة ثلاثة أيام عندما أعيد اختياره وزيراً للدفاع فى حكومة أحمد نظيف يرفض الانضمام إلى الحكومة شعوراً منه بالإهانة.
عندما أذاع التليفزيون المصرى مشهد المشير طنطاوى وهو يقف فى الطابور لأداء القسم ويقف منتظراً أداء الآخرين لقسم التكليف كان الأمر مثيراً للجميع.
وكانت الغضبة داخل المجلس العسكرى كبيرة اعتبر البعض أن ما جرى هو البداية وأن الرئيس لن يقف عند هذا الحد فى قراراته.
حاول المشير تهدئة الغضب الذى ساد جميع الأوساط العليا للجيش المصرى وكذلك الحال رجال الشرطة العسكرية، فأصدر بصفته رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع قراراً بتعيين اللواء حمدين بدين مساعداً لوزير الدفاع لشئون سيناء وبمجرد نقل التليفزيون المصرى لهذا الخبر ثار الرئيس وطلب من المشير طنطاوى التراجع عن هذا القرار لأنه يحمل ترقية وتكريماً للواء حمدى بدين، فاضطر المشير إلى التراجع وتعيين اللواء حمدى بدين ملحقاً عسكرياً بالصين.
تصاعدت حدة الاستياء داخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة أدرك الكثيرون أن خوف المشير على الجيش ووحدته سيدفعه إلى مزيد من التنازلات بما يؤدى إلى الإطاحة به وبالمجلس العسكرى بأسره.
أدرك المشير أن الغضبة واسعة، التقى ببعض أعضاء المجلس الأعلى قال لهم أرجو تفويت الفرصة، أمريكا تقف بالمرصاد إنهم ينتظرون هذه اللحظة، لقد جاءت هيلارى كلينتون فى 14 يوليو الماضى لتصنع الأزمة وتدفع إلى التصعيد، إن المطلوب هو رأس الجيش المصرى، هدفنا الأساسى الآن حماية سيناء قبل أن تضيع، لا نريد مشاكل أو أزمات داخلية!!
وفى المخابرات العامة كان قرار إقالة اللواء مراد موافى صادماً، لقد أشيع فى هذا الوقت أن السبب الأساسى وراء إقالة اللواء مراد موافى من منصبه كمدير المخابرات العامة هو إدلاؤه بالتصريح الصحفى الذى قال فيه إنه أبلغ ما لديه من معلومات حول توقع الحادث الإرهابى إلى الجهات العليا، غير أن الحقيقة والهدف كانا أبعد من ذلك بكثير.
كان الرئيس مرسى يعرف أن اللواء عمر سليمان هو الذى رشح اللواء مراد موافى لمنصب مدير المخابرات العامة بعد اختياره نائباً لرئيس الجمهورية، ويدرك مدى العلاقة التى تربط بينهما، وكان يعرف أيضاً أن المشير طنطاوى كان أميل إلى ترشيح اللواء محمد التهامى الذى كان يتولى منصب مدير الرقابة الإدارية فى هذا الوقت، إلا أن ترشيح اللواء مراد موافى لقى قبولاً، وحسم الأمر لصالحه.
كانت مؤسسة الرئاسة هى الأخرى مستاءة من تصريحات اللواء موافى وحاولت إبراء ذمتها وهو ما أدى بالمستشار محمد فؤاد جاد الله المستشار القانونى للرئاسة، إلى الإدلاء بتصريح صحفى قال فيه إن الرئيس مرسى لم يكن يعلم بالتقرير الذى تحدث عنه اللواء مراد موافى وحذر فيه من العملية الإرهابية، كان الكلام يعنى رسالة موجهة إلى اللواء موافى.
بعد تدارس الأمر داخل المخابرات العامة اضطر اللواء موافى أن يصدر تصريحاً فى خطوة نادرة لا يقدم عليها جهاز المخابرات العامة فى تعامله مع الأحداث، حيث قال البيان إن جهاز المخابرات العامة جهة معلومات فقط وليس سلطة تنفيذية وأن المعلومات التى لديه بخصوص الحادث الإرهابى الذى وقع فى سيناء أرسلها إلى صناع القرار والجهات المسئولة وبهذا ينتهى دور الجهاز!!
واعتبرت رئاسة الجمهورية أن الرد جاء مستفزاً فقرر الرئيس إقالة اللواء موافى تحت هذا العنوان ووافق المشير على ذلك غير أن الهدف كان أكبر من ذلك بكثير.
وكان السبب المعلن فى هذا الوقت الذى يقف وراء إقالة اللواء نجيب عبدالسلام قائد الحرس الجمهورى هو طلب قائد الحرس من الرئيس عدم المشاركة فى جنازة توديع الشهداء خوفاً على سلامته بينما كان السبب الحقيقى هو البدء بخطوات عملية تمهد لحدث ما قد يحدث والرئيس يريد الاستعانة بقائد جديد للحرس.. ورغم أن اللواء محمد زكى كان قائداً للمظلات، إلا أن المجىء به كان الهدف منه أن يكون ولاؤه للرئيس صاحب القرار وليس لأحد آخر.
أما قرار إقالة مدير شرطة الرئاسة اللواء أحمد إيهاب الذى تم تعيينه نائباً لمدير مطار القاهرة فقد جاء على خلفية معلنة تقول إنه كان وراء الطلب من الرئيس المشاركة بالحضور فى جنازة الشهداء دون مراعاة للمخاطر الأمنية وهكذا أبعد الرئيس قائد الحرس الجمهورى تحت زعم أنه حذره من المشاركة فى مراسم الجنازة وأبعد مدير شرطة الرئاسة لأنه طالبه بالمشاركة فيها.
كان الهدف هو تهيئة المسرح لحدث ما قد تشهده الساعات القليلة القادمة، كان القرار قد اتخذ، لا حل أمام الرئيس سوى إلغاء الإعلان الدستورى المكمل حتى يفتح الطريق أمامه واسعاً للانفراد بالسلطة والإمساك بالسلطة التشريعية وإعداد دستور جديد يحول دون إجراء انتخابات رئاسية جديدة ويضع قواعد جديدة تكون منطلقاً لدولة الإخوان التى يجرى ترسيخها على أرض الواقع.
وفى يوم الأربعاء الثامن من ديسمبر كان مجلس الشورى قد أعد العدة من جانبه إذ أصدر رئيس المجلس عدة قرارات أطاح خلالها بأكثر من خمسين قيادة صحفية وكأنه يفتح الباب أمام أخونة الصحافة وضمان تهيئة المسرح من الناحية الصحفية والإعلامية أمام الحدث المتوقع، خاصة بعد أن ضمن السيطرة على التليفزيون والإذاعة من خلال تعيين صلاح عبدالمقصود وزيراً للإعلام وهو عضو قيادى بجماعة الإخوان المسلمين.
ورغم جميع التحذيرات التى انطلقت فى جميع الأوساط الصحفية والبيان الصادر عن اجتماع للمجلس الأعلى للصحافة برفض المعايير التى وضعتها اللجنة التى شكلها مجلس الوزراء لاختيار رؤساء التحرير ورؤساء المؤسسات إلا أن الخطة كانت تقضى بالاستمرار فى إحكام قبضة الدولة والجماعة على الصحافة من خلال أخونتها واختيار عناصر أخرى يمكن أن تقبل بالإملاءات الإخوانية.
فى هذا اليوم قررت حركة 6 أبريل التجمع أمام منزل الرئيس بالقاهرة الجديدة وأمام منزل العائلة بالشرقية وأمام قصر الاتحادية لإظهار الدعم والتأييد لقرارات الرئيس ومطالبته بقرارات أكثر جذرية وأشد وطأة على ما أسموه بالدولة العميقة وضرورة تطهيرها.
واعتبر السياسى جورج إسحاق أن قرارات الرئيس تأتى فى محلها تماماً، أما الإعلامى والناشط السياسى حمدى قنديل فقد قال اليوم تسلم الرئيس رئاسة الجمهورية، واعتبر محمود عفيفى المتحدث باسم حركة 6 أبريل أن قرارات مرسى ليست كافية وأن البلاد فى حاجة لإجراءات أكبر للتطهير الحقيقى.
كانت النخبة فى معظمها ترى ضرورة أن يحسم الرئيس موقفه وأن يتسلم كامل السلطة فى البلاد، كما أنهم طالبوه بضرورة إلغاء الإعلان الدستورى المكمل وإنهاء ما أسموه بحكم «العسكر» الذى استمر ل60 عاماً.
فى يوم الجمعة 10 أغسطس قام الرئيس مرسى بأداء صلاة الجمعة فى مسجد الشيخ محمود الحصرى بمدينة 6 أكتوبر حيث ألقى خطاباً بعد انتهاء الصلاة وسط الحاضرين قال فيه إنه يقود بنفسه العمليات الجارية فى سيناء لتطهيرها من الإرهابيين وأن هذه العمليات لن تتوقف حتى تستقر الأحوال الأمنية فى سيناء تماماً.
لقد توقف المراقبون أمام مقولة أطلقها الرئيس مرسى خلال خطابه بمسجد الحصرى عندما قال «سأؤدب المتجاوزين من المواطنين أو الجيش أو الشرطة» إلا أن أحداً لم يكن يستطيع أن يتخيل وقائع ما شهدته الأيام التالية.
فى هذا الوقت كان الإعلامى توفيق عكاشة قد وجه تحذيراً من على شاشة قناة «الفراعين» إلى المشير طنطاوى ورئيس الأركان سامى عنان وقال لهما «أنا أحذركما خلال 48 ساعة سيتم الإطاحة بكما بقرار من الرئيس» واعتبر البعض أن هذه الأقاويل هى من باب المخاوف المشروعة وليس أكثر. بعد انتهاء الرئيس من خطابه فى مسجد الحصرى قرر السفر إلى مدينة العريش ومنها إلى رفح لمتابعة العمليات التى تقوم بها القوات المسلحة لتطهير سيناء من البؤر الإرهابية.
وقد وصل الرئيس فى وقت مبكر من المساء يرافقه المشير حسين طنطاوى وزير الدفاع ورئيس الأركان الفريق سامى عنان، ووزير الداخلية أحمد جمال الدين، وعدد من القيادات العسكرية والأمنية.
فى هذا الوقت نقلت صحيفة «الأهرام» عن مسئول أمنى بارز تأكيده نجاح القوات المشتركة فى عملية «نسر سيناء» فى القبض على ستة من العناصر المتطرفة فى مدينة الشيخ زويد يوم الخميس 10 أغسطس وإصابة مسلحين فى مناطق أخرى، وقال المصدر إن أجهزة الأمن نجحت فى تحديد شخصية قائد التنظيمات المسلحة المسئولة عن العمليات الإرهابية فى سيناء، وأنه فلسطينى الجنسية وينتمى إلى ما يعرف بجيش «جلجلة» فى غزة. كان أكثر من 3500 ضابط وجندى يشاركون فى عملية «نسر سيناء» تدعمهم 87 مدرعة وطائرتان هليكوبتر قتاليتان إضافة إلى 60 مدرعة جديدة و117 آلية أخرى وصلت يوم الخميس وكانت التوقعات تشير إلى أن عدد المسلحين حوالى 1600 مسلح ينتمون لعدة محافظات مصرية فضلاً عن دول عربية مجاورة ويطلقون على أنفسهم أصحاب «الرايات السوداء».
وصل الرئيس مرسى إلى العريش وسط إجراءات أمنية لم يسبق لها مثيل توجه وكبار المسئولين إلى المنطقة الحدودية الشرقية فى رفع فى حوالى الخامسة من مساء ذات اليوم 10 أغسطس.
لم يكن الرئيس قد أصدر قراراً بتعيين محافظ جديد لشمال سيناء فى هذا الوقت، فكان اللواء مدحت صالح رئيس مجلس مدينة العريش فى استقباله وعندما وصل الرئيس إلى منطقة رفح اصطحب فى سيارته المشير طنطاوى ورئيس الأركان، ووسط الجنود والضباط قام باعتلاء كرسى ليخطب فيهم، وإلى جواره وقف وزير الدفاع من الناحية اليسرى ورئيس الأركان من الناحية اليمنى.
بعد انتهاء زيارة الرئيس إلى سيناء طلب من المشير طنطاوى ضرورة عقد اجتماع فى الحادية عشرة من مساء ذات اليوم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بحضوره شخصياً، إلا أنه طلب من المشير أن يقتصر حضور الاجتماع على أعضاء المجلس الأعلى ال18 الأساسيين مع استبعاد كل المستدعين من الخدمة والذين ضمهم المشير إلى اجتماعات المجلس العسكرى، ولم يستطع المشير أن يرفض مطلب الرئيس، وقرر بالفعل قصر الاجتماع على الأعضاء الأساسيين للمجلس العسكرى.
فى هذا الاجتماع تحدث الرئيس عن تطورات الوضع فى سيناء وعن الأسباب التى دفعته إلى عدم نشر مضمون التحقيقات الأولية فى قضية استشهاد وإصابة الجنود فى رفح.. وتجاهل الرئيس فى حديثه أمام المجلس العسكرى الحديث عن أسباب قراراته الأخيرة بإبعاد قائد الشرطة العسكرية وآخرين، إلا أنه تحدث مطولاً عن المؤسسة العسكرية وضرورة النهوض بها وتوفير جميع الإمكانيات الضرورية لها.
كان الرئيس يستهدف من وراء هذا الاجتماع استمالة أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وكأنه يمهد الطريق أمام قرارات صعبة يريدهم، إن لم يكونوا إلى جواره فيها، فعلى الأقل يلتزمون بسياسة الحياد.
انتهى الاجتماع فى وقت متأخر من بعد منتصف هذا اليوم، بينما كانت الحشود قد انفضت منذ قليل من ميدان التحرير ومنطقة المنصة، وهى حشود كانت تطالب بمحاسبة المتسببين والمتورطين فى ارتكاب الحادث الإرهابى ضد الجنود المصريين فى رفح. لقد لوحظ حتى هذا الوقت أن رد فعل جماعة الإخوان المسلمين تجاه حادث رفح لم يكن قوياً، وتميز بعدم الاكتراث، بل إن بعضهم راح يحمّل المؤسسة العسكرية مسئولية ما حدث، ويطالب بتسليم الرئيس كامل سلطاته من المجلس العسكرى، ولم يكن أحد يعرف ما هى هذه السلطات التى فى حوزة المجلس العسكرى، باستثناء سلطة التشريع، وهى سلطة أصيلة للمجلس فى غياب البرلمان.
كان حادث رفح يغطى على ما عداه من أحداث. كان الناس يتساءلون فى كل مكان عن هوية القتلة، ومتى يكشف النقاب عنهم؟ كانت المعلومات الأولية تقول إن نتائج التحقيقات التى كان يُفترض إعلانها يوم الخميس 9 أغسطس كانت تشير إلى أن الجثث الخمس التى تسلمتها مصر من إسرائيل هى لعناصر فلسطينية قُتلت وهى فى طريقها إلى القيام بعملية فدائية ضد الجيش الإسرائيلى فى منطقة كفر أبوسالم كما أن مصدراً عسكرياً مصرياً قال فى هذا الوقت إن نتائج التحقيقات تضم الكثير من المفاجآت، ومن حق الشعب أن يعرفها، وسنعلنها بوضوح دون النظر إلى أى اعتبارات أخرى.
وعندما نشر هذا التصريح أدرك المصريون أن هناك أزمة تتصاعد بين الجيش والرئاسة، وتوقف المراقبون أمام كلمة «دون النظر إلى أى اعتبارات أخرى»!!
فى هذا الوقت كانت قد وصلت إلى الأجهزة الاستخبارية المصرية معلومات تتحدث عن تسلل بعض العناصر الفلسطينية المتشددة إلى داخل سيناء ومصر تحمل بطاقات رقم قومى مصرية وتنتحل أسماء مصريين، راجعت الجهات العسكرية مصلحة الأحوال المدنية فى هذا الوقت، ووضح لها أن ما تردد عن سرقة ماكينات طباعة الرقم القومى من مصلحة الأحوال المدنية فى سيناء وتهريبها إلى قطاع غزة واستخدامها بشكل غير شرعى، هو أمر جد ولا هزل فيه.
فى هذا الوقت صرح وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين، بأن سبعة أشخاص مشتبه فى تورطهم فى حادث قتل الجنود المصريين على الحدود قد تم تحديد هويتهم، وكان الجيش قد قبض على 99 شخصاً ممن تدور حولهم الشبهات، وقيل إنه تم اكتشاف معلومات مهمة عن العناصر المتسللة عبر الأنفاق ببطاقات هوية مصرية وكذلك حجم التنسيق بين العناصر الجهادية المصرية داخل سيناء وعناصر أخرى تنتمى إلى تنظيم «جلجلة» داخل قطاع غزة.
كان جهاز المخابرات الحربية يقدم المعلومات أولاً بأول إلى جهات التحقيق، وقد وضع الجهاز الذى كان يترأسه اللواء عبدالفتاح السيسى فى هذا الوقت، يده على معلومات فى منتهى الخطورة، وكان من رأيه ضرورة الإعلان عن الحقائق كاملة.. لإبراء ساحة القوات المسلحة من أى اتهامات قد تلحق بها بزعم عدم إفصاحها عن هوية القتلة..
حتى هذا الوقت لم يكن فى ذهن القوات المسلحة أن هناك من سيأتى فى يوم ما ليحمِّل الجيش ويتهمه مباشرة بالمسئولية عن قتل جنوده فى رفح.
لقد كانت التصريحات التى أدلى بها المهندس على عبدالفتاح عضو مجلس شورى جماعة الإخوان، فى محاضرة له بمجلس «الهدى والنور» فى كفر الدوار بمثابة صدمة كشفت عن الكثير من الحقائق رغم أن هذا التصريح تم نشره بعد مُضى أكثر من ستة أشهر على قرار عزل المشير طنطاوى والفريق سامى عنان وعدد من القيادات العسكرية والأمنية فى 12 أغسطس 2012.
لقد قال على عبدالفتاح حرفياً «عملوا للرئيس الفخ بتاع رفح، بس هو استفاد منه وراح مطهر الجيش، فحول المحنة إلى منحة، فكان أسد وكان لوحده وماكانش معاه لا جيش تبعه ولا حرس جمهورى تبعه، ولا مخابرات تبعه، وقتها ربنا نصره».
لقد أحدث هذا التصريح ردود فعل غاضبة داخل أوساط الجيش المصرى، حيث قال مصدر عسكرى إن ما ردده القيادى الإخوانى على عبدالفتاح باتهام المجلس العسكرى بتنفيذه عملية رفح هو نوع من التخاريف ومحاولة من بعض التيارات السياسية والدينية توريط الجيش المصرى مع الشعب، وتحقيق مكاسب للجماعة التى ينتمى إليها، خاصة أن الجيش يحظى باحترام وتقدير من الشعب المصرى كله فى الوقت الذى تتقلص فيه شعبية الإخوان المسلمين.
وقال المصدر العسكرى إن الجيش بعقائده وتقاليده يحتضن جنوده، مشيراً إلى أن القوات المسلحة تُدين مثل هذه الأقاويل والتصريحات غير المسئولة التى تثير غضب أبناء المؤسسة العسكرية، وأن صبر المؤسسة العسكرية لن يستمر طويلاً.
وطالب المصدر العسكرى قيادة جماعة الإخوان بتقديم اعتذار رسمى، واستنكر عدم صدور بيان من قيادات الجماعة يدين هذه التصريحات. وقال إن هناك حالة تربص متعمدة بالمؤسسة العسكرية، وأن القوات المسلحة لن تكون يوماً ميليشيات تابعة لأى تيار.
بعد هذا التصريح بقليل خرج المستشار الإعلامى لحزب الحرية والعدالة مراد على، ليعلن تبرؤ حزبه من تصريحات على عبدالفتاح، وقال إنها لا تعبر عن توجهات حزبه وإن الحزب يقدر لقيادات القوات المسلحة مساندتها للشرعية وابتعادها عن العملية السياسية، وإن قيادات الجيش شخصيات وطنية ولا يمكن أن تتآمر ضد الرئيس.
أما أحمد عارف المتحدث الإعلامى باسم جماعة الإخوان، فقد جاء هو الآخر كلامه لا يقل غموضاً عن سابقه، حيث قال إن هذه التصريحات يتحمل مسئوليتها من أصدرها، والجماعة ليس لها أى علاقة بها، وليست صادرة عنها، خاصة أن المذبحة التى سقط فيها شهداء من جنود مصر قيد التحقيق ولا يحق لأى جهة إصدار أحكام فيها، وأن ملابسات القضية والمعلومات عنها لا يتحدث فيها سوى مؤسسة الرئاسة، ولا يحق لأحد أن ينوب فى هذا الأمر.
كان طبيعياً والحال كذلك أن تتحرك القوات المسلحة، حيث ترددت معلومات عن تعليمات صدرت من الفريق أول عبدالفتاح السيسى إلى جهات التحقيق بالإعداد الفورى لإعلان الحقائق الكاملة أمام الشعب، مهما كانت النتائج.
السؤال المطروح.. هل سيُمكَّن وزير الدفاع من إعلان الحقائق بكل صراحة ووضوح حتى يهدأ المصريون ويعرفون من قتل أبناءهم، أم أن هناك من يعد سيناريو بديلا قد يدفع الأمور إلى مزيد من التأزم؟!
قضية رفح أصبحت قضية مفصلية وأساسية فى ظل حالة الأزمة الراهنة التى جاءت على خلفية تسريبات وشائعات بدت وكأنها تمهد الطريق أمام عزل الفريق أول السيسى من منصبه فازدادت الأوضاع احتقاناً، وبات الشارع المصرى ينتظر ويتساءل ماذا تخبئ الأيام؟!
أخبار متعلقة:
مصطفى بكرى يكتب: لغز حادث رفح «الحلقة الأولى»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.