«دع سمائى فسمائى محرقة.. دع قنالى فمياهى مغرقة.. واحذر الأرض فأرضى صاعقة» هاجمتنى تلك الأبيات من قصيدة للشاعر الراحل كمال عبدالحليم، أتتنى الكلمات من بعيد، بعيد.. وأخذ طنينها يعلو ويعلو مدوياً.. دع قنالى.. فمياهى مغرقة.. وكأن صوتاً رعدياً يوقظنا مذكراً بالأجداد الذين استشهدوا وهم يحفرون القناة وبمعركة السويس التى استشهد فيها جيل آخر دفاعاً عن حقنا فى استرداد قناتنا وصوت جمال عبدالناصر قوياً لإيمانه بالحق وبأنه قد آن للظلم والسلب والنهب أن يتوقفوا وأن تعود القناة إلى أحضان الوطن الأم.. فكم كان مهيناً ومؤلماً أن يصنع البريطانيون والفرنسيون مستعمرة استيطانية فى مدن القنال ويحظر علينا نحن المصريين الاقتراب منها إلا بمعرفة المسئولين عن الشركة العالمية لقناة السويس، والتى عادت على لسان عبدالناصر إلى شركة مساهمة مصرية، جن جنون أنتونى إيدن، رئيس وزراء بريطانيا، وجى موليه، رئيس وزراء فرنسا، واستخدم الطرفان العميلة الجاهزة دائماً لتنفيذ كل المطامع والمؤامرات الدنيئة القذرة.. أى إسرائيل.. كان العدوان الثلاثى ذروة ما توصل إليه الأعداء ولم يكن أى منهم يتصور أنهم سوف يصطدمون بإيمان شعب وعزيمته بالاستبسال فى الدفاع عن أرضه وحقه.. البقية معروفة وإن كنا نجد «عقلاء» يكيلون للزعيم الراحل جميع أنواع اللوم والاستهزاء بابن المصرى البسيط الذى تمرد على شعارهم الأثير «العين ما تعلاش على الحاجب!» ويتحدث بعض هؤلاء تحت لافتة «مؤرخين» بتشفٍ مقيت وكأنهم يريدون تكريس هذا المثال الدونى.. وقد أعود إلى هذه الظاهرة إن شاء الله والتى توجع القلب وتهين الذاكرة الوطنية.. القناة أو -القنال كما نقول- هى جزء عزيز من الوطن ولا يُعقل أن نقبل من أى شخص كان أن يسلمها إلى أطراف غير مصرية لتحقيق «نهضة»، فقد قرأت أن المهندس خيرت الشاطر، أحد قيادات الإخوان المسلمين، طرح تأجير قناة السويس لمدة 99 عاماً إلى قطر!! ما هذا الخبر الأسود.. وكيف يطوف بذهن أى مصرى التفريط فى القناة حتى مقابل كنوز الدنيا.. وهل يندرج التفكير فى تسليم القناة لقرن كامل إلى دولة أخرى لا نعرف غاياتها أو أهدافها من السعى إلى السيطرة على القناة فى سياق مشروع «اتحاد الدول العربية وعاصمته القدس» لإلغاء كلمة «مصر» من القاموس.. ما هذا الاستخفاف بمشاعر المصريين ومدى اعتزازهم باسم وطنهم.. الاسم الذى ذُكر مراراً فى القرآن الكريم «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».. ألا يخالف مخطط تذويب مصر فى دولة «الخلافة» شرع الله، حيث إنها مذكورة فى القرآن الكريم؟! أكرر.. دع سمائى فسمائى محرقة.. دع قناتى فمياهى مغرقة!