من الممكن إطلاق لقب شهر "العصيان المدني" على فبراير، ففي العام الماضي تمت الدعوة لعصيان مدني في ذكرى التنحي لكنه لم ينجح، كما شهد هذا العام عصيانا مدنيا بدأ بالفعل منذ 4 أيام في بورسعيد، وبالفعل له تأثير ملحوظ على المشهد السياسي الحالي. كانت هناك دعوة في الذكرى الأولى لتنحي الرئيس السابق حسني مبارك، وجاءت تحت ضغط القوى السياسية، وبالفعل كانت هناك استجابة لكنها استجابة متواضعة ولم تؤثر على المشهد السياسي، وكان سبب الدعوة هو الضغط على المجلس العسكري، الذي يتولى زمام البلاد منذ الإطاحة بمبارك، لترك الحكم وتسليمه على الفور إلى سلطة مدنية، على الرغم من وعوده بتحقيق ذلك فور إجراء الانتخابات الرئاسية التي كان مقرر إجراؤها قبل نهاية يونيو الماضي. وفي 17 فبراير الحالي، كان العصيان المدني بقيادة محافظة بورسعيد، احتجاجا منهم ما حدث في الفترة الأخيرة بعد محاكمة المتهمين في مجزرة بورسعيد، كذلك إعلانا منهم رفضهم لقرارات الدكتور محمد مرسي، المتعلقة ب إعادة المنطقة الحرة، وتعيين قاض مستقل للتحقيق في أحداث بورسعيد الأخيرة. أسباب فشل الدعوة الأولى ونجاح الثانية.. علق عليها الدكتور أيمن عبد الوهاب الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، بأن فشل العصيان المدني في فبراير الماضي، لأن اللوم كان ملقى آنذاك على المجلس العسكري، وكان متحملا مسؤولية البلاد في الفترة الانتقالية، إضافة إلى أن الشعب كان منتظرا الانتخابات الرئاسية حتى يجني ثمار ثورته. أما عن النجاح النسبي العصيان المدني في بورسعيد، يرى عبد الوهاب أنه يتحقق بسبب الشعور بضياع أهداف الثورة، وفشل الرئيس المنتخب محمد مرسي في إدارة البلاد، ومن ورائه حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين. وتابع عبد الوهاب، أن العصيان المدني في بورسعيد جاء أيضا نتيجة الشعور بالظلم والحرمان والقهر، محذرا من تنامي أشكال الاحتجاجات التي بدأت تتصاعد في هذه الفترة، وتلويح بعض المحافظات بالدخول في العصيان. وطالب عبد الوهاب، القيادة السيادية بضرورة أن تعي خطورة هذه الاحتجاجات، والتعامل معها بحذر، وأن يكون الحوار هو السبيل للخروج من تلك الأزمة، وليس فقط تحقيق بعض المطالب بدون حوار. في حين يرى الدكتور عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن دعوات العصيان تنجح حسب حالة الشارع ومدى شعوره بالاحتقان، فالأوضاع التي تمر بها البلاد سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية، في هذه الفترة هي التي ساعدت على نجاحها، مؤكدا أن العصيان لا يأتي من خلال دعوة حزب سياسي أو نشطاء سياسيين. وفسر جاد، سبب فشل العصيان المدني في فبراير الماضي في ذكرى التنحي، هو أن الدعوة كانت سابقة لأوانها، ولم يكن الشارع المصري قد وصل لمرحلة الاحتقان التي وصل إليها الآن، مشيرا إلى أن 18 يوما التي احتج فيها المصريون لعزل مبارك ونظامه، لم تكن عصيانا وإنما احتجاجات ضخمة.