أكدت سفيرة أمريكية سابقة أن فرنسا دفعت ملايين الدولارات فدية لمتطرفين مرتبطين بتنظيم القاعدة، يقاتلهم جنودها حاليا في مالي. وفي مقابلة لمحطة التليفزيون الفرنسية "إيتل" بُثَّت اليوم، قالت فيكي هادلستون إن فرنسا دفعت 17 مليون دولار لتأمين الإفراج عن رهائن فرنسيين اختطفوا من منجم يورانيوم في النيجر في 2010. وقالت إن ألمانيا وكندا ودولا أخرى، باستثناء بريطانيا دفعت أيضا أموال فدية صبت في مصلحة تمويل الجماعات الإسلامية المسلحة، التي سيطرت على شمال مالي العام الماضي. ورجحت هادلستون، التي شغلت منصب السفيرة الأمريكية لدى مالي بين 2002 و2005، أن يكون المبلغ الإجمالي الذي دُفِع كفدية 89 مليون دولار، بين عامي 2004 و2011، وذلك عبر وسطاء من بينهم الجيش المالي، ولا يمكن معرفة المبالغ التي وصلت لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وحلفائه. غير أن وزارة الخارجية الفرنسية أكدت أنه "ليس لديها أي تعليق"، وأضافت أن الدبلوماسية الأمريكية السابقة قالت إنها تستند إلى شائعات. ولم تؤكد فرنسا على الإطلاق دفع مبالغ من جانبها لتأمين الإفراج عن رهائن، وتوقفت عن دفع أموال فدية منذ تولي الرئيس فرنسوا أولاند الحكم العام الماضي، بحسب مصادر دبلوماسية مطلعة. وسياسة فرنسا المتعلقة بدفع أموال فدية أثناء ولاية نيكولا ساركوزي، سلف أولاند، موثقة من قبل الصحفيين، وهو سر تتحدث عنه الدوائر الدبلوماسية ومصدر توتر مع الجزائر وبريطانيا والولاياتالمتحدة، التي تعارض جميعها هذه السياسة. وهادلستون هي أرفع شخصية دبلوماسية تؤكد صراحة دفع أموال فدية، وأول شخصية تؤكد ذلك علنا. وقالت الدبلوماسية المتقاعدة إنه "قبل نحو عامين (...) احتجز تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي رهائن فرنسيين من منجم اليورانيوم في شمال النيجر، ودفعت فرنسا فدية للإفراج عن هؤلاء الرهائن". وأضافت أن "المبلغ المفترض هو 17 مليونا، لكن بالتأكيد لم تذهب فرنسا إلى السلفيين لتقول لهم (هاكم ال17 مليون دولار)". وأضافت أن "الفدية، مثل أي فدية أخرى، دُفعت بشكل غير مباشر ووصلت إلى يد الحكومة المالية وسُلِّمَت، جزء منها على الأقل، للسلفيين". ورغم أن فرنسا في ذلك الوقت نفت تكهنات بأنها دفعت أموالا مقابل الإفراج عن رعاياها، إلا أن الأمر معروف جيدا بين الدبلوماسيين، بحسب السفيرة السابقة. وقالت هادلستون: "عندما تنفي الحكومات دفع أموال فدية، يدرك الجميع إلى حد كبير أن أموالا وصلت بطريقة غير مباشرة عبر حسابات مختلفة وتنتهي في خزائن، لنقول، تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". وردا على سؤال عن مبالغ الفدية التي دُفعت بين 2004 و2011، أكدت السفيرة السابقة أن "الرقم الذي رأيته هو 89 مليون دولار، وهذا بالنسبة لي يبدو صحيحا على الأرجح". وتابعت أن "مختلف الحكومات الأوروبية دفعت أموال فدية عبر الحكومة المالية لضمان الإفراج عن رعاياها، وهذا سمح لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بأن يزداد قوة ويشتري الأسلحة ويقوم بالتجنيد". ونشر الصحفي هرفيه جيسكيير، أحد صحفيي تلفزيونيين فرنسيين اختطفتهما حركة طالبان لأكثر من عام، مذكراته العام الماضي بعنوان "547 يوما"، نقل فيها عن ساركوزي قوله إن فرنسا ليس لديها مشكلة مع دفع أموال فدية. ونقل عن ساركوزي: "لم يمثل ذلك بالنسبة لي أي مشكلة على الإطلاق. نعرف كيف نتصرف بالمال". ونقل نفس الكتاب عن وزير خارجية ساركوزي، آلان جوبيه، قوله إن وكالة الاستخبارات الفرنسية تولت المفاوضات. وفي كتاب آخر بعنوان "القاعدة في المغرب الإسلامي.. صناعة الخطف" نُشر العام الماضي، يقدم الصحفي في "فرانس برس" وإذاعة فرنسا الدولية سيرج دانيال أرقاما مفصلة للمبالغ المفترضة التي دفعتها مختلف الحكومات. ويؤكد أن شركتين فرنسيتين دفعتا ما مجموعه 13 مليون يورو لتأمين الإفراج عن رهائن، فيما دفعت النمسا ثلاثة ملايين يورو، وإسبانيا تسعة ملايين، وكندا ثلاثة إلى خمسة ملايين يورو. وأطلقت مبالغ الفدية المدفوعة في شمال أفريقيا المقارنات مع التمويل الغربي والسعودي للمقاومة الإسلامية للاحتلال السوفييتي لأفغانستان في ثمانينات القرن الماضي. وغذى ذلك الدعم صعود القاعدة بزعامة أسامة بن لادن، فيما أصبحت الأسلحة التي تدفقت على أفغانستان مصوبة إلى قوات التحالف بقيادة الحلف الأطلسي، عندما أُطيح بنظام طالبان في أعقاب هجمات سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة.