«الفتنة مش موجودة عندنا، واحنا زى كل مسلمى ومسيحيى مصر (إخوات)، وعايشين مع بعض ومانعرفش مين ولع الدنيا، المسلمون دخلونا بيوتهم، وحمونا من الهمجيين اللى ولعوا الدنيا، وفى الآخر اتقبض عليهم».. بتلك الكلمات عبّرت 4 سيدات من قرية «الكرم» بمركز أبوقرقاص فى المنيا، عن وحدة أهالى القرية بعد 7 أيام من اشتعال الفتنة. «أم جرجس»: سمعت صوتاً يقول «هاتوا الستات ناخد حقنا منهم».. وجيراننا المسلمون أنقذونا حكاية «الست سعاد» المسيحية العجوز، التى تمت تعريتها فى الشارع، وجارتها «أم مجدى» المسلمة التى أخفتها داخل منزلها، وأعطتها عباءة لتسترها، وكانت تحاول إخفاءها أسفل السرير، وهى والدة «مجدى» المقبوض عليه، بعد أن اتهمهم الأقباط بحرق منازلهم، كانت هى الروايات السائدة بين أهالى القرية، مسلميها ومسيحييها، فى أيام الفتنة. القصة روتها «أم مجدى»، التى تبلغ من العمر 60 عاماً، كانت تبحث عنا بعد أن شاهدتنا نلتقط الصور فى منزل جارتها «سعاد» المعروفة ب«أم عونى»: «يا اولادى تعالوا اسمعونى، أنا اللى اديت سعاد جلبيتى علشان أسترها، وابنى وقف على الباب ومادخلش حد جوه بيتنا، علشان خاف عليها زى أمه، وفى الآخر اتقبض عليه هو وابنه». «أنا غريبة عن قرية الكرم، أهلى عايشين فى قرية شرارة التى تبعد ما يقرب من 5 كيلومترات عن الكرم، اتولدت أنا وسعاد فى أسبوع واحد، وماعرفش غيرها، هى أختى، وكنت أروح أقعد معاها بعد الظهر وبعد صلاة المغرب، ونحكى مع بعض، مفيش كلمة غلط طلعت مننا»، بذلك عبّرت «أم مجدى» عن التحام أهالى القرية وتجاوز الفتن: كنت أجلس داخل منزلى، وخرجت منه لاستدعاء أحد أقاربى لمساعدتى فى شىء، وعقب دخولنا لم أشاهده، فرددت مقولة «أنا كنت باكلم نفسى والواد مش موجود»، ثم سمعت صوت صراخ واشتعال النيران، فخرجت للشارع مرة أخرى، وشاهدت «سعاد» مُجرّدة من ملابسها، فحضنتها وأسرعت بالدخول إلى منزلى «يا حبيبتى يامى ماتخافيش، أخبيكى فين، يا مجدى اقفل الباب واستر أمك سعاد، أجيب لك جلبيتى تنزلى تحت السرير، ولّا أوديكى فين؟»، كذلك شرحت الجارة المسلمة تفاصيل الموقف: «طلبت من ابنى أن يغلق الباب، وبعد أن ارتدت «سعاد» ملابسى توجّهنا بها إلى منزل أحد جيراننا الأقباط، ووقف أهالى القرية ضد المشاغبين، وهم من القرية، لكن لا نعرف أسماءهم، واحنا مانعرفش سبب المشكلة إيه». فى المنزل الملاصق لمنزل «أم مجدى»، جلست «أم جرجس»، ربة المنزل المسيحية، بجوار دراجة بخارية محترقة وبعض الملابس، تنظر إليها وبجوارها أولادها وأقاربها: جارى الأستاذ مجدى وابنه أنقذونى أنا وجوزى من النيران، جوزى اتصاب فى راسه والمواشى كانت هتتحرق، سحبوها ودخلوها بيتهم بعد ما النيران ولعت فى البيت، هكذا تُعبر «أم جرجس» عن شكرها وتقديرها لجيرانها المسلمين: «سمعت صوت بيقول خرّجوا الستات اللى عندكم، هاتوهم ناخد حقنا، لكن اللى أنقذنا هم المسلمين، واللى يقول غير كده كداب، والمتهمين فى الفتنة من البلد ومعروفين». التقت «الوطن» بزوجة «مجدى» المقبوض عليه، ونجله «محمد»، بعد أن اتهمه بعض الأشخاص بحرق منازل الأقباط.. وقفت على باب منزل تُردّد: «جوزى مظلوم، وابنى كان فى قرية الفكرية، أنا وزوجى كنا نجلس داخل المنزل، ثم سمعنا صوت صراخ، وشاهدنا دخاناً كثيفاً يخرج من المنزل المجاور الذى يمتلكه جارنا المسيحى، فهرول زوجى لإنقاذ جيرانه، وتصدى للمشاغبين، وبعد تهدئة الموقف، قبضوا على جوزى، وأنا عايزة الشرطة تفرج عنه وتسمع للستات الأقباط اللى قالوا فى شهادتهم إنه هو وابنه ليس لهم علاقة بالحادث».