هو سيف الحق المغمود، يرتفع ليسقط كل رؤس الشر..فلا تسقط، ثمة أغلال فى عنقه، تجعله رخوا، لا يقصف قلما أو يحسم أمرا مادامت لا تتعارض مع مصلحة الحاكم، ربيب النعمة ،وصاحب حق اختياره، فيقلده مع السيف المنصب، مندوب الحق ووممثل روح القانون، تتلبسه احيانا سلطات الحاكم أو عجز القانون، فيصير مرمى سهام الشعب. قانوني ماهر، تخرج فى كلية الحقوق عام النكسة، وتدرج فى النيابة العامة ونيابة الاستئناف والتفتيش القضائي، حتى عينه مبارك فى هذا المنصب عام 2006، لتكون الأقدار أن يصبح ذاك الرجل مطالبا أن يحقق مع من اختاره وأسرته ورجاله ويفتش فى جرائمهم وماكسبته أيديهم، ليرضي ملايين احتشدوا فى الشارع مطالبين برؤسهم جميعا، ودخل القاضي مرحلة الاختبار. خذل القاضي الجميع وقت كان يملك أن يصبح بطلا أسطوريا، أن يوقف كل رجال النظام السابق ويحيلهم للتحقيق، تهم لا تخفى على أحد، أرتكب أغلبها فى عهده، لكن كانت تلك الفرصة الذهيبة ليصير لسان الشعب وسيفه، تباطأ فى منع عدد من رموز النظام من السفر والتحقيق معهم، فهرب حسين سالم ورشيد وبطرس غالي، وتمكن الباقون من تهريب أموالهم وتوفيق أوضاعهم واتلاف ادلة أدانتهم، كان الثوار فى الميدان يرون الرؤس الكبري تتساقط كثمار رطبة، يتخللهم ساعة احالة أى منهم إلى التحقيق أمل فى عدالة ناجزة ، يهتفون كما يقول نزار قباني: الآنَ أفنَينا فلولَ الهابطينْ أبتاهُ، لو شاهدتَهم يتساقطونْ كثمارِ مشمشةٍ عجوزْ يتساقطونْ.. يتأرجحونْ تحتَ المظلاتِ الطعينةِ مثلَ مشنوقٍ تدلّى في سكونْ وبنادقُ الشعبِ العظيمِ.. تصيدُهم زُرقَ العيونْ ولكن وبمرور الوقت تتهاوى أدلة الإدانة ، قرارات الاحالة إلى القضاء خاوية مما يحقق الثأر، فجنى بعد عام أنصف أغلب المتهمون البراءة، يأخذ عليه البعض موقفه الغامض من سفر المتهمين فى قضية "التمويل الاجنبي للمنظمات" أثناء كونهم قيد التحقيق مع السلطة القضائية التى هو أحد أعمدتها، واعتباره قضية قطع الاتصالات إلى جنحة نظرا لم يتردد عن تورط شخصية عسكرية فى القضية، يعتقد أنه رئيس المخابرات الأسبق، لكن يبقى اللغز الأكبر رفض القائم مقام "العدل" عن فتح التحقيق فى 38 بلاغا قدمت ضد مرشح النظام الدكتور أحمد شفيق، رغم مرور 6 أشهر على تقديمها، لغز أخر يجعل حتى التاريخ عاجز عن انصافه، وهو ما جعل الثوار يطالبون بعزله مرارا وتكرارا، باعتباره أحد أذناب "المخلوع" الباقية لافساد ما قد يدينة، لكن لم تفلح معه المليونيات وهتاف الناس: لم يبقَ فلاحٌ على محراثهِ.. إلا وجاءْ لم يبقَ طفلٌ، يا أبي، إلا وجاءْ لم تبقَ سكّينٌ.. ولا فأسٌ.. ولا حجرٌ على كتفِ الطريقْ.. إلا وجاءْ ليرُدَّ قطّاعَ الطريقْ ليخُطَّ حرفاً واحداً.. حرفاً بمعركةِ البقاءْ في حرقِ أسرابِ الجرادْ في سحقهِ.. في ذبحهِ حتّى الوريدْ مطالب عزله لم تقتصر فقط على الثوار، البرلمان أيضا طالب فى أكثر من جلسة بضرورة عزل صاحب قرار الابقاء على مبارك فى مستشفى شرم الشيخ ثم نقله إلى المركز الطبي العالمي، الرجل الباقى على الكرسي ملتصق بحكم القانون، لا يعزله إلا رئيس، حتى وان بقيت أحداث قتل المتظاهرين فى "محمد محمود" ومجلس الوزراء وماسبيرو والعباسية دون قرار إدانة رغم التحقيق، حتى وإن تباطأ فى تقديم الجاني للمحكمة فى وقت كانت أسرع القرارات هى أحالة الإعلاميين والنشطاء إلى القضاء العسكري. لم يبق في أمتنا معاوية... ولا أبو سفيان... لم يبق من يقول (لا)... في وجه من تنازلوا عن بيتنا.. وخبزنا.. وزيتنا... وحولوا تاريخنا الزاهي... إلى دكان!!