مع قدوم الذكرى الثانية لثورة 25 يناير العظيمة، تمر مصر بكثير من التوتر على الساحة الاقتصادية والسياسية ومؤخراً، الساحة الإعلامية، حيث عبر الكثير عن قلقهم تجاه مجلس الشورى الذى بدأ فى إعداد القوانين والتشريعات الخاصة بالصحافة والإعلام. ففى هذه المرحلة الانتقالية نجد أن الإعلام المصرى يمر بحالة من التخبُّط وعدم الاستقرار، فالإعلام الحكومى ما زال يعانى من سيطرة الحكومة عليه وهيمنته على أجندته الإخبارية، أى أن أولوية الأخبار ما زالت تهتم بأعمال الحكومة بدلاً من أن تهتم بالمشكلات المحلية التى يعانى منها المواطن المصرى. والإعلام الخاص أيضاً يعانى من بعض السلبيات من حيث استخدام البعض للوسائل الإعلامية من أجل مهاجمة الآخر أو تشويهه أو التجاهل التام له. فالجو الإعلامى أصبح متعكراً لأن كثيراً من وسائل الإعلام نجدها منحازة مع رأى واحد أو تيار واحد، ما عدا القليل الذى يحاول ممارسة المهنيّة بقدر المستطاع. فحرية الإعلام مرتبطة بصفتين فى غاية الأهمية: القدرة على إبراز مختلف الآراء ووجهات النظر، والحرية فى الحصول على المعلومات وتدفُّقها. وهذا يتطلب الاستقلال عن أى ضغوط سياسية أو اقتصادية قد تمارَس من أجل إرضاء جهة بعينها، وهذا يرجعنا إلى مجلس الشورى الحالى الذى عليه أن يتوخى الحذر فى القوانين والتشريعات المفسِّرة للنصوص الدستورية المتعلقة بالصحافة والإعلام لتضمن استقلالية وسائل الإعلام. فالإعلام الحر يخدم جمهوره عندما يكون رقيباً على السلطة أو الجهة الحاكمة وليس جزءاً منها، لذلك فلا يجب على الحكومة أن تكون الجهة الوحيدة المسئولة عن تعيين أعضاء الأجهزة الرقابية لوسائل الإعلام (المجلس الوطنى للإعلام والهيئة الوطنية للإعلام) المزمع إنشاؤه، وهذا بهدف الحد من التدخُّل فى مضمون ما يقدَّم للجمهور والقدرة على الحصول على المعلومات وقيام الإعلام بدوره الاستقصائى، بالإضافة إلى أنه من الصعب إنشاء هيئة لوضع الضوابط والمعايير لوسائل الإعلام المختلفة، والأخرى تضع المعايير لوسائل الإعلام المملوكة للدولة، لأنه سيؤدى إلى حالة من التخبُّط، فجميع الوسائل سواء المملوكة للدولة أو الخاصة يجب أن تتبع نفس المعايير والضوابط المهنية. وهذا مطبّق فى جميع الدول التى مرّت بمرحلة انتقالية هادفة لتحقيق إعلام حر ومستقل. كما أن الإعلام المستقل يمكِّن الجمهور من الانخراط فى عملية صُنع القرار من خلال تقديم وجهات النظر المختلفة وتعريف الجمهور بالسياسات التى تتبناها الحكومة، نيابة عن الشعب. وهذا دور مهم فى أى مجتمع ديمقراطى انتُخبت حكومته عن طريق الشعب وتعمل باسم الشعب. لذلك يجب العمل على إنشاء قوانين وتشريعات تمكِّن الإعلام من القيام بدوره الأساسى، وهو إبراز مشكلات المجتمع وتمثيل جميع أطيافه، ويكون الإعلام صوتاً لمن ليس لهم صوت أو ليست لديهم فرصة كافية للتعبير عن أنفسهم ويكون قادراً على إعطاء الفئات المهمّشة الفرصة للتعبير عن آرائهم دون خوف أو ضغط من أى جهة ما، وألا يكون منبراً تستغله بعض الجهات لمهاجمة بعضهم البعض. كما يجب على وسائل الإعلام أن تساعد القراء والمستمعين والمشاهدين فى الحصول على المعلومات وتشكيل آرائهم بموضوعية من خلال عرض وجهات النظر المختلفة. فإن مصلحة الجمهور تكمن فى وجود نظم إعلامية تمارس دورها من خلال قوانين وتشريعات تضمن استقلالها عن مختلف أنواع الرقابة أو السيطرة.