سيدى الرئيس.. عفواً.. بدون سيدى.. رئيس جمهورية مصر الدكتور محمد مرسى، عضو جماعة الإخوان المسلمين المتجذرة فى طين الوطن، الساعية للخلافة على حساب الدولة، القادرة على إعلان الرأى وعكسه فى ذات الوقت دون حياء أو وازع من ضمير يدعى أنه يخشى الله، المقصية لغير المنتمين لها.. رئيس مصر الذى جاء به الصندوق كما تقول أنت وجماعتك، دعنى أحدثك عن مصر حديثاً غير حديث العريفى والقرنى الذى كان فى ظاهره الرحمة وفى باطنه العذاب، دعنى أقل لك كيف عاشت بلادنا أمة فى ذاتها، فكانت نبراساً للعالم يأكل من أرضها ويطمئن الخائف بجوار حدودها، ويسحق جيشها -حتى لو كان بقيادة امرأة- كل غادر حاول انتهاكها. فمن هنا طرد أحمس الهكسوس، وهزم رمسيس الحيثيين، وحمت حتشبسوت الأراضى ووسعت الحدود، وهزم ابن الأيوبى الصليبيين، وأنهى قطز أسطورة التتار، ووصل محمد على لمشارف أوروبا، أما نصر أكتوبر -الذى لم تشارك فيه أنت ولا جماعتك- فكان فخراً لنا وسط العالم، الذى أدرك من يومها ضرورة القضاء علينا وعلى منطقتنا وتقسيمها. وساعدتهم جماعتك وتنظيمك الدولى بدءاً من ثورة الخمينى الذى تعلم علاقتكم به أكثر منى، مروراً باتصالاتكم وتنسيقكم طوال سنوات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا، كما سبق وأعلن بريجنسكى مستشار الأمن القومى فى عهد الرئيس الأمريكى كارتر، انتهاءً بركوب الثورات العربية التى طنطن الغرب وخدع البسطاء منا بأنها نسمات ربيع عربى. رئيس الدولة.. قد تتساءل بينك وبين نفسك عن سبب حديثى هذا الموجه لك؟ أقول لك وأذكر فقد تنفع الذكرى.. قلت لك فى وجهك إنك وشفيق وجهان لعملة واحدة، وإن مصر كبيرة عليكما. وزاد خوفى مع ما صرحت به عن قدرتك فى حل مشكلات مصر فى مائة يوم، فهذا ضرب من الخيال تستطيع به خداع البسطاء السائرين وراءك ووراء جماعتك نياماً. وها أنت بعد ستة أشهر ويزيد من حكمك البهى الذى يختال علينا بحكمته.. غير قادر على حل أى مشكلة مما وعدت به.. فلم نر بركة واحدة من بركاتك التى قالوا إنها ستحل علينا، بل على العكس تأتينا الكوارث تباعاً.. ولم يعد الخوف والقلق من قدرتك على الحكم أربع سنوات قادمة، بل من قدرتنا على التحمل تلك المدة. يا رئيس مصر التى شاء قدرها أن تكون حاكمها، اعلم أن أولوياتك أنت وجماعتك ليست فى النهضة التى ملّ الناس حديثك عنها، أعلم ذلك عن يقين المتابع لا عن تحليل المشاهد. فللنهضة أصول وقواعد لم أرك تؤسس لقاعدة واحدة منها، لم تضع نظاماً للعمل، ولم تعلن مشروعاً قومياً للإصلاح، ولم تجتمع إلا بمن تأتمر له، ولا تفعل إلا ما يمليه عليك مكتب إرشادك. اعلم أن الإرث ثقيل والفساد أثقل، ولكن ماذا فعلت أنت لتصلح النفوس والبلاد؟ لا تجهد نفسك بالتفكير الذى هو محرم لديكم، ودعنى أحدثك عن فعلك.. لقد سعيت لتمكين جماعتك من مفاصل مصر وأطرافها، أصبحتم تنتشرون كالسرطان فى جسدها الواهن غير عابئين بموتى أو قتلى أو كوارث. عيونكم على ما وضعتم من هدف، تطمئنون لدعم أمريكا ومن ورائها حلفاؤها، لكم. ولذا لا تشغل بالك بالنهضة أو بالحديث عنها، ركز فى التمكين لجماعتك وتنظيمك.. ركز فيما تفعل ونفذ ما يطلب منك، ودع جماعتك تتآمر وتخطط. إياك أن تسمح لضميرك أن يؤنبك ولو للحظة واحدة.. لا تخشَ على مصر.. لا لأنكم تحرسونها وتحمون حماها كما تدعون، أو لأن بها نخبة سياسية واعية أطمئن على بلادنا وهى بين أيديهم.. ليس هذا سبب طلبى منك بعدم القلق على وطن يحزننى ما بات عليه وأصبح، بل لإيمانى بمقولة رب العزة.. ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.