هي فيروز جارة القمر.. شاعرة الصوت وصوت الحب، وهو رياض السنباطي، أسطورة التلحين العربي الذي لحن – فقط– لأم كلثوم نحو 50 لحنًا. لك أن تتخيل قطعة موسيقية من تلحين رياض السنباطي.. وغناء السيدة فيروز.. "أكيد شيء من عالم تاني وكنا نأمل إنه يحصل".. لكن المفاجأة إنه حصل فعلًا، وفيروز غنت 3 أغنيات من ألحان رياض السنباطي.. لكن للأسف، مفيش أي حد سمع الأغاني دي لحد دلوقتي. رياض السنباطي من الموسيقيين القلائل اللي اتصلت بيهم فيروز تطلب منهم تعاونًا فنيًا، وخصوصًا في ظل الحصار المفروض عليها من المؤسسة الرحبانية فيما يتعلق بالتلحين والتوزيع. والسنباطي لأنه كان فاهم، فتخيل اللقاء بينه وبين نفسه وحط تصور من دون حتى ما يعرف الكلمات.. كان كل همّه إنه يطلّع للناس فيروز بشكل سنباطي.. فيروز بشكل جديد ومختلف.. وخصوصًا إنه قال وقتها إنه يدرك تمامًا إن فيه مناطق وطبقات في صوت فيروز لم تستغل بعد. واستقر السنباطي أخيرًا على كلمات الأغاني اللي هيلحنها.. وكانوا 3 "آه لو تدرى بحالي" من تأليف عبدالوهاب محمد، وأغنية "بيني وبينك خمرة وأغاني"، وأغنية "أمشي إليك" وهي من تأليف جوزيف حرب، وأصر إنه يضع فيهم لمسة من لمساته فكانت الألحان سنباطية لكنها جديدة ومبتكرة في الوقت نفسه. أول ما انتهى من التلحين عمل زيارة سرية لبيروت في أوائل الثمانينيات.. وهناك قابل فيروز وسمعها الأغنية على العود بصوته، وابتدت تدندن معاه اللحن، وسجلوا البروفة دي على شريط كاسيت، كان السنباطي بيغني ومن وراه فيروز تقول: "بيني وبينك خمرة وأغاني، فاسكب فعمري في يديك ثواني، فما همنا انطفأت نجوم بيننا، وتوقفت الأرض عن الدوران، آه لو احترق الزمان، وإننا برماده فى الريح مرتحلان"، وانتهت فيروز من الغنا وقالتله: "أنا ما شفت إبداع أكتر من هيك". وانتهت زيارة رياض السنباطي السرية ورجع القاهرة تاني عشان يظبّط الشكل النهائي ل"اللحن".. في الأثناء دي كانت العلاقة بين فيروز وعاصي الرحباني، وصلت لطريق مسدود وانفصلوا. لكن فيروز أصرت إنها تغني الأغاني من ألحان رياض السنباطي عشان تتحدى الشائعات اللي قالت إنها مش هتقدر تقدم حاجة عليها القيمة بعد الأخوين رحباني. وكان السنباطي قال في مرة "الباقي من عمري ده عشان فيروز"، لكنه للأسف مكانش يعرف إن اللي باقي من عمره مش كتير، ورحل عن عالمنا رياض السنباطي في سبتمبر 1981. بعد وفاة السنباطي، قالت فيروز، إنها سجلت الأغاني في استوديو في لبنان لكن التسجيلات كانت سيئة فأجلت تسجيلها لمرة تانية.. وأعادت تسجيلها بعدها ب10 سنين، تحت إشراف الموسيقي توفيق باشا عام 1995، لكن مازال مصير التسجيلات مجهولًا. حتى في حفلتها بمصر عام 1989، انتشرت شائعة إن فيروز هتغني ألحان السنباطي، لكن للأسف محصلش، وكبرت فيروز وصوتها أصبح لا يقدر على غناء ألحان السنباطي، وفوتت علينا فرصة نادرة إننا نشوفها بلمسة سنباطية.. وما زال مصير التسجيلات القديمة مجهولًا حتى اللحظة.