«الحكومة تعمل على إنهاء التشريعات الإعلامية قريباً تمهيداً لإرسالها إلى مجلس النواب، وهى حريصة كل الحرص على توافق أبناء الصحافة والإعلام حولها»، هكذا تحدث رئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل، قبل أيام عن الموقف الحكومى النهائى من قوانين الإعلام المحبوسة فى «درج الحكومة» منذ عهد المهندس إبراهيم محلب حتى الآن. رحلة تشريعات الإعلام الموحَّدة بدأت، حسب ضياء رشوان، نقيب الصحفيين السابق والأمين العام للجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية، فى منتصف عام 2014، بعدما ظلت اللجنة، التى ضمت 50 عضواً ممثلين لنقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة والإعلاميين بماسبيرو والإعلام الخاص والنقابة العامة للعاملين فى الطباعة والنشر وخبرات إعلامية ونقابية وقانونية مختلفة، تعمل بكل جد وعقدت قرابة 150 جلسة، لإنتاج تشريع جديد هو القانون الموحد للإعلام، يتماشى مع الدستور ويواكب المستحدثات ويحترم الحريات العامة. «رشوان»: التعديل الوزارى أجَّل الاجتماع باللجنة الوزارية لحسم الصياغة النهائية ويوضح «رشوان» أن إنتاج التشريع خُطط ليتمّ من خلال تشكيل ثلاث هيئات: أُولاها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وهو لا يملك ولا يدير، وكل وظيفته ضبط الأداء المهنى لكل وسائل الإعلام فى مصر. وثانيتها هيئة وطنية للصحافة القومية، ثم هيئة وطنية للإعلام، لتنتهى من المسودة الأولية للقانون فى يونيو 2015، حتى تم الاتفاق على الصياغة النهائية للقانون فى سبتمبر 2015، وأرسلته اللجنة إلى مجلس الوزراء برئاسة إبراهيم محلب فى ذلك التوقيت. «الحظ العثر» بحسب وصف «رشوان»، تسبب فى أنه بعد 72 ساعة من إرسال القانون إلى الحكومة، رحلت بكامل تشكيلها، وظهرت حكومة جديدة للنور برئاسة شريف إسماعيل. الغريب أن إبراهيم محلب، الذى شدد فى أكثر من مناسبة إعلامية خلال توليه مسئولية الحكومة، على أن الدولة ترحب بأى تشريعات من أجل دعم حرية الصحافة ومسئولية الكلمة، شكّل لجنة لصياغة التشريعات الصحفية والإعلامية فى أكتوبر 2014، عُرفت باسم «اللجنة الحكومية»، بعضوية وزيرَى العدل والعدالة الانتقالية، إلى جانب المهندس محمد الأمين رئيس مجلس إدارة مجموعة «المستقبل»، والدكتور صفوت العالِم الأستاذ بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، وأسامة هيكل وزير الإعلام الأسبق، وعصام الأمير رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ومكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق، والكاتب الصحفى صلاح منتصر. رئيس الوزراء: سنرسل القانون إلى «النواب».. و«الأعلى للصحافة»: الحكومة غير متحمسةقانون الصحافة والإعلام هذا الأمر دفع نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة إلى إصدار بيان مشترك للرد على قرار «محلب»، لتأكيد أن هذا مخالف للمادة 77 من الدستور التى توجب مشاركة نقابة الصحفيين فى مشروعات القوانين التى تخص المهنة، وكذلك مخالفة المادة 70 من قانون تنظيم الصحافة التى تنص على ضرورة أخذ رأى المجلس الأعلى للصحافة فى الأمور المتعلقة بالمهنة. وقال «رشوان» عن الموقف الحالى للقانون: «تشكيل لجنة مصغرة من الممكن أن نسميها فنية، نستمع فيها إلى استفسارات الحكومة حول القانون، تضم فى عضويتها وزراء العدل والتخطيط والثقافة والاستثمار والاتصالات والتنمية المحلية، للوصول إلى صياغة نهائية لمشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، بجانب 9 شخصيات من الجماعة الصحفية. الفترة الماضية كانت الحكومة منشغلة بالتعديل الوزارى، وننتظر تحديد موعد للاجتماع للوصول إلى الصياغة النهائية قبل إرسال القانون إلى مجلس النواب». ورداً على تصريحات بعض أعضاء مجلس النواب، وعلى رأسهم أسامة هيكل، بأن حزمة التشريعات الإعلامية بشكل كبير لن تلحق دور الانعقاد الأول للمجلس، قال «رشوان»: «الحديث عن هذا الأمر سابق لأوانه، الأهم هو الوصول إلى صياغة نهائية مع الحكومة». الحكومة دائماً، على لسان متحدثها الرسمى السفير حسام القاويش فى تصريحات إعلامية متعددة، تؤكد أنه لا تعطيل لحزمة القوانين، وأنها حريصة كل الحرص على التوافق مع أبناء الصحافة والإعلام. ونقابة الصحفيين، على لسان أسامة داود عضو مجلس النقابة، تقول إن داخل المؤسسات الصحفية القومية وبين الجماعة الصحفية حالة احتقان، بسبب تأخر صدور التشريعات الصحفية والإعلامية المكملة للدستور، مشيراً إلى أنه من حق الصحفيين سرعة مناقشة التشريعات بمجلس النواب وصدورها لإنشاء الهيئات الثلاث المنظمة للمهنة. وبحسب ما أعلنت اللجنة الوطنية للإعلام فى أغسطس 2016، فمشروع القانون الذى ينظِّم شئون الصحافة والإعلام يضم سبعة أبواب: الأول عن حرية الصحافة والإعلام وواجبات الصحفيين والإعلاميين، والثانى عن إصدار الصحف وملكيتها، والثالث عن إنشاء وسائل الإعلام وملكيتها، والرابع عن وسائل الإعلام القومية، والخامس عن وسائل الإعلام العامة، والسادس عن مجالس تنظيم الصحافة التى نص عليها الدستور وتتضمن المجلس الأعلى للصحافة والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، أما السابع فيتضمن عدداً من المواد الانتقالية. نقيب الصحفيين الأسبق مكرم محمد أحمد، عبَّر فى كتاباته الصحفية خلال الأسابيع الماضية، عن حيثيات وأسباب رفضه قانون الإعلام الموحد، مؤكداً أن القانون لا يحقِّق مصالح الأعضاء وملىء بالثغرات، مضيفاً أن «القانون وحَّد بين الصحفيين والإعلاميين فى بند واحد وهذا خطأ كبير لاختلاف طبيعة العمل، فضلاً عن أن القانون اختزل قانون المعلومات فى بندين اثنين، واقتصر على حق الصحفى فى الحصول على المعلومة دون أن يحدِّد آليات ذلك ولا طرق تنفيذها ولا كيفية مواجهة عدم التنفيذ». وشدد على أن القانون الموحَّد به ثغرات كثيرة ويتدخل فى إدارة المؤسسات الخاصة بشكل غير مسبوق، لأن النقابة ليس لها علاقة بإدارة المؤسسات، وإنما دورها حماية الأعضاء والدفاع عن حقوقهم وتنمية قدراتهم، متابعاً: «عندما تدير النقابة المؤسسات سنقع فى أخطاء كثيرة». صلاح عيسى، الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة عضو لجنة التشريعات الصحفية والإعلامية، يقول إنه توقع منذ فترة عدم إقرار قانون الإعلام الموحد فى الوقت الحالى، لعدم تحمُّس الحكومة للقانون وتعطل إجراءات الانتهاء منه. وأضاف «عيسى» أن من أسباب عدم تفاؤله حول مرور القانون أيضاً، عدم قدرة مجلس النواب على مناقشة القانون فى الفصل التشريعى الحالى لضيق الوقت ووجود التزامات دستورية عليهم الانتهاء منها قبل يونيو، مما سيؤخِّر صدور القانون إلى نهاية العام، لأن الفصل التشريعى الثانى لن يبدأ قبل أكتوبر، مشيراً إلى أنهم لا يملكون سوى الانتظار.