سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وثائق بريطانية: مبارك رفض اقتراحاً أمريكياً باستقبال الفلسطينيين بعد غزو لبنان لجنة مخابراتية: العرب شعروا بتواطؤ أمريكا.. وسفير بريطانيا لدى واشنطن: إسرائيل أبلغت أمريكا بالعملية مسبقاً
نشرت الحكومة البريطانية وثائق جديدة، دونتها الخارجية البريطانية ورئاسة الوزارة خلال غزو لبنان عام 1982، تناولت المنظور الدبلوماسى للشرق الأوسط تجاه الحرب، وموقف الدول العربية، والولاياتالمتحدة، وبريطانيا من هجوم إسرائيل على الأراضى العربية، وتزايد مخاوف احتلال أراضٍ عربية جديدة. ومن المعروف أن شرارة الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 1982، بدأت من العاصمة البريطانية «لندن»، بعد إطلاق مسلح النار على وزير الخارجية الإسرائيلى شلومو أرجوف، حيث ظن الجميع حينها أن مطلق النار هو عضو بمنظمة التحرير الفلسطينية، إلا أنه اتضح فيما بعد أنه من رجال أبونضال، رجل المقاومة الفلسطينية، المدعوم من العراق، والعدو اللدود لرئيس السلطة الفلسطينية آنذاك، ياسر عرفات. الحرب تسببت فى حالة من الذعر، والفزع للرئيس السابق حسنى مبارك، فقد كان أكثر ما يخشاه بعد اندلاع شرارة الحرب، هو إعلان حكومة فلسطينية من المنفى فى القاهرة، وهو ما كان على وشك الحدوث بالفعل، حيث أرسل الرئيس الأمريكى آنذاك رونالد ريجان، رسالة إلى مبارك أكد له أن الأمريكان يعتقدون أن المكان المنطقى للسلطة الفلسطينية، ومنظمة التحرير هو مصر، وهو ما رفضه مبارك بشكل قاطع آنذاك، قائلاً إن الحكومة المصرية أعربت عن خيبة أملها من عرض الولاياتالمتحدة لمثل هذا الطلب، ومشيراً إلى أن الرأى العام المصرى لن يقبل بمثل هذا الأمر أبداً، ولن يسمح بانتقال السلطة الفلسطينية إلى القاهرة. ويُعتبر موقف مبارك تقريباً مشابهاً تماماً لموقفه فى الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2006، فبحسب مذكرات وزير الخارجية الأسبق، أحمد أبوالغيط، أطلع مبارك على موعد الحرب على غزة قبل وقوعها، إلا أنه تجاهل كافة المعلومات التى وردت عن ذلك، وأشار أبوالغيط فى مذكراته إلى أن مصر رفضت مقايضة أراضٍ مصرية، وفلسطينية، وإسرائيلية. ولم يختلف الموقف السعودى عن ذلك، إذ حثت الرياض رئيسة وزراء بريطانيا، مارجريت تاتشر، على اتخاذ موقف للحيلولة دون المزيد من تصاعد الأزمة، وذكرت الوثائق السرية أن تاتشر تجاهلت الدعاوى الكثيرة التى حثتها على طلب تدخل الرئيس الأمريكى رونالد ريجان لمنع تقدم إسرائيل إلى غرب بيروت، وهو ما حدث بالفعل. واجتمع بعدها رئيس الوزراء، مناحم بيجن، ووزير دفاعه، أرييل شارون، واتخذ قرار شن الحرب على جبهة تحرير فلسطين فى لبنان، وتشير الوثائق الدبلوماسية التى تناقلتها السفارات البريطانية حول العالم إلى أدلة على أن الموقف البريطانى يدعم الاستمرارية، والتغيير للحظة الأخيرة، حيث رفضت رئيسة الوزراء البريطانية آنذاك، مارجريت تاتشر، الحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية، ليس فقط لأنها لا تعترف بإسرائيل وإنما لأنها لم تستبعد الإرهاب من حساباتها أثناء العمل على تحرير الأرض، وعلى الرغم من ذلك استقبلت وفداً من جامعة الدول العربية فى الوقت الذى لم توصد فيه الباب كليةً فى وجه منظمة التحرير. وفوضت تاتشر بعد ذلك وزير خارجيتها، دوجلاس هيردس، لمقابلة فاروق قدومى، وزير خارجية عرفات آنذاك، ما اعتبره الجميع حينها اعترافاً دولياً بالجبهة التى كانت تكافح من أجل الاعتراف بها كممثل وحيد لفلسطين، وهو ما وضعها فى محل الشك بعد موافقة بريطانيا على الالتقاء بأحد مندوبى المنظمة. وبهذا الشكل، أحدثت بريطانيا توازناً بين تعاطفها مع العرب، نظراً للغزو الإسرائيلى للبنان، وعدم تجاهل الحقيقة التى تشير إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلى تعرض لهجوم على يد أحد عناصر إحدى الجبهات المنشقة عن منظمة تحرير فلسطين، وفقاً لما ورد فى المذكرات الوزارية السرية البريطانية. ومثّل الموقف البريطانى، الذى تضمن شبه اعتراف بمنظمة التحرير، مثاراً للقلق بين أصدقاء بريطانيا فى المنطقة، حيث رأى الملك حسين، ملك الأردن، أن الخطر الذى يخشاه سيدخل فى نطاقه الأمنى الحصين الذى يحافظ عليه لسنوات، حيث توقع أن يكون هجوم إسرائيل على لبنان، والتعاطف البريطانى مع الفلسطينيين سينقل ياسر عرفات ورفاقه إلى الأردن، وهو ما دعاه إلى التأكيد أن أعضاء الجبهة الذين يحملون جواز سفر أردنياً فقط، هم من سيُسمح لهم بدخول الأردن، وبعد تحقيقات مطولة حتى يتمكن من استبعاد غير المرغوب فيهم. ووفقاً للوثائق الدبلوماسية البريطانية المفرج عنها، حذر الملك حسين رئيس وزراء بريطانيا فى ذلك الوقت، من هولوكوست غير مسبوق وحمامات دم ستشهدها المنطقة، إذا ما استمرت الحرب الإسرائيلية على لبنان واستهداف عناصر جبهة التحرير هناك. وفقاً للوثائق، فإن الإدارة الأمريكية أرسلت وفداً، سعى إلى التوصل إلى قرار بوقف إطلاق النار بين الجانبين، ووفقاً للسفير البريطانى لدى واشنطن فى ذلك الوقت، الذى التقى ألكسندر هيج، وزير خارجية ريجان، كان الأمريكيون متورطين فى الموقف إلى أبعد الحدود، حيث أقحمتهم إسرائيل فى الأمر فى كل خطوة من خطوات العملية العسكرية فى لبنان. وكانت المذكرات التى دونها السفير البريطانى وأرسلها إلى الخارجية فى لندن، أشارت إلى وجود انقسام داخل الإدارة الأمريكية حول دعم إسرائيل، إلا أنه كالعادة، حُسمت الأمور لصالح المعسكر الموالى لإسرائيل فى إدارة ريجان. كما أشارت الوثائق إلى أن براين يوركوهارت، أحد مسئولى الأممالمتحدة البريطانيين، كان له دور فى تمهيد الطريق بالتنسيق مع مسئولين أمريكيين أمام مطالبة إسرائيل بالسماح للمنظمات الإنسانية بالدخول وسط صمت عربى كامل، وعدم استعداد واضح من جانب كل زعماء العرب للتدخل من أجل إنقاذ آلاف الفلسطينيين الذين كانوا يلقون حتفهم على أيدى الإسرائيليين الذين يمارسون الاغتيال الجماعى ضدهم، وفقاً للوثائق البريطانية السرية المفرج عنها من وزارة الخارجية. ومن بين المواد، والوثائق التى أفرج عنها حتى الآن من الأرشيف البريطانى، تبقى وثيقة واحدة تثبت مدى فعاليتها يوماً بعد يوم، وصدرت ضمن التقرير السرى للجنة المخابرات المشتركة فى 22 يونيو 1982، حيث قال التقييم حينها إن العالم العربى أصبح يشعر بشكل كامل بأن أمريكا تواطأت، إن لم تكن باركت، الاجتياح الإسرائيلى للبنان، حيث إن كثيراً من الحكام العرب يرون أن أمريكا فشلت فى استخدام نفوذها على إسرائيل بشكل فعال، للحد من عدوانيتها ومنع احتلال المزيد من الأراضى العربية. وفى الوقت الذى تنشر فيه بريطانيا تلك الوثائق عن حرب لبنان عام 1982، تدعو الولاياتالمتحدة، والاتحاد الأوروبى لإدراج حزب الله اللبنانى ضمن قوائم المنظمات الإرهابية، وفرض عقوبات على تلك المنظمة، ويشمل مشروع القرار الذى قدمته واشنطن، بحجة أن حزب الله منظمة إرهابية تجر المنطقة إلى حرب جديدة على لبنان، منعها من استخدام مناطق الاتحاد الأوروبى لجمع التبرعات أو التدريب أو حتى الدعاية الإعلامية.