على مدار الخمس سنوات الأخيرة التى تعاظم فيها دور مواقع التواصل الاجتماعى فى تحقيق الهدف منها فى هدم الجدران والحواجز المكانية والزمنية وخلق طفرة فى التواصل بين قطاع كبير وشرائح عمرية واجتماعية ضخمة، بينما نجح الفنانون فى تحقيق الاستفادة القصوى من تلك المواقع بمختلف أسمائها، سواء التى تحتل الاهتمام الأكبر مثل «فيس بوك» و«انستجرام»، أو التى تستهدف جمهوراً محدداً مثل «تويتر»، و«يوتيوب». «حلمى»: حرب شديدة بين الفنانين على عدد المتابعين.. والبعض يلجأ للحسابات المزيفة لكن عمرها قصير كما دخلت مواقع التواصل الاجتماعى، وخصوصاً موقع «فيس بوك» بقوة، ضمن منظومة الرياضة المصرية، وبات أحد أهم عناصر اللعبة فى مصر فى السنوات الأخيرة، إلا أنه دائماً ما يقترن بالأزمات العنيفة، التى تتسبب فى مشاكل بالجملة لمنظومة الرياضة بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص. صراعات، اعتذارات، أخبار، مفاجآت وحروب باردة سيطرت على صفحات النجوم العرب فى مواقع التواصل الاجتماعى، فأصبح ضرورة عصرية للفنانين فى مقياس مدى شعبيتهم بجانب فتح نافذة مباشرة فى التواصل مع المعجبين بعيداً عن وسائل الإعلام، حتى أصبحت تلك المواقع مادة دسمة لبعض الصحف والقنوات الفضائية فى معرفة أحدث أخبار الفنان والحصول على صور حصرية وتفاصيل عن أحدث أعمالهم، فاستخدم بعض الفنانين تلك المواقع لإعلان اعتزالهم الفن مثل شيرين عبدالوهاب، ساندى، وتامر عبدالمنعم، كما شهد مجموعة من الانفصالات مثل ريم البارودى وأحمد سعد، روبى والمخرج سامح عبدالعزيز، فضلاً عن الصراعات بين أحمد عز وزينة، أحلام وقائمة طويلة من الأشخاص، أو اعتذار شيرين عبدالوهاب للفنان شريف منير عقب الأزمة التى حدثت بينهما ووصلت إلى صدور حكم قضائى بحبس المطربة شيرين عبدالوهاب 6 أشهر بتهمة سب وقذف الفنان شريف منير. بينما تشهد صفحات التواصل الاجتماعى تنافساً على أعداد المتابعين، فتحظى نانسى عجرم بما يقرب من 20 مليون متابع على صفحتها الرسمية على «فيس بوك»، واحتفلت عندما وصل عدد متابعيها إلى 7 ملايين على «انستجرام»، بينما تشتعل المنافسة بين المطربات اللبنانيات فى الحصول على أعلى متابعات، فيتفاوت عدد المتابعين بين أليسا، هيفاء وهبى، ميريام فارس. لم يقتصر ارتباط الفنانين بتلك المواقع كنافذة مباشرة للتعامل مع الجماهير أو استخدامها كمقياس لمدى شعبيتهم، ولكنها وصلت لحد هوس بعض النجوم بتلك المواقع، وذلك بعد ما حولت الفنانة الإماراتية أحلام صفحتها إلى منطقة ساخنة من النزاعات بأشكالها، فدخلت فى مجموعة كبيرة من الصراعات بدعم ممن أطلقت عليهم «الجيش الحلومى» الذى يصل إلى 4 ملايين متابع على «انستجرام» ويتجاوز ال5 ملايين على «فيس بوك»، فبدأت خلافاتها مع الفنانة الكويتية شمس، واللبنانية نضال الأحمدية ومواطنها الفنان راغب علامة بعد ما ترك برنامج اكتشاف المواهب «آراب أيدول»، والإعلامى المصرى محمد الغيطى، بالإضافة للمطربة نجوى كرم، شذى حسون، والفنانة آمال ماهر، كما تعدى هجوم أحلام على أشخاص بعينهم ووصل إلى انتقاد شعوب وثقافات، ما أدى إلى غضب كبير فى صفوف متابعينها، لتثير غضب السعوديات عندما أعلنت رفضها لقيادة المرأة السعودية للسيارة، بالإضافة إلى اللبنانيين الذين عايرتهم بالقمامة المنتشرة فى شوارع بلادهم فى تغريدة لها «أنا بقول للشحاتين بدل ما يتكلّموا عن رأسهم الملكة خل يلمّوا الزبالة اللى ملّت الشوارع كنوع من الوطنية»، فضلاً عن استعراض مجوهراتها، ملابسها وأحذيتها حتى سيارتها بشكل مبالغ فيه. «غالى» ينفى علاقته بصفحة تجاوز متابعيها مليون مشجع.. والألتراس يستغل «فيس بوك» لنشر البيانات وذكر ميدو حلمى، المسئول عن الصفحات الرسمية لمجموعة من الفنانين، أنه فى حاجة مبدئية لمعرفة شخصية الفنان بشكل أساسى حتى يستطيع إدارة صفحاته بالشكل الذى يتوافق مع شخصيته وهو ما ينعكس على المتابعين بعد ذلك، وتابع ل«الوطن»: «الفنانون الكبار لا تعكس السوشيال ميديا مدى شعبيتهم، فالفنان محمد منير لم يكن موجوداً على «فيس بوك» سوى منذ فترة قصيرة إلا أن شعبيته لم تتأثر. وأضاف «يلجأ بعض الفنانين أحياناً إلى شراء متابعين من خلال حسابات مزيفة لزيادة عدد المتابعين لديهم على صفحاتهم الرسمية سواء على «فيس بوك» أو «انستجرام» وهو أمر منتشر بين البعض فى الفترة الأخيرة، ولكن عمره قصير ويُعرف بسهولة من خلال نسب التفاعل الموجودة على الصفحة». يرى الناقد طارق الشناوى أن مواقع التواصل الاجتماعى سلاح ذو حدين فى أيدى الفنانين، قائلاً «هناك فنانون يجيدون التعامل مع السوشيال ميديا واستطاعوا تقديم وجه جيد دول الدخول فى تفاصيل حياتهم الشخصية، مثل الفنان أحمد حلمى، ويتواصل مع جمهوره بطريقة مختلفة سواء من خلال معلومة أو موقف طريف، على عكس أشخاص استخدموا تلك المواقع بطرق مختلفة مثل شيرين أو أحلام بكتابة عبارات تستفز جمهورها أو تدخل بها فى صراعات، وبعضهم يخونهم التعبير اللفظى فتكون مشكلة كبيرة، وهذا لا يعنى أن الحل هو الاستغناء عن تلك المواقع كوسيلة مهمة فى تحقيق التواصل، فلا بد أن يدرك الفنان أن تلك الصفحات تتيح له الفرصة فى تقديم صورة حقيقية له بعيداً عن الكاميرا، وإدارتها تحتاج إلى ذكاء شديد لتقديم نفسه كما يريد وكما يرى نفسه، ورسم ملامح صحيحة لأنفسهم». ومن جانبه قال الخبير الإعلامى ياسر عبدالعزيز، إن السوشيال ميديا قصرت المسافة بين الفنانين والشخصيات العامة بشكل عام والجمهور، بينما وجدها الفنانون فرصة للتخلى عن الوسطاء فى العلاقة بينهم، سواء كانت الصحافة أو الإعلام، كما أعطت الجمهور فرصة للتواصل مع الفنانين سواء من خلال التعليق على أعمالهم أو انتقادهم، وتابع عبدالعزيز: «هناك وجه سلبى لتلك الظاهرة أن بعض الفنانين يعتقدون أن مؤشر شعبيتهم على تلك المواقع مقياس حيوى لوجودهم وتأثيرهم وبالتالى أصبح تعاملهم مع «فيس بوك» أو «انستجرام» باعتبارهما ترمومتراً ولا بد أن تبقى الحرارة التى يقيسها مرتفعة عند أقصى حد، وهذا ما يدفع بعضهم إلى التحول إلى كائن «تويترى» أو «فيس بوكى»، يفقد جزءاً من تركيزه فى عمله ويصب الجزء الأكبر منه على معارك ومناقشات على تلك المواقع، مما يضطره أحياناً للحديث فى مواضيع خارج نطاق خبراته أو تخصصه سواء كانت موضوعات سياسية أو دينية». وأضاف الخبير الإعلامى: «كما يدخل بعض الفنانين من خلال مواقع التواصل فى مهاترات ومعارك مجانية، الهدف منها أن يبقى هو محل تسليط الأضواء والاهتمام ويكون أسعد أيام حياته إذا تحول إلى «ترند» حتى إذا كان ينتقد أداءه، لتتحول تلك المواقع من وسائل يستخدمها الفنان أصبحت هى من يستخدم الفنان، وتبعده أحياناً عن تصوره لدوره وتخصصه، لذلك أفضل الفنانين هم من يستطيعون تطويع تلك الوسائل فى خدمتهم بشكل سوى متجنبين عيوبها، ولكن من يتصدر المشهد والساحة أصحاب الاستخدام السيئ». «عبدالعزيز»: البعض يدخل فى مهاترات ومعارك مجانية بهدف البقاء تحت الأضواء.. وأسعد أيامه عندما يصبح «ترند» ومن أهم الأزمات التى يثيرها «فيس بوك» فى الكرة المصرية فى الفترة الأخيرة، تحوله لمنبر بث بيانات مجموعات «ألتراس» على اختلاف ميولها، وهو ما يتسبب فى أزمات بالجملة سواء مع الأندية أو جهات الأمن قبل المباريات الحاسمة فى البطولات المختلفة، كما تسببت صفحات الألتراس على «فيس بوك» فى ازدياد حالة الاحتقان بين الجماهير المختلفة، وهو ما تجلى قبل ساعات من مباراة الأهلى والمصرى الشهيرة فى بورسعيد، وما تم من تراشق بين جماهير الفريقين عبر الصفحات الرسمية للألتراس. ولم تتوقف أزمات «فيس بوك» عند هذا الحد، ولكنها امتدت لتشمل الحسابات الوهمية للاعبين والمسئولين، وهو ما يتسبب بحالة كبيرة من الإحراج للاعبين، حيث تنشر هذه الصفحات تصريحات تنقلها وسائل الإعلام المختلفة، على أنها صادرة من اللاعبين أنفسهم، دون التأكد من صحتها، وأبرز الحالات كانت لحسام غالى قائد النادى الأهلى، الذى تحمل إحدى الصفحات الشهيرة اسمه ووصل عدد المتابعين لها لأكثر من مليون متابع، وهو ما دفع غالى للخروج بتصريح رسمى، أكد خلاله أنه لا علاقة له بالصفحة التى تحمل اسمه، والتى تسببت فى حرج بالغ له لما تقدمه من محتوى قد يتسبب فى أزمات كبيرة للاعب نفسه، قبل أن تغلق الصفحة لانتهاكها حقوق الشركة الراعية للدورى المصرى، كما امتدت أزمة الحسابات الوهمية لتشمل الأندية نفسها، مما دعا كل نادٍ لإنشاء صفحة رسمية له ليبتعد عن شبهات الصفحات الوهمية التى تشيع الفتنة بين الجماهير وبين الأندية وبعضها بعضاً. وقدم إنشاء كل ناد من الأندية الجماهيرية صفحة رسمية خاصة به تنشر آخر أخبار النادى الرسمية، وتكون منبراً له على موقع «فيس بوك» خدمة كبيرة لقطاع عريض من جماهير هذه الأندية الذين يهتم معظمهم بالدخول على هذه الصفحات بدلاً من متابعة أخبار ناديهم عبر وسائل إعلامية أخرى، لكن الأمر فى الوقت نفسه أدى إلى نشوب صراع من نوع آخر بين هذه الأندية على صفحات التواصل الاجتماعى، من خلال بعض التلميحات التى يقوم بها مسئولو هذه الصفحات على الأندية المنافسة. وامتدت أزمات «فيس بوك» فى الفترة الأخيرة بعد قيام شركة «بريزنتيشن» الراعية لاتحاد الكرة بالحفاظ على حقوقها بغلق الصفحات التى تعرض ملخصات وأهداف مسابقة الدورى العام، غير أن هذه الخطوة أثارت غضب عدد كبير من النشطاء الذين كانوا يتابعون أهداف وملخصات الدورى عبر هذه الصفحات، ليدخل صراع صفحات «فيس بوك» منحنى جديداً فى الفترة الأخيرة.